قرارات حكيمة وتوجه صحيح لمجلس الوزراء السعودي نحو متابعة ومراقبة مؤسسات الدولة ووقف الإجراءات غير النظامية المتعلقة بالصرف المالي للمحافظة على المال العام، والعمل على ترشيد الإنفاق فيها لمحاولة تخفيض العجز في الميزانية ووقف الفاقد من المال العام. وهذه قراءتي لقرار مجلس الوزراء بتاريخ 17 ربيع الأول 1437هـ الخاص بالرواتب والمزايا التي تمنح لمحافظي ورؤساء الهيئات الحكومية والصناديق الحكومية، وذلك بالوقف الفوري لصرف رواتب ومزايا مسؤوليها التي تخالف أنظمة ولوائح الرواتب والبدلات والمزايا المالية والعينية في الدولة. ولقد أتى قرار مجلس الوزراء بناء على ما سجله ديوان المراقبة العامة من تجاوزات مالية ممثلة في رواتب ومزايا لمحافظي المؤسسات العامة ورؤساء الهيئات والصناديق المعينين على المرتبة الممتازة. ورغم توجيه المجلس بإجازة ما تم صرفه سابقا وإن كان مخالفا للنظام أي قبل صدور القرار الجديد إلا أنني كنت أتمنى أن يتحمل كل مسؤول قيمة تجاوزاته الماضية حتى وإن كان قد تقاعد أو أحيل للتقاعد، لأنه في مخالفته قد استغل منصبه في الصرف من المال العام بصورة غير نظامية لنفسه والموظفين التابعين له، لكن قرار مجلس الوزراء كان قرارا حليما حكيما صدر وكأنه عفو عن ما مضى وتنظيم لما سيأتي في المستقبل. والحقيقة وللأسف كان هناك هدر كبير للمال العام من بعض المحافظين المسؤولين السابقين، حيث يقال إن إجمالي ما كان يتقاضاه بعض منهم نحو نصف مليون ريال شهريا. وهناك بعض الصناديق الحكومية يفرض عليها من قبل رئيس مجلس إدارتها أو رئيسها التنفيذي تحمل تكلفة لا علاقة لها بعمل الصندوق مثل تكلفة سفر وفود رسمية في الدرجة الأولى وإقامة مجانية للوفود في فنادق الخمسة نجوم رغم أنهم يحصلون على انتدابات رسمية من جهاتهم الرسمية. وهناك مؤسسات عامة حكومية يحمل عليها تكلفة أبحاث ودراسات في غير تخصصها لحساب جهات حكومية أخرى. وهناك بعض المحافظين السابقين قضوا قرابة نصف أيام العمل سنويا سفرا خارج الوطن. نعم إنه توجه صحيح يقوده مجلس الوزراء في مراقبة مؤسسات الدولة وصناديقها. كما أن قرار مجلس الوزراء بتنظيم سفر المسؤولين في الدولة حسب درجات السلم الوظيفي كان قرارا ترشيديا في وقته، حيث حدد الدرجة السياحية لكل من هو في المرتبة الحادية عشرة وما دون وما يعادل ذلك في السلم العسكري وجميع سلالم وظائف المرتبات الأخرى. وحدد درجة رجال الأعمال لوظائف مرتبات الدرجة الثانية عشرة إلى الرابعة عشرة وما يعادلها في السلالم الأخرى بما فيها الشركات التي تملكها الدولة. وحدد للمرتبة الخامسة عشرة وما فوقها في الدرجة الأولى. وكم كنت أتمنى أن ينظم وضع الموظفين المنتدبين للسفر مرافقين لكبار المسؤلين بالطائرات الخاصة والذين يحصلون أصلا على انتدابات وتذاكر سفر، كما أتمنى أن نحظى برؤية كبار المسؤولين معنا في الطيران العادي في الدرجة الأولى مثل ما كان معمولا به في الماضي وكانت فرصة لنا كمواطنين ورجال أعمال والمسافرين أن نتعرف عن قرب على وزرائنا وكبار المسؤولين في رحلات الوفود المرافقة خارج الوطن. رغم أن معظمهم يفعلون هذا بعد تقاعدهم ولم يغير منهم شيئا. وفي بعض الدول الصناعية والمتقدمة يسافر جميع كبار المسؤولين على الطائرات التجارية العادية وفي درجة الأعمال والسياحية أحيانا ولا ينقص منهم شيئا بل يزدادوا احتراما وتقديرا. أما من الناحية الاقتصادية فإن تكلفة الطائرات الخاصة لشخص أو اثنين أكبر مائة مرة من قيمة التذكرة في الدرجة الأولى. إن المرحلة القادمة تتطلب منا جميعا ربط الأحزمة. وعلى كبار المسؤولين أن يكونوا قدوة لصغار المسؤولين وللمواطنين. نحن شعب بسيط ونتفاعل كثيرا مع البسطاء. إن ما يدفعني اليوم لكتابة هذه المقالة هو تأييدي التام الكامل لسياسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد وولي ولي العهد، في الحزم عند تطبيق القوانين والأنظمة واللوائح على الجميع. وأجزم أنها سياسة عادلة وصارمة ولا مجال للتشكيك فيها.
* كاتب اقتصادي سعودي
* كاتب اقتصادي سعودي