-A +A
حوار/ عبدالله عبيان

أكد وزير العدل رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشيخ الدكتور وليد بن محمد الصمعاني أن الوزارة تعمل على إنشاء كتابات عدل متنقلة عبر سيارات مجهزة ، «وحدة متنقلة»، لزيارة المستفيدين من الخدمة في منازلهم وفي المستشفيات وكافة الجهات الحكومية والوزارات التي لديها عدد كبير من الموظفين لتوثيق الوكالات.

وكشف وزير العدل في حواره مع «عكاظ» أن بعض أعمال القضاء في طريقها للخصخصة، لافتا إلى أن وكالة الوزارة لشؤون الحجز والتنفيذ تعد لائحة مقدمي خدمات التنفيذ التي تشمل شركات متخصصة تتولى الإشراف على عملية تسلم المؤجر الأصول المنقولة،كما أن الوزارة أطلقت برنامج «رخص الموثقين» والذي يعمل على إسناد بعض أعمال التوثيق التي يقوم بها كتاب العدل، إلى القطاع الخاص.

وأوضح وزير العدل أن التوصية التي طرحت في مجلس الشورى والتي تطالب الوزارة بالاستعانة بالقطاع الخاص للقيام بأعمال التنفيذ، لم تأت بجديد، مشيرا إلى أنها مستقاة من نظام التنفيذ نفسه.وإلى نص الحوار:



• معالي الوزير.. ناقش مجلس الشورى توصية تطالب وزارة العدل بالاستعانة بالقطاع الخاص للقيام بأعمال تنفيذ تحت إشراف قضاء التنفيذ، فهل القضاء التنفيذي بحاجة إلى أذرع مساندة لتنفيذ الأحكام، وما هي أبرز الخطط والمشاريع التي تعمل عليها الوزارة لتطوير الإجراءات القضائية في مجال القضاء التنفيذي؟

- التوصية التي طرحت في مجلس الشورى والتي تطالب وزارة العدل بالاستعانة بالقطاع الخاص للقيام بأعمال التنفيذ تحت إشراف قضاء التنفيذ إنما هي مستقاة من نظام التنفيذ نفسه، إذ نصت المادة الثالثة والتسعون من نظام التنفيذ ولائحته التنفيذية على تولي وكالة الوزارة لشؤون الحجز والتنفيذ إعداد لائحة مقدمي خدمات التنفيذ وهم؛ مبلغ الأوراق القضائية ووكيل البيع القضائي والخازن القضائي والحارس القضائي وشركات متخصصة تتولى الإشراف على عملية تسلم المؤجر الأصول المنقولة، وفقا لضوابط تضعها وزارة العدل بالتنسيق مع وزارة الداخلية ومقدم خدمة تنفيذ من القطاع الخاص، على أن تشمل اللائحة أحكام الترخيص لهم وقواعد تأهيلهم بما في ذلك الضمان المالي المطلوب وقواعد إجراءات عملهم والإشراف عليهم وسياسات تحديد الأجور التي يتقاضونها والجزاءات التي توقع عليهم. ولأهمية هذه اللائحة فقد شكلت الوزارة عبر وكالة الوزارة لشؤون الحجز والتنفيذ لجنة من الخبراء والمختصين لإعداد هذه اللائحة وهي في طور الصدورخلال أيام معدودة بإذن الله، والوزارة حريصة على هذا الشأن غاية الحرص لما يمثله من أهمية كبرى وسابقة فريدة في مساندة القطاع الخاص لبعض أعمال القضاء التخصصية، مساهمة في تسريع الإجراءات وتطويرها خدمة للمتقاضين وتحقيقا للعدالة الناجزة.



رخص الموثقين

• هل هناك توجه لدى الوزارة لخصخصة قطاعات أخرى متعلقة بأعمال القضاء؟

- تعمل الوزارة حاليا على مشروع خصخصة بعض أعمال التنفيذ، وهو مشروع من المتوقع أن يعود بأثر إيجابي كبير على عمل محاكم التنفيذ وتخفيف الضغط عليها وعلى قاضي التنفيذ، ومن الأعمال الخاصة بقضاء التنفيذ والتي يصلح تحويلها للقطاع الخاص، الاطلاع على أوراق التنفيذ قبل إحالتها للقاضي لاستكمالها حيث لا تحال له إلا الأوراق الكاملة واختصار الوقت والجهد، وتبليغ المنفذ ضده وأخذ توقيعه على أصل التبليغ (مبلغ الأوراق القضائي)، وإيقاع الحجز التنفيذي والتحفظي على المنقولات أو العقار، وإذا كان المحجوز عليه الذي يحتاج لحماية وحراسة (الحارس القضائي)، وإذا كان المحجوز عليه يحتاج لتخزين لضمان سلامته (الخازن القضائي)، وعرض وبيع وتسويق وإقامة مزاد للمحجوز عليه، والتنفيذ في الزيارة للمحضون وتسليمه وذلك بإدخال القطاع الخاص بإنشاء دور مهيأة ومجهزة للاستلام والتسليم أو الزيارة والبقاء، وإنشاء مكاتب تواصل بين الأطراف لإنهائها قبل دخولها على القاضي، وإيقاف الخدمات، المنع من السفر... إلخ، ويوكل بها مكتب مختص موجود بالمحكمة وتتم إحالة جميع القضايا له لإكمال لازمها.

كما أن الوزارة بدأت في العمل على منح «رخص الموثقين» التي تعمل على إسناد بعض أعمال التوثيق التي يقوم بها كتاب العدل إلى القطاع الخاص، لتخفيف العبء على كتابات العدل وتسهيل الإجراءات على المواطنين وإجراء صفقات البيع للعقارات وتوثيق عقود الشركات وإصدار الوكالات وقت الدوام الرسمي وفي غير وقت الدوام الرسمي، ويقوم الموثق بتوثيق العقود والإقرارات في بيع العقارات وقسمة المال المنقول والوكالات وفسخها وتأجير العقارات والمنقولات وعقود الشركات والعقود الواقعة على المال المنقول والإقرار بالمبالغ المالية وتسلمها والتنازل عنها والتصرفات الواقعة على العلامات التجارية.

• ومتى يبدأ التطبيق الفعلي للبرنامج؟

- الوزارة حريصة على تسريع عمل الموثقين وإصدار رخصهم ولذلك قامت بإنشاء الإدارة العامة للموثقين وتم ربطها بوكيل الوزارة لشؤون التوثيق، وتم البدء باستقبال طلبات رخص الموثقين، وبلغ عدد المتقدمين 2852 متقدما عبر بوابة الوزارة الإلكترونية، وتم التحقق من هوية المتقدمين ومطابقة أصول المستندات لدى 15 كتابة عدل بالمملكة وبلغ عدد من تم إنهاء إجراءاتهم لدى كتابات العدل 2048 متقدما، كما أنهت اللجنة المعنية إجراء المقابلة الشخصية لـ350 متقدما لطلب الرخصة، تمت الموافقة على منح الرخصة لـ185 متقدما، فيما تم رفض 165 طلبا، وما زالت اللجنة مستمرة في إجراء المقابلات واستقبال الطلبات، وتم تفعيل خدمة الاستعلام لطالبي رخصة التوثيق التي تمكنهم من متابعة حالة الطلب بشكل آلي عبر بوابة الوزارة الإلكترونية.

وتقوم الإدارة العامة للموثقين بإعداد نموذج رخصة التوثيق وطباعتها للطلبات المكتملة وتسليمها أو إرسالها للمرخص لهم بعد استكمال إجراءاتها، وإعداد مواصفات مطبوعات وأختام الموثقين واستلام نماذجها من الموثقين مع نماذج توقيعاتهم، بالإضافة إلى إعداد الحقيبة التدريبية للدورة المتخصصة والاختبار التحريري لكل دورة تدريبية ورفع نتائجها لوكيل الوزارة لشؤون التوثيق لاعتمادها.

• بالإضافة لرخص الموثقين، ما هو جديد الوزارة في خدمات التوثيق؟

- لدينا العديد من المشاريع التي نعمل عليها لخدمة المواطنين والتسهيل على جميع المستفيدين من خدمات الوزارة، وتعمل الوزارة هذه الأيام على إنشاء وحدات متنقلة عبر سيارات مجهزة، لتوثيق الوكالات، وتوجد في كافة الجهات الحكومية والوزارات التي لديها عدد كبير من الموظفين، وسوف يتم تحديد موعد ومكان كل وحدة متنقلة بالتنسيق مع كافة الجهات الحكومية الراغبة في الخدمة.

والهدف من إيجاد هذه الوحدة هو خدمة جميع فئات المجتمع الراغبة في عمل وكالة (عامة أو خاصة)، وذلك لإنهاء عمل التوثيق المتطلب عمله والاستفادة من ما تمكنه التقنية الإلكترونية من إجراء التوثيق خارج مقرات كتابات العدل وتقديم الخدمة المجانية المميزة والسريعة للمشمولين بهذا الإجراء وخدمة المجتمع، والحفاظ على المصالح الخاصة للمشمولين بهذا الإجراء وعدم ضياع حقوقهم.

وستراعي هذه الوحدة بشكل كبير المرضى وغير القادرين على الحضور لكتابة العدل لإجراء الوكالة.

وتخدم الوحدة المتنقلة التوثيقية جميع موظفي الدولة ذوي الاعتبارات، غير القادرين على الحضور لكتابات العدل أثناء ساعات الدوام الرسمي، وكذلك المرضى في المستشفيات الحكومية والأهلية، والمرضى في منازلهم، وكبار السن ومن في حكمهم.



وكالات فورية

• وهل سيكون التوثيق فوريا؟

- نعم، خدمة توثيق الوكالات فورية وفي ذات الوقت، وسيتم تكليف رئيس وكتاب عدل وموظفين وكتاب ضبط بالوحدة لإعداد وتنظيم طالبي الخدمة في المناطق المستهدفة، كما أنها ستقوم بتحديد وسائل التواصل الخاصة بالوحدة المتنقلة عبر هاتف برقم موحد، فضلا عن تخصيص بريد إلكتروني وفاكس، كما أن الوزارة تعمل على إعداد جدول يوضح أماكن العمل وساعاته من خلال هذه الوحدة المتنقلة وستشتمل الوحدة على أجهزة حاسب آلي مرتبطة بالنظام الإلكتروني وأجهزة حاسب محمولة وقارئ للبصمة.

• ومتى سيبدأ هذا المشروع؟

- بدأت الوزارة في تطبيق هذه المبادرة بشكل تجريبي في مدينة الرياض في بعض المستشفيات والسجون، وتم إصدار عدد من الوكالات للمرضى وبعض السجناء، ثم ستعمم على كافة المدن الكبرى، ويأتي هذا المشروع للوصول بكل يسر وسهولة لكافة المستفيدين وعمل الوكالات التي تعد من اختصاص كتابات العدل الثانية التي توثق كافة المعلومات للموكل والموكل إليه.



تقنين الأحكام

• هل هناك أي خطوات ملموسة من قبل الوزارة باتجاه تقنين الأحكام الشرعية؟

- وزارة العدل لها اختصاصات معينة نص عليها نظام القضاء ولا يمكن تجاوزها، ولها أن تقترح ما من شأنه الرفع من المستوى العدلي في المملكة، وما يتعلق بتقنين الأحكام الشرعية فإن مدونة الأحكام القضائية التي شكلت لها اللجان المختلفة ستكون فيها غنية عن التقنين، وهي عبارة عن مواد غطت قضايا المعاملات وقضايا الأحوال الشخصية والقضايا الجزائية، بالإضافة إلى أن الوزارة أصدرت مجموعة الأحكام القضائية، كان آخرها ما أطلقته الوزارة العام الماضي من مجموعة الأحكام القضائية لعام 1434 والتي جاءت في 30 مجلدا تحتوي على ما يزيد على 1000 حكم قضائي في جميع الأنواع الحقوقية والأحوال الشخصية والجنائية، كما أن الوزارة ستطلق خلال الفترة القريبة القادمة مجموعة الأحكام القضائية لعام 1435.

• إلى أي مدى ستحقق مدونة الأحكام القضائية البعد عن الاجتهاد وتوحيد الأحكام؟

يعد تدوين الأحكام الفقهية أحد أهم المشاريع التي تساهم في تعزيز الشفافية ووضوح الأحكام لدى عموم الناس والمتقاضين وسيكون لذلك أثر إيجابي للرقي بالبيئة العدلية في المملكة، وبعث الطمأنينة على استقرار تعاملات الناس، وذلك لما يتسم به مشروع المدونة من حصر المسائل التي تمس لها حاجة القضاء، ما يسهل الحصول عليها، وتوحيد الاجتهاد الفقهي في هذه المسائل على قول واحد وصياغته بعبارات تلائم العموم، مع الإشارة إلى أن هذا لا يعني أن هناك اضطرابا كبيرا في الأحكام في الوضع الراهن، إذ إن كثيرا من المسائل الاجتهادية استقر القضاء فيها -في الجملة- على رأي معين، كما أنه صدر عدد من الأنظمة التي ساعدت على توحيد الاجتهاد لا سيما في القضايا الجزائية، إضافة إلى إسهام مجلس القضاء الأعلى بهيئته الدائمة سابقا والمحكمة العليا حاليا في الحد من الاضطراب في الاجتهادات الفقهية، عن طريق المبادئ القضائية التي تقرر في بعض القضايا المنظورة أو التي تصدرها المحكمة العليا ابتداء وفقا لنظام القضاء، ومن شأن المدونة أن تعزز من توحيد الاجتهادات الفقهية لا سيما مع ما يشهده مرفق القضاء من توسع ملحوظ في افتتاح المحاكم وتعيين الكوادر القضائية، ما قد يكون له أثر على استقرار بعض الاجتهادات القضائية.



المحاكم المتخصصة

• كيف ترون سير المحاكم المتخصصة التي تم تدشينها، وماذا عن المحاكم التجارية والعمالية؟

- من أهم المبادئ القضائية التي اشتمل عليها نظام القضاء، مبدأ تخصيص القضاء نوعيا، إذ نص على أنواع المحاكم في القضاء العام وهي محاكم جزائية ومحاكم أحوال شخصية ومحاكم عمالية ومحاكم تجارية ومحاكم عامة، ولكل منها اختصاصاتها المنصوص عليها في نظام المرافعات الشرعية ونظام الإجراءات الجزائية، وفي ضوء ذلك أصدر المجلس الأعلى للقضاء القرارات اللازمة للبدء في العمل المتخصص نوعا سواء بافتتاح محاكم مستقلة لكل نوع في بعض المدن والمحافظات، أو بإنشاء دوائر متخصصة في عدد من المحاكم العامة والجزائية حسب ما تقتضيه مصلحة العمل، ومن ضمن تلك المحاكم والدوائر المتخصصة المحاكم التجارية والعمالية، فقد أصدر المجلس عدة قرارات بإنشاء محاكم تجارية في عدد من المدن والمحافظات، كما قرر المجلس إنشاء عدد من الدوائر التجارية في جملة من المحاكم العامة بلغ عددها 11 دائرة في 11 محكمة كل دائرة تتكون من ثلاثة قضاة، وأما ما يتعلق بالمحاكم العمالية فكذلك نظر المجلس في إنشاء عدد من المحاكم العمالية في بعض المدن والمحافظات، إضافة إلى إنشاء عدد من الدوائر العمالية في بعض المحاكم العامة حسب ما تقتضيه مصلحة العمل وبلغ عدد تلك المحاكم 33 محكمة وعدد الدوائر العمالية المنشأة 34 دائرة ستباشر هذه المحاكم والدوائر أعمالها قريبا بمشيئة الله، وقد كونت أخيرا فرق عمل من المجلس الأعلى للقضاء ووزارة العدل وديوان المظالم من جهة وبين المجلس الأعلى للقضاء ووزارة العدل ووزارة العمل من جهة أخرى لوضع وثيقة مفصلة ومزمنة لانتقال الدوائر التجارية والجزائية وكذلك أعمال اللجان العمالية إلى وزارة العدل، وفق خطة تكفل بإذن الله استقرار العمل وعدم تأثره بانتقاله إلى القضاء العام.

• هناك تنسيق بين المجلس الأعلى للقضاء ووزارة العدل وعدد من الوزارات بهدف دمج وإلغاء نحو 104 لجان قضائية على مراحل، بحيث تنتقل أعمالها إلى محاكم متخصصة في وزارة العدل.. إلى أين وصل هذا المشروع وما هي العقبات التي تعترضه؟

نحن في وزارة العدل والمجلس الأعلى للقضاء نحرص على تطبيق ما جاء في نظام القضاء وآلية العمل التنفيذية وفق خطة مزمنة نسعى من خلالها لتحقيق التكامل والتجانس بين المحاكم على مختلف أنواعها، وفق الإمكانات المتوافرة من الموارد البشرية والبنية التحتية وغيرها من عوامل النجاح، ولدينا لجنة مشكلة في المجلس الأعلى للقضاء لمتابعة تنفيذ آلية العمل التنفيذية لنظام القضاء، تتولى هذه اللجنة إعداد الدراسات اللازمة ومتابعة العمل وعرض ما تقرره على المجلس لاتخاذ ما يراه محققا للمصلحة، ومن الدراسات التي أجرتها اللجنة ما يتعلق باللجان شبه القضائية المنصوص عليها في البند التاسع من آلية العمل التنفيذية لنظام القضاء، واللجان المستثناة المنصوص عليها في الفقرة 2 من الأحكام الختامية في الآلية، ويعمل المجلس الأعلى للقضاء بالتنسيق مع الجهات المختصة على إعداد دراسات مفصلة والاستعانة بمستشارين متخصصين في الاقتصاد والمال، حتى تكتمل الرؤية وتتضح الآثار قبل اتخاذ القرار بشأنها.