-A +A
لا جدال على أن غالبية دول العالم تعاني من أزمة في الكوادر الصحية، خاصة الاستشاريين، لما يتطلبه ذلك من تدقيق شديد في اختيار من يتعامل مع صحة البشر على أعلى المستويات، وعلى الرغم من حرص القطاع الخاص على مواجهة الطلب بزيادة الخدمة من خلال الاستعانة بالكوادر الاستشارية من الداخل والخارج على حد سواء، إلا أنه يواجه صعوبات شديدة في استقدام الاستشاريين المتخصصين في طب الأسنان، واللافت في الامر أن هذا التشدد يأتي رغم قناعة المسؤولين بوجود أزمة حقيقية، خصوصا من اشتراط وجود استشاري في العيادات المتخصصة في طب الأسنان، لا حاجة له، نظرا لأنه يقدم خدمات أولية يقوم بها الأطباء المتخصصين في طب الأسنان، لأن نسبة السعودة في القطاع الطبي الحكومي لا تزيد على 25 % في المتوسط وفق أفضل التقديرات، فيما القطاع الخاص يعتمد بصورة شبة كاملة على الاستقدام من الخارج، وقد أغلقت مراكز وعيادات متخصصة في طب الأسنان بسبب عد وجود استشاري، ولا شك أن وزارة العمل مطالبة بضرورة التجاوب مع احتياجات القطاع الخاص، لأن مشكلة السعودة في القطاع مرشحة للبقاء أكثر من 20 سنة قادمة على أقل تقدير، على الرغم من ابتعاث آلاف الأطباء للدراسة بالخارج وافتتاح عشرات الأقسام الطبية والصحية في السنوات الأخيرة. وربما يعود جزء من الأزمة لعدم فتح المجال للاستشاريين
السعوديين بالكامل للعمل في القطاع الخاص في الفترة المسائية رغم المطالبات المتعددة بذلك في السنوات الأخيرة، ولعل ما يعكس عمق الأزمة في الفترة الأخيرة الجدل الدائر حول عدم تشغيل مستشفى شرق جدة بالكامل في القطاع الحكومي لعدم توفر الكوادر الطبية والتمريضية اللازمة، وهو ما يعني أن الأزمة ليست في القطاع الخاص بمفرده وإنما في القطاع الحكومي أيضا. وفي تقديرنا أن الحلول تحتاج إلى مرونة أكبر وبعيدا عن الأطر التقليدية، ويتطلب الأمر النظر في شرط توفير استشاري للمراكز والمستوصفات الصغيرة يبحث يتم إلغاؤه لقلة وندرة الكوادر المؤهلة من الاستشاريين في الدول المصدرة للأطباء وفي مقدمتهم مصر، وكذلك في ظل التوسع الجاري حاليا في خدمات التأمين الطبي ليشمل مختلف الشرائح، وزيادة الإقبال على افتتاح مستشفيات خاصة وحكومية وفقا للخطط الموضوعة.

سعود خالد المرزوقي