لا يزال عضو الاتحاد السعودي لكرة القدم، ورئيس لجنة الدراسات الاستراتيجية بالاتحاد الدكتور عبداللطيف بخاري يعيش صدمة ما يحدث داخل اتحاد كان يعتقد قبل انضمامه إليه أنه الفرصة المواتية لتقديم عمل ممنهج ومدروس للارتقاء بعطاءات كرة القدم السعودية، قبل أن يكتشف أن هناك آلاف الأميال بينه وبين هذا الحلم لأسباب كثيرة يتحدث عنها هنا، وعبر هذا الحوار المطول بشفافيته المعروفه عنه، وبكل الصراحة التي يرتجي منها الإصلاح، فهو هنا ينقد ولا ينتقد، يسمي الأشياء بأسمائها دون تجريح رغبة منه في صلاح الحال حتى لو بعد حين.
هنا الدكتور بخاري وما قاله عن اتحاد القدم من واقع خبرة ومعايشة، وإن كان قد تمنى أن لا تتكرر تجربته الحالية مستقبلا.. فماذا قال؟
• بداية.. الدكتور عبداللطيف بخاري كان كثير الظهور في الإعلام، لكنه اختفى فجأة وكأنه مل من الحديث؟
•• لم أختف حقيقة.. هناك أحداث متسارعة تحدث، وبكل صراحة الشق أصبح أكبر من الرقعة في الاتحاد السعودي.. قدمت كل ما أملكه للاتحاد السعودي، لكن للأسف ردة الفعل لا تتوافق مع الطموح أو الفكر الذي نطرحه.
• أين المشكلة برأيك؟
•• مشكلة الاتحاد السعودي هي في ضعف الأمانة العامة، بكوادرها وهيكلتها، وعملها غير الاحترافي، هناك علامات استفهام كبيرة جدا، لم يتم الإجابة عليها.. وأبرزها.. لماذا لا يتم تنفيذ قرارات مجلس الإدارة، والأمانة العامة هي المسؤولة عن ذلك، ورئيس الاتحاد غير قادر على القيام بالمسؤوليات الضخمة في الاتحاد. إضافة إلى تركيبة المجلس، وهي مركبة بقناعات مختلفة لكل عضو في الاتحاد، وهناك أشخاص على المستوى الشخصي ناجحون جدا، لكن كقناعات لم تتوافق مع بعضها، فالعواطف تغلب في الاتحاد السعودي للأسف، ورئيس مجلس الإدارة هو رئيس للعمل، وليس رئيسا على الأشخاص، وهناك خلط في هذا الأمر بالتحديد.
• ولكن هذه مخرجات انتخابات كان الجميع ينادي بها؟
•• هذه إحدى إفرازات الانتخابات، تأتيك بأطياف مختلفة، ولا تأتي بأناس متحدين على هدف واحد.
• والحل إذن؟
•• الحل في الانتخابات عن طريق القوائم، الانتخابات القادمة مع النظام الحالي لن ينصلح معها الوضع أبدا، وسيصبح المجلس القادم أحادي التركيب، ولن ينجح أيضا.. حيث إن النظام الجديد يتيح للرئيس الجديد اختيار 4 أعضاء، وهذا يعني أنه ضمن 4 أصوات في اجتماع لأي قرار.. لا بد أن نختار إما الشورى أو الديموقراطية، فكثير من قرارات الاتحاد السعودي تؤخذ بالتصويت، والتصويت لا يعني الحق، وإنما يعني الحزبية.
• تتحدثون وكأن الاتحاد السعودي لم يقدم أي شيء خلال فترته الماضية؟
•• لا لا.. هناك أشياء قدمها الاتحاد السعودي، فالواقعية أفضل من جلد الذات، لكن المشكلة أن العمل فيه برتم بطيء جدا جدا إلى أقصى درجة.. وكمثال على إنجازاته أنه وضع سقفا للأجور، ضبط عملية المشاركات في الانتخابات ووضع لوائح مالية، ولجنة المسابقات وضعت لائحة جيدة، وكذلك الاحتراف والحكام عملوا شيئا جيدا، ورابطة فرق الأحياء، واللاعب المحترف يكتب في بطاقته «لاعب محترف»، واعترفت وزارة العمل بأنها مهنة، وأيضا حل قضية مواليد السعودية والنظر إليهم وهنا نقدم شكرنا لسمو وزير الداخلية الذي دعم هذا الموضوع بشكل كبير.
• تحدثتم في البداية عن ضعف الأمانة العامة، وأنها لا تنفذ القرارات.. أين دور رئيس الاتحاد السعودي أحمد عيد في ذلك؟
•• أحمد عيد قامة.. وكشخص هو رجل مؤدب في تعامله ومثقف، ويعاملك بكل رقي، لكنه لم يوفق أن يكون قائدا للاتحاد السعودي، وهذا ليس بالضرورة يكون خطأ عيد، وإنما أحيانا يكون خطأ في تركيبة الاتحاد السعودي، أو في المجتمع نفسه، وهذا لأنه لم يختر رجاله في مجلس إدارة الاتحاد، ومشكلة أحمد عيد أنه لا يملك إلا أسلوبا واحدا، والقائد عليه أن يملك كل الأساليب (التلميح، والتصريح والتجريح).
إعلام غير محايد
• ألا ترى أن الشارع الرياضي والإعلام تجرأ كثيرا على أحمد عيد، لدرجة أن هناك من يطالب بترشيح أمير لمنصب رئيس الاتحاد للتقليل من حدة النقد؟
•• نحن نتعامل مع رئيس اتحاد.. فحتى لو كان أميرا أمامي هو رئيس اتحاد أتحدث معه. المشكلة يا عزيزي هي في النفاق الاجتماعي الموجود، وعدم الواقعية والجهل، فهناك إعلام جاهل، وآخر متجاهل، وثالث منطقي وجيد، لكن غالبية الإعلام الرياضي هو إعلام يبحث عن الإثارة ولا يعمل لمصلحة البلد، يعملون لأشخاص وأندية معينة، والإعلام الرياضي للأسف أصبح إعلاما مصنفا للأندية.
• كيف تقيم تجربتك بالعمل في منظومة الاتحاد السعودي لكرة القدم؟
•• كنت أتوقع عند دخولي لهذا المجال أن فيه خيرا، لكن في الحقيقة هذا الاتحاد سبب لي كثيرا من الألم، منها ألم قيمي لأن هناك بكل صراحة قيما لا تحترم في مجال الرياضة وكرة القدم بالتحديد، وألم علمي، لأن السائد فيه هو الرغبة وليس المنطق والعلم، بدليل عدم توظيف المتخصصين الفعليين في إدارة الشؤون الرياضية.
• ولكن جميع أعضاء مجلس الإدارة هم رياضيون معروفون في الساحة الرياضية؟
•• أنا أتحدث عن موظفي الأمانة العامة.. لقد تحدثت مع أحمد عيد ومجلس الإدارة أكثر من مرة.. وقلت أريد 6 وظائف فقط، وأبعدوا كل الموظفين الموجودين حاليا في الأمانة العامة.. والعيب ليس في الموظفين، وذلك لأنهم ليسوا متأهلين، ووضعوا في غير أماكنهم. ولو دخل أي شخص شبكة الأمانة العامة للاتحاد السعودي سيجد جميعهم أقارب، وشبكة علاقات وأقارب موجودة، أصحاب وابن عم وابن خالة. لذلك لا بد من متخصصين، لا بد من تغيير جسد الأمانة، واستقطاب كفاءات وإعطائهم مرتبات جيدة، وليس النطيحة وما أكل السبع.. فأنت تتعامل مع اتحادين آسيوي، ودولي.
• لماذا يرفض الاتحاد السعودي - في بعض القضايا التي بت فيها - الذهاب لمحكمة الـ«كاس» طالما هو يثق في قراراته؟
•• دعني أفصل لك أبرز القضايا التي ظهرت في الساحة الرياضية أخيرا.. أولا وهو ما يتم الحديث عنه إلى الآن.. قضية مباراة الاتحاد والقادسية.. لا يوجد نص قانوني يلزم الاتحاد السعودي بإعادتها، وهناك مجال للاجتهاد.
وأما قضية سعيد المولد فكان هناك نقص في اللوائح، فالعقود التي توقع على نوعين: عقد عمل وعقد مقاولة، وعقودنا في المملكة هي عقود عمل، وطالما هو كذلك فمعناه أنه سيخضع لنظام العمل والعمال، والسعودية عضو في منظمة العمل الدولية، وأحد البنود الموجودة فيه تقول إن الشخص الذي وقعت عقدا معه، إذا لم يباشر العمل ورفض العمل فلا أحد يرغمه، ومن حقه إلغاء العقد، لكن تطبق عليه الشروط الجزائية في العقد، وكون الاتحاد لم يضع شروطا جزائية فلا أحد يلومه، واللوم على جهل وغباء من وضع العقد. وللأسف.. الاتحاد السعودي عندما أراد معالجة هذه القضية (قضية سعيد المولد) فصلوا نظاما جديدا على قضية سعيد المولد، وأنا رفضت ذلك شخصيا.. والدكتور عبدالله البرقان رغم اعتزازي به إلا أن هذا كان مرفوضا بتاتا، ودارت القضية، وأصبحت بين أندية ومصالح في الاتحاد، فمن قضية نظرة مجردة، إلى مصالح أندية بين الأهلي والاتحاد داخل الاتحاد السعودي. ثم قالوا إنهم سيطبقون النظام الجديد المفصل على قضية سعيد المولد وسيتم استثناؤه (سعيد المولد) من النظام الجديد!.. وهذا غير مقبول أيضا، طالما أنت وضعت نظاما فيطبق من تاريخ الموافقة عليه.. وعذرهم في ذلك: حتى لا يشعر الجمهور الرياضي أن النظام وضع من أجل سعيد المولد، وإنما سيطبق على أي حالة جديدة مثل حالة سعيد المولد!.
أما قضية عدم السماح لهم بالذهاب لـ«كاس» فلأن هناك نظاما.. حيث لا يمكن أن تذهب لمحكمة «كاس» إلا بموافقة الاتحاد السعودي، أو إذا كان هذا الاتحاد هو خصمك. وإنما إذا خصمك سعودي، وأنت سعودي سواء بين لاعب وناد، أو ناد وناد فمرجعهم الاتحاد السعودي.. ومحكمة الـ«كاس» هي لا ترضى أن تنظر في أي موضوع محلي لأنها تحترم سيادات الدول.. ونحن للأسف لدينا مشكلة في فهم القانون، فالمحامي ليس قانونيا، وإنما شخص يعمل في القانون، الأكاديمي هو القانوني.
• قرارات بعض لجان الاتحاد السعودي (المثيرة) هي من تصنع الحدث في الإعلام وتثير الشارع الرياضي.. كقرارات لجنة الحكام مثلا؟
•• لجنة الحكام تعمل بشكل جيد، ولكن لديها قصور في إعداد الحكم، فالحكم هو جزء من منظومة ومن أيديولوجية المجتمع، فدورات الحكام جميعها من أجل أداء الحكم وما يتعلق بالقانون، والحكم تحت ضغط، فلماذا لا يعطى دورات في إدارة الضغوط.. والحكم أيضا قائد، فلماذا لا نعطيه محاضرات في القيادة، ووضعنا خطة للجنة الحكام.. ولجنة الحكام للعلم لم تشكل حسب الضوابط والمعايير، وفيها مجاملات.
غلطة الشاطر
• وماذا عن لجنتي الاحتراف والانضباط؟
•• شيء جميل أن الدكتور عبدالله البرقان أصبح رئيسا للجنة الاحتراف.. الدكتور البرقان وإن كان أخطأ في بعض القضايا والقرارات لا يعني السوء في عمله، فهناك رؤساء دول يخطئون، ولكننا مشكلتنا أننا نعظم الأخطاء، ونحن ثقافتنا للأسف الانتقاد، وليس النقد.
أما لجنة الانضباط فهي أيضا لم تشكل حسب المعايير التي وضعناها.. كانت جيدة في السابق مع رئيسها السابق «الربيش»، ولكن بعدها أصبحت تشكل حسب «الصحبة» والمعرفة، وحسب سكن الشخص في الرياض من عدمه، علما بأننا أصبحنا في زمن التقنية، وليس حسب المعايير والضوابط التي وضعها مجلس الإدارة.
• كثر الحديث عن لجنة المسابقات منذ الموسم الماضي، ووضعها لجدول الدوري.. وهناك من أصبح يردد بأن البطولات في كل موسم مفصلة لبعض الأندية لدينا؟
•• أسمع عن ذلك، ودعني أحدثك عن شيء مهم.. أنا علاقتي الشخصية جيدة بجميع أعضاء الاتحاد السعودي، وأعرف الدكتور خالد المقرن، وأحمد العقيل، وأنا «أحلف» أنهم كفاءة عالية، وثق تماما بأني لم أستشعر للحظة واحدة على الطاولة أن العمل لأجل النادي الفلاني، وهذا ما يخص لجنة المسابقات.
• لخص لنا 5 عوامل ضعف كانت عائقا لاتحاد أحمد عيد؟
•• أول ضعف هو: الأمانة العامة وهذه أكبرها ضعفا.
ثانيا: هيكلية الاتحاد السعودي، ولا يمكن عضو مجلس إدارة يراس لجنة.
ثالثا : قرارات مجلس الادارة لا تنفذ، ولا يوجد لها متابعة.
رابعا: هناك اجتهادات، وقرارات تصير دون علم مجلس الإدارة فيها..
خامسا: العمل لا يسير وفق إستراتيجية، فأنا مثلا رفعت للأمانة ورئيس الاتحاد أكثر من 10 خطابات على الإستراتيجية التي طلبوها مني، ومنذ سنة ونصف لم تنفذ، فلماذا طلبوها مني، وليتهم أبلغوني بعدم تنفيذها من الأول.
• أخيرا؟
•• أقسم بالله دخولي للاتحاد السعودي غلطة ولن تتكرر.