على مدى التاريخ تتشكل الحضارات والثقافات إيجابا أو سلبا عن طريق أمرين: إما نوابغ فردية مثل إسحاق نيوتن وابن رشد وغاندي وهتلر، أو فئة معينة تحكم مجتمعا صغر أو كبر مثل مجمع السنهدرين في الثقافة اليهودية، ومحاكم التفتيش التي حاكمت علماء أثروا البشرية مثل غاليلو، وفي الوقت الحاضر هنالك الكونجرس الأمريكي والبنك الدولي، وقد يكون المجلس الأعلى للقضاء وهيئة كبار العلماء في السعودية أقرب مثال على دورهما في قيادة المجتمع وضبط حياته.
وفي كرة القدم لا يختلف الأمر عن ذلك كثيرا. حيث يميل النزاع في السيطرة على النادي بين الرئيس الذي يحمل بيده حقيبة (سامسونايت) قد تكفي لعام أو اثنين ويريد أن يتفرد بالقرارات، وبين أعضاء الشرف الذين يدعمون بالمال أيضا وما يجمعهما هو حب الظهور والطرب لعبارات المديح وصم الأذنين عن النقد حتى لو كان موضوعيا.
وما بين النزعة الفردية والجماعة القلة يقع المشجع العاشق في المنتصف لا يعلم ماذا يفعل، فهل يدعم الفريق حتى في إخفاقاته أم يسجل موقف غضب مبتعدا عن المدرجات؟
بينما يشكل هؤلاء جزءا مهما من دائرة منظومة كرة القدم التي أصبحت بلا جدال تتوق للمنهجية والاحترافية.
الرئيس العام لرعاية الشباب يسابق الزمن في استلام دراسات اللجان التي شكلها وأبرزها الخصخصة والتمثيل الدولي وبيئة الملاعب، وربما تظهر للعلن في شهر رمضان القادم، وهذا جميل جدا، لكن يبقى الجانب الاقتصادي، حيث معضلة التكاليف الباهضة هي المأزق الحقيقي للأندية.
في السابق كانت تكاليف الأندية لا تتجاوز ثلاثة ملايين ريال سنويا، تدفع من خلال أعضاء الشرف المحبين للنادي، أما ا?ن ففاتورة العمل باهظة جدا.
وبحسب رابطة دوري المحترفين فإن 52 % من التكاليف تدفع من الرئيس وأعضاء الشرف و48 % من الاستثمار، وهو ما لا يحدث، فالدعم لا يكفي ومعظم المستثمرين هربوا بسبب مكالمة مطالبة الدفع المبكر وعدم تحقيق ثنائية المنفعة المتبادلة.
وكدلالة على غياب العقلية الاستثمارية يبلغ دخل أنديتنا من التذاكر 1 % فقط، بينما في (البريمرليج) 20 %.
وهنا أطالب الجامعات والمعاهد بفتح تخصص الاقتصاد الرياضي كما فعلت باستحداث أقسام التأمين وإدارة المستشفيات استجابة للحاجة الملحة، فورش العمل وحدها لا تكفي لإبعاد الهواة.
وقبل نصف قرن سأل أحد الصحفيين د. يوناس سوك من يملك براءة الاختراع للقاح الناجح لشلل الأطفال أجاب يملكه كل الناس فهل يوجد براءة اختراع للشمس؟!!
سوك كان بإمكانه ببساطة أن يجني ثروة طائلة جراء اكتشافه العظيم، لكنه قرر أن يقدمه للعالم بالمجان.
لن أطلب من الرئيس أن يقتدي بسوك ولكن لنستفيد من تجربته لتطوير اللعبة، فقبل أن يرى النور لقاحه أصيب 260 طفلا بسبب اللقاح، وتوفي منهم 11، ونحن متى ما أردنا أن نحدث النقلة النوعية علينا تحمل الصدمات الأولية، فلا يمكننا الانتقال من النقطة صفر إلى 100 مباشرة دون عثرات.