-A +A
محمد فكري (جدة)
إذا كانت مفاوضات «جنيف3» السورية أخفقت حتى الآن في تحقيق اختراق أو إنجاز تقدم ملموس في مسار المأساة السورية، فإنها نجحت في وضع يدها على «أم القضايا»، في إشارة إلى قضية الانتقال السياسي. وبذلك رسمت حدود الجولة القادمة من التفاوض في التركيز على القضية الجوهرية المتمثلة في الخلاص من نظام الأسد، وبدء ظهور الملامح الرئيسية لمرحلة الانتقال السياسي.
ورغم هذا التطور، فإن رئيس وفد المعارضة في مفاوضات جنيف العميد أسعد الزعبي عبر عن تشاؤمه بمستقبل المفاوضات، متهما وفد النظام بوضع العراقيل وعدم الخوض في القضايا الجادة. وقال في تصريحات إلى «عكاظ» إن وفد النظام يعلم أن بدء المفاوضات الحقيقية سوف يقود إلى مرحلة الانتقال السياسي، وهو ما يعني نهاية الأسد. وأضاف أن خروج الأسد من المرحلة الانتقالية يحرم إيران من أي مكاسب كانت تعول عليها من خلال تدخلها في الملف السوري.

واتهم الميليشيات الإيرانية بخرق الهدنة لمنع حالة الاستقرار والهدوء، لافتا إلى أن وفد النظام يماطل ويطرح عددا من القضايا بعيدة كل البعد عن الواقع، منها ادعاؤه بمحاربة الإرهاب فيما هو يحتضن الإرهابيين ويرتكب جرائم إرهابية بحق السوريين.
وحول الاتفاق الأمريكي الروسي بشأن الأسد أوضح الزعبي أن الصورة لا تزال ضبابية في ما يتعلق بمصير الأسد، محذرا من أنه إذا لم يخرج هذا الرجل وعصابته من دائرة الحكم السوري فلن يكون هناك استقرار. وحول إذا ما كانت مبادئ المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا يمكن أن تفتح آفاقا جديدة للتسوية، قال إن ما طرحه المبعوث الدولي تضمن بعض النقاط الإيجابية مثل إعادة هيكلة مؤسسات الدولة العسكرية والأمنية، والحفاظ على سيادة الدولة ووحدتها وإقامة نظام ديموقراطي مدني. وأضاف الزعبي: أما النقاط السلبية فإنها لم تتحدث عن مصير الأسد وزمرته الحاكمة التي نرفض أن يكون لها أي دور في المرحلة الانتقالية، مؤكدا إصرار المعارضة على محاكمته دوليا.
واتفق القيادي في المجلس الوطني السوري عبدالرحمن الحاج مع ما طرحه الزعبي في أن مفتاح الحل يكمن في تحديد مصير الأسد. ولفت إلى أنه لا أحد يعرف حتى الآن مضمون الاتفاق الروسي الأمريكي، لكن التصريحات المعلنة تجاهلت الحديث عن مصير الأسد، معبرا عن مخاوفه من أن التسريبات تشير إلى موافقة أمريكية على بقاء الأسد لفترة معينة.
واعتبر أن تأجيل حسم مصير الأسد يعني إطالة المفاوضات والوصول إلى طريق مسدود، إلا أنه رأى أن هذا الغموض ربما يهدف الى استمرار التفاوض ولكن عدم حسم هذه القضية سيحول دون الوصول إلى مرحلة الحكم الانتقالي وهو ما يعني انهيار المفاوضات. وحول الدور الإيراني المعرقل للتسوية، أوضح رئيس لجنة القضاء في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية دكتور سنابرق زاهدي أن إيران ترفض الهدنة والمفاوضات ولكنها لا تستطيع أن تعلن ذلك، ولكنها تعمل من وراء الكواليس على إفشالهما. وكشف أن هناك نحو 60 ألف من الميليشيات التابعة لنظام الملالي يشاركون في عملية قتل السوريين.
ولفت إلى أن نظام الملالي هو الداعم الإستراتيجي للنظام السوري منذ أكثر من 30 عاما. وأفاد سنابرق أن المعلومات المتوافرة تفيد أن وتيرة نقل القوات من إيران والعراق إلى سورية عبر مدينة عبادان مستمرة. واعتبر أن إيران ستكون الخاسر الأكبر حال نجاح هذه المفاوضات، لذلك تسعى بشتى الطرق إلى إفشالها. واستبعد زاهدي إمكانية تحقيق اختراق في جولة جنيف بسبب إصرار النظام على فرض رؤيته وعدم الالتزام بقرارات مجلس الأمن. وكانت «عكاظ» شاركت في ندوة نظمها المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في باريس عبر الإنترنت حول «النظام الإيراني يعمل بقوة لإفشال الهدنة والمفاوضات»، وطرحت تساؤلاتها على المشاركين.