-A +A
عيسى الشاماني (الرياض)

قلل المستشار المتحدث الرسمي لوزارة العدل الشيخ منصور القفاري من خطورة حكم محكمة العيينة التي قضت بالتفريق بين مواطن وزوجته. مؤكدا أنه ابتدائي لم يكتسب الصفة النهائية ويحق لأطراف النزاع الاعتراض عليه أمام المحكمة الأعلى درجة، التي ستدقق الحكم من قبل دائرة مكونة من ثلاثة قضاة، من حيث سلامة تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية والمبادئ القضائية المستقرة، وتتحقق من أن محكمة الدرجة الأولى كيفت وقائع القضية تكييفا صحيحا.

وشدد في بيان وزعته وزارة العدل أمس «الجمعة» على أن المبادئ والقرارات القضائية لا تفرق بين الأزواج لعدم تكافؤ النسب، والأصل هو الكفاءة في الدين، وفق كتاب الله وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم -، لافتا إلى أن المخرجات القضائية تسير وفق عمل مؤسسي واضح، وتدقيق الحكم من قبل المحاكم الأعلى درجة أحد ضمانات التقاضي التي أوجبتها الأنظمة دعما لتحقيق العدالة المنشودة.

ورفض ما يتم تداوله عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي من معلومات مغلوطة حول القضية وبناء النتائج عليها، وإعطاء الفرصة للمتربصين من أعداء هذه البلاد للإساءة لعدالتها أو التشكيك في نزاهة قضائها وسلامة استمداده ومرجعيته الذي يستمد قواعده من أحكام الشريعة الإسلامية التي جاءت بالعدل بين الناس والمساواة بينهم في الحقوق والواجبات والتكاليف.

وأوضح القفاري أن القضاء في المملكة يطبق أحكام الشريعة الإسلامية التي جاءت بأعدل الأحكام وأرقى النظم في حفظ الدين والنفس والعرض والمال والعقل، على نحو يوازن بين مصالح الفرد والمجتمع، ويمنع من الظلم والجور.

وكان الزوج علي القرني الذي فرق قاض في محكمة العيينة بينه وبين زوجته مها التميمي بحجة عدم تكافؤ النسب قد أكد عدم تفريطه في زوجته ورغبته في إبقائها لدى والده حتى تضع مولودها. وأضاف القرني لـ«عكاظ» أنه تعرض لـ«تهديدات» لإرغامه على تطليق زوجته، غير أنه رفض كل المحاولات والتهديدات حفاظا على أسرته. وروى القرني تفاصيل القضية، مشيرا إلى أنها بدأت في أول يوم لزواجه قبل نصف عام، إذ تعرض لأسئلة عنصرية وظل يعاني الأمرين طوال الشهور الماضية، وحاول تهدئة الأمور قبل أن تتم مضايقته وتهديده حتى يطلق زوجته. وحسب قوله فإن ناظر قضيته في المحكمة ظل يردد في كل جلسة «يا علي طلق زوجتك.. وخذ دريهماتك»!.





الزوجة تزوجت بعد حكم أثبت عضل وليها





أكد القفاري أن الزوجة تزوجت بعد حكم قضائي أثبت صحة دعوى العضل التي قدمتها لمحكمة العيينة ضد وليها وتم النظر فيها والتحقق منها باستدعاء الولي.

وبين أن القاضي قضى بنقل الولاية إلى من يليه من الأولياء وفق ما تقضي به القواعد الشرعية، ثم قام هذا الولي بالعقد للمرأة على أحد الخطاب الذين تقدموا لخطبتها. وأوضح القفاري أن من أظلم الظلم الذي حرمته الشريعة عضل الأولياء لمولياتهم بالامتناع عن تزويجهن بالأكفاء.

مضيفا أن مما استقر عليه قضاء المملكة اعتبار عضل الأولياء سببا موجبا لفسخ ولاية التزويج من الولي العاضل. وأضاف أنه «بعد عقد النكاح تقدم الولي (الجديد) إلى المحكمة يطلب فسخ العقد الذي أجراه بحجة أن الخاطب مارس الغش والتدليس في المعلومات التي قدمها عن نفسه وتم تزويجه بناء عليها، لتنظر المحكمة في دعوى الولي بحصول الغش والتدليس المؤثر في ركن الرضا الذي هو أحد أركان العقد، وأجرت المحكمة في هذه الدعوى ما تقتضيه القواعد القضائية».





الأصل كفاءة الدين .. والنسب خيار للناس





استعاد القفاري ما سبق صدوره من قرار للهيئة الدائمة بمجلس القضاء الأعلى رقم (1228 / 5) وتاريخ 1/8/1428 الذي نصه: (الأصل إنما هو الكفاءة في الدين، وذلك في الدماء وغيرها، لعموم الأدلة من القرآن والسنة، وحديث «إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه..» هو الأصل، ومجرد الخلاف لا ترد به السنة، أما الامتناع ابتداء عن تزويج من لا يرضى لنسب ونحوه، فهذا داخل في خيار الناس، وأما إبطال عقود شرعية صادرة عن رضا المرأة، وولي أمرها، بمثل دعوى أخ ونحوه رغم رضا المرأة وأبيها، فأمر غير صالح). وأضاف: كما جاء في قرار المحكمة العليا رقم ( 3 / 3 / 8) وتاريخ 10/2/1431، ونصه: «الأصل في العقود الصحة، إلا إن خالفت نصا من كتاب الله، أو سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، ولم يظهر في عقد نكاح المرأة بمن لا يكافئها في النسب أنه مخالف لنص من كتاب الله - سبحانه-، أو سنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، فالأصل سلامته وصحته، ولكل قضية ظروفها وملابساتها». وقال: «مما تقدم أن المبادئ والقرارات القضائية لا تفرق بين الأزواج لعدم تكافؤ النسب، وأن الأصل هو الكفاءة في الدين، كما جاء في كتاب الله وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم -، غير أن لكل قضية حيثياتها وملابساتها التي قد لا يظهرها أحد الأطراف عند إثارة قضيته إعلاميا».



التناقض بالأدلة .. الفسخ متاح إلكترونياً على بوابة الوزارة



أظهر الموقع الرسمي للوزارة على الإنترنت أنها تقبل دعاوى فسخ النكاح لعدم «تكافؤ النسب». ورصدت «عكاظ» على موقع الوزارة الرسمي أمس (الجمعة) تحديدا في قسم التقديم على الدعوى الإلكترونية وجود خيار تصنيف الدعوى الذي يظهر أنه بالإمكان تقديم دعوى فسخ النكاح لاختلاف الأنساب كما هو موضح في موقع الوزارة.



..و القرني: لم أدلس والمأذون أخطأ في تدوين اسمي



رفض زوج مها التميمي ما قيل بحقه (وفق بيان وزارة العدل) بأنه كذب وأدلى ببيانات خاطئة في عقد النكاح، الأمر الذي دفع ولي الزوجة إلى رفع دعوى بفسخه. وقال لـ«عكاظ» أمس إنه لم يدلس أو يكذب في عقد النكاح، وإنما كانت القضية بسبب عدم تدوين المأذون الشرعي لاسم «الفخذ» أو عائلته في عقد النكاح. وقال القرني إنهم يتهمونه بأنه أخفى اسمه وزودهم باسم آخر غير اسمه الحقيقي، وهي ادعاءات باطلة «فأنا لم أخف أي شيء من هذا القبيل». وأضاف: «كيف يمكن أن أدلس في عقد النكاح وأنا متقدم لخطبة الفتاة منذ أكثر من سنة ونصف السنة، وأهلها هم شهود على العقد، واسمي الرباعي مدون كما هو في عقد النكاح، ولكن اسم عائلتي الأخير لم يدون في عقد النكاح، وهو خطأ ارتكبه المأذون الشرعي». مؤكدا أنه أبلغ القاضي بهذا الخطأ، «ولكن القاضي كان يحاول تخطئتي ويتهمني بالتدليس وتعمد إخفاء اسمي».



.. والقفاري يبرر لـ «عكاظ» : الخدمة في الموقع لتصنيف الطلبات





برر القفاري لـ«عكاظ» وجود خدمة «طلب فسخ عقد النكاح لعدم تكافؤ الأنساب» ضمن خدمات البوابة الرسمية للوزارة بأنها تأتي كتصنيف مبني على حصر للطلبات التي يقدمها المستفيدون من خدمات الموقع. وأوضح القفاري: «من المعلوم أن لكل أحد أن يتقدم بما شاء من طلبات سواء كانت محقة أم لا، والقضاء هو الفيصل في نهاية الأمر». مؤكدا أن حق الادعاء مكفول للجميع والمحاكم تستقبل جميع أنواع القضايا التي ضمن اختصاصها النوعي وتفصل فيها وفق ما لديها من قواعد شرعية ومبادئ وسوابق قضائية.

ولفت إلى أن وجود تصنيف هذا النوع من الدعاوى في خدمات الموقع وصف للدعوى بحسب المدعى به لا بحسب الحكم القضائي، علما أن التصنيف في خدمات البوابة الإلكترونية يخضع للمراجعة والتحديث تلقائيا بحسب الطلبات. واعتبر بيان الوزارة أمس يتحدث عما استقر عليه عمل القضاء وما صدرت به السوابق القضائية.