بعد فترة قصيرة من تطوير تقنية استغلال القوة النووية للأغراض الحربية، وتمكن الإنسان من التحكم في عملية الانشطار النووي، استطاع العلماء أن يوجدوا طرقا وأساليب لاستخدام القوة النووية للأغراض السلمية. فبعد الاستخدام العسكري الناجح لهذه الطاقة، اتضحت إمكانية استخدام تلك القوة من أجل البناء والرفاه البشري، وليس من أجل القتل والتدمير. وأصبحت القوة النووية كمصدر للطاقة، وغيرها من الاستخدامات السلمية العديدة، رفاه الحاضر وأمل المستقبل. أدى كل ذلك إلى تزايد الاهتمام بالطاقة النووية، وانتشار المعرفة والتقنية والمنشآت النووية في معظم أرجاء العالم المعاصر.
إن الارتباط الوثيق بين منشآت الطاقة النووية، ومشاريع صناعة أسلحة نووية هو ارتباط عضوي وثيق و«مقلق» جدا للأطراف والدول التي يهمها استتباب الأمن والسلم الدوليين. وهو يحد من التوسع في هذه الاستخدامات. إن كلا من المشاريع النووية السلمية والمشاريع النووية العسكرية يعتمد (تقريبا) على نفس المنشآت، ونفس التقنية.
يتم الحصول على الطاقة النووية من المفاعلات النووية المصممة خصيصا لتوليد الكهرباء. ولكن تلك المفاعلات تنتج أيضا مادة «البلوتونيوم»... وهي عنصر أساسي لصناعة الأسلحة النووية تنتجه المفاعلات النووية كـ«فضلات» نتيجة تشغيلها.
ويمكن صناعة أسلحة (قنابل) نووية بسهولة اذا توفر البلوتونيوم هذا بالقدر المناسب. ومن ناحية أخرى، فإن نفس مادة الوقود التي تستعمل غالبا لتشغيل المفاعلات النووية (اليورانيوم 235) يمكن تحويلها لإنتاج قنابل نووية، مع وجوب إغناء اليورانيوم 235 إلى 80 في المائة على الأقل، لرفع درجة تخصيبه من 4 أو 5 في المائة (وهى درجة التخصيب الأدنى عند استعمال ذلك النوع من اليورانيوم كوقود للمفاعلات النووية).
وباختصار، معروف أن هناك -تقنيا- طريقتين لصنع متفجرات نووية هما:
(أ) - طريق اليورانيوم: حيث تصنع القنبلة النووية من اليورانيوم عالي الخصوبة (U-235). توجد في اليورانيوم الطبيعي (U-238) نسبة ضئيلة جداً من اليورانيوم (U-235) تقدر بـ 0.7% فقط. وبذلك، لا بد من عملية «إخصاب» تتم على اليورانيوم الطبيعي لرفع نسبة محتوياته من اليورانيوم-235 (U-235) إلى درجة 80% على الأقل، حتى يمكن استخدام المستحضر الجديد في صنع القنابل. وهذه العملية تستلزم إقامة منشآت تخصيب بالغة التكلفة والتعقيد.
(ب) - طريق البلوتونيوم: يتم استخلاص معدن «البلوتونيوم-239»
(Pu-239) من الوقود المستهلك للمفاعلات النووية العادية. فهذا المعدن بالذات لا يوجد في الطبيعة... ويكون «البلوتونيوم» المستخرج بهذه الطريقة جاهزا لاستخدامه (مباشرة) في صنع القنابل النووية.
****
لقد أصبحت المعلومات والتقنية النووية اللازمة لاستغلال القوة النووية للاستخدامات السلمية، وأيضا العسكرية، متوفرة بشكل واسع. وذلك يمكن أن يؤدى لانتشار السلاح النووي (Nuclear Proliferation) الذي يشكل خطرا فادحا على السلام والأمن الدوليين. فتلك مشكلة بالغة الخطورة يشار إليها بـ«مشكلة ان» (Nth Problem)، أو «الورطة النووية». ووجود هذه الإشكالية أدى إلى وجود المحاولات الدولية الحثيثة لرصد أي نشاط نووي خارج إطار الدول الكبرى، ومنعه وعرقلته.
فمن أشد ما يخشاه المجتمع الدولي هو انتشار التقنية النووية، ومن ثم انتشار السلاح النووي في عدد متزايد من الدول. وأكثر ما يخشاه هذا المجتمع الآن هو أن تمتلك جماعات إرهابية أسلحة نووية، حتى ولو في هيئة قنابل نووية بدائية، أي غير مكتملة الصنع، يشار إليها بـ«القنابل القذرة» (Dirty Bombs). فوقوع هذا النوع من أسلحة الدمار الشامل في أيدي الإرهابيين الأشرار سيعني إيقاع كوارث بشرية هائلة. من هنا بدأت المحاولات الدولية لحظر انتشار السلاح النووي، عبر حظر تداول المعلومات والمنشآت والتقنيات النووية الخطيرة. وتعود محاولات نزع التسلح النووي إلى عام 1946م. غير أن أهم الاتفاقيات الدولية في هذا الشأن، حتى الآن، هي «اتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية» (NPT) التي بادر بطرحها كل من الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة وبريطانيا في العام 1968م. وهى الاتفاقية التي تحرم على الدول غير النووية عندئذ امتلاك سلاح نووي، ولكنها تتيح الاستخدام السلمي للطاقة النووية تحت رقابة دولية مشددة من «وكالة الطاقة الذرية الدولية» (IAEA). وقد وقعت معظم دول العالم هذه الاتفاقية، وصادقت عليها.
****
في هذا الإطار، وعد الرئيس الأمريكي الحالي باراك أوباما بإعطاء موضوع حظر التسلح النووي أهمية قصوى خلال فترة رئاسته التي شهدت الكثير من التحركات في هذا الصدد، ومن ذلك: عقد قمم الأمن النووي، مرة كل سنتين، والتي تهدف إلى: توسيع نطاق الأمن النووي، وتشديد الرقابة على النشاط النووي في العالم. علما بأن هذه المؤتمرات تتجاهل دائما -تحت ضغوط من واشنطن- النشاط النووي الإرهابي للكيان الصهيوني. حيث عقدت هذه القمم أربع مرات حتى الآن. عقدت الأولى منها في واشنطن عام 2010م، والثانية في سيؤول عام 2012م، والثالثة في لاهاي عام 2014م. وعقدت في واشنطن مؤخرا القمة الرابعة. وعنها سوف نتحدث في الأسبوع القادم.
إن الارتباط الوثيق بين منشآت الطاقة النووية، ومشاريع صناعة أسلحة نووية هو ارتباط عضوي وثيق و«مقلق» جدا للأطراف والدول التي يهمها استتباب الأمن والسلم الدوليين. وهو يحد من التوسع في هذه الاستخدامات. إن كلا من المشاريع النووية السلمية والمشاريع النووية العسكرية يعتمد (تقريبا) على نفس المنشآت، ونفس التقنية.
يتم الحصول على الطاقة النووية من المفاعلات النووية المصممة خصيصا لتوليد الكهرباء. ولكن تلك المفاعلات تنتج أيضا مادة «البلوتونيوم»... وهي عنصر أساسي لصناعة الأسلحة النووية تنتجه المفاعلات النووية كـ«فضلات» نتيجة تشغيلها.
ويمكن صناعة أسلحة (قنابل) نووية بسهولة اذا توفر البلوتونيوم هذا بالقدر المناسب. ومن ناحية أخرى، فإن نفس مادة الوقود التي تستعمل غالبا لتشغيل المفاعلات النووية (اليورانيوم 235) يمكن تحويلها لإنتاج قنابل نووية، مع وجوب إغناء اليورانيوم 235 إلى 80 في المائة على الأقل، لرفع درجة تخصيبه من 4 أو 5 في المائة (وهى درجة التخصيب الأدنى عند استعمال ذلك النوع من اليورانيوم كوقود للمفاعلات النووية).
وباختصار، معروف أن هناك -تقنيا- طريقتين لصنع متفجرات نووية هما:
(أ) - طريق اليورانيوم: حيث تصنع القنبلة النووية من اليورانيوم عالي الخصوبة (U-235). توجد في اليورانيوم الطبيعي (U-238) نسبة ضئيلة جداً من اليورانيوم (U-235) تقدر بـ 0.7% فقط. وبذلك، لا بد من عملية «إخصاب» تتم على اليورانيوم الطبيعي لرفع نسبة محتوياته من اليورانيوم-235 (U-235) إلى درجة 80% على الأقل، حتى يمكن استخدام المستحضر الجديد في صنع القنابل. وهذه العملية تستلزم إقامة منشآت تخصيب بالغة التكلفة والتعقيد.
(ب) - طريق البلوتونيوم: يتم استخلاص معدن «البلوتونيوم-239»
(Pu-239) من الوقود المستهلك للمفاعلات النووية العادية. فهذا المعدن بالذات لا يوجد في الطبيعة... ويكون «البلوتونيوم» المستخرج بهذه الطريقة جاهزا لاستخدامه (مباشرة) في صنع القنابل النووية.
****
لقد أصبحت المعلومات والتقنية النووية اللازمة لاستغلال القوة النووية للاستخدامات السلمية، وأيضا العسكرية، متوفرة بشكل واسع. وذلك يمكن أن يؤدى لانتشار السلاح النووي (Nuclear Proliferation) الذي يشكل خطرا فادحا على السلام والأمن الدوليين. فتلك مشكلة بالغة الخطورة يشار إليها بـ«مشكلة ان» (Nth Problem)، أو «الورطة النووية». ووجود هذه الإشكالية أدى إلى وجود المحاولات الدولية الحثيثة لرصد أي نشاط نووي خارج إطار الدول الكبرى، ومنعه وعرقلته.
فمن أشد ما يخشاه المجتمع الدولي هو انتشار التقنية النووية، ومن ثم انتشار السلاح النووي في عدد متزايد من الدول. وأكثر ما يخشاه هذا المجتمع الآن هو أن تمتلك جماعات إرهابية أسلحة نووية، حتى ولو في هيئة قنابل نووية بدائية، أي غير مكتملة الصنع، يشار إليها بـ«القنابل القذرة» (Dirty Bombs). فوقوع هذا النوع من أسلحة الدمار الشامل في أيدي الإرهابيين الأشرار سيعني إيقاع كوارث بشرية هائلة. من هنا بدأت المحاولات الدولية لحظر انتشار السلاح النووي، عبر حظر تداول المعلومات والمنشآت والتقنيات النووية الخطيرة. وتعود محاولات نزع التسلح النووي إلى عام 1946م. غير أن أهم الاتفاقيات الدولية في هذا الشأن، حتى الآن، هي «اتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية» (NPT) التي بادر بطرحها كل من الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة وبريطانيا في العام 1968م. وهى الاتفاقية التي تحرم على الدول غير النووية عندئذ امتلاك سلاح نووي، ولكنها تتيح الاستخدام السلمي للطاقة النووية تحت رقابة دولية مشددة من «وكالة الطاقة الذرية الدولية» (IAEA). وقد وقعت معظم دول العالم هذه الاتفاقية، وصادقت عليها.
****
في هذا الإطار، وعد الرئيس الأمريكي الحالي باراك أوباما بإعطاء موضوع حظر التسلح النووي أهمية قصوى خلال فترة رئاسته التي شهدت الكثير من التحركات في هذا الصدد، ومن ذلك: عقد قمم الأمن النووي، مرة كل سنتين، والتي تهدف إلى: توسيع نطاق الأمن النووي، وتشديد الرقابة على النشاط النووي في العالم. علما بأن هذه المؤتمرات تتجاهل دائما -تحت ضغوط من واشنطن- النشاط النووي الإرهابي للكيان الصهيوني. حيث عقدت هذه القمم أربع مرات حتى الآن. عقدت الأولى منها في واشنطن عام 2010م، والثانية في سيؤول عام 2012م، والثالثة في لاهاي عام 2014م. وعقدت في واشنطن مؤخرا القمة الرابعة. وعنها سوف نتحدث في الأسبوع القادم.