-A +A
ماجد النفيعي (الطائف)
استيقظت قرية القبسان، أمس الأول على الخبر الحزين برحيل ابنها العريف خلف لافي الحارثي شهيدا برصاصات مجهولين. ما زال أقاربه وأحبابه وأسرته الصغيرة يعيشون حالة الأسى والصدمة. ومن بين العبرات تطل مآثر الشهيد الذي عرف بين معارفه وزملائه بحسن الخلق والشهامة والكرم العربي الأصيل.
يقول ابنا عمومته عوض القبيسي الحارثي وعطية القبيسي الحارثي إن خلف خصص مزرعة فواكه قرب سكنه الشعبي سبيلا للمحتاجين والعابرين، يهديهم العنب والرمان بلا مقابل، إذ كان حفيا بكل من يزور قريته، وكان لزملائه وأقاربه ومعارفه نصيب من سبيل الفاكهة وقد خصصها مرضاة لله. يضيف عوض وعطية: لم يسبق له أن نال مقابلا لذلك أو باع شيئا من المزرعة. الناس هنا لا ينسون دوره الاجتماعي الكبير في تقريب وجهات النظر بين المتخاصمين بل كان حمامة سلام بين كل الأطرف مستخدما طيب وحسن علاقاته مع الجميع.

الشهيد خلف الذي استشهد في موقع عمله في مخفر شرطة القريع بني مالك أب لتسعة من زوجتين، كما يقول شقيقه الوحيد عبدالرزاق لـ«عكاظ»: عرف بالخلق القويم والاستقامة، وقبل استشهاده بليلة واحدة التقى بأقاربه في إحدى المناسبات الاجتماعية، وحرص على تحيتهم جميعا، وظل يقطن في قريته (القبسان) جنوبي الطائف بمنزل شعبي. كان حريصا على أداء مهماته على أحسن ما يكون الأداء والمثابرة والإخلاص. وفي ليلة الحادثة تلقيت سيلا من الاتصالات تسأل عنه، عرفت عن حدوث إطلاق نار في المخفر، شعرت بالقلق عليه، وهاتفته أكثر من مرة لكنه لم يرد، وعلمت أنه أصيب بمكروه حتى وصلنا النبأ الأليم برحيله».
نايف.. الابن الأكبر للشهيد، يكفكف دموعه وهو يتحدث عن مآثر والده الراحل، ويتذكر أنه في عصر يوم وفاته طلب منه وبعض أبناء عمومته مرافقته إلى طريق قرية القبسان لعمل إصلاحات في الطريق الذي دمرته السيول والأمطار وإزالة العوائق عن المسار، وحرص - رحمه الله - على مشاركتنا في العمل الجماعي ووضع حماية للطريق حتى لا ينقطع ويعزل أهالي القرية.
يواصل نايف أن والده حرص على نصح أفراد الأسرة للذهاب إلى مناسبة اجتماعية والمشاركة فيها حرصا منه على صلات الرحم والمودة على الجميع، وأنه ظل يوصيه بتقوى الله والحرص على الصلاة. وقبل رحيله بأيام أهداه وأشقاءه هواتف ذكية، إذ كان كريما وعطوفا بهم جميعا.
يذكر أن المتحدث باسم شرطة منطقة مكة المكرمة أعلن أمس الأول تعرض العريف خلف لافي الحارثي إلى إطلاق نار من مصدر مجهول وهو يؤدي مهماته في مركز القديع بني مالك عند التاسعة والنصف مساء واستشهاده. وباشرت أجهزة الأمن إجراءات الضبط الجنائي لكشف ملابسات وتفاصيل الحادثة. وكثفت الجهات الأمنية في شرطة الطائف عمليات البحث والتحقيق. وطبقا لمعلومات «عكاظ» فإن مقيما يعمل طباخا حدد ملامح اثنين من الجناة اللذين استغلا هدوء الموقع ووجود الشهيد بمفرده داخل بيت شعر في حوش المخفر لتنفيذ جريمتهما وإطلاق خمس رصاصات غادرة أنهت حياة الشهيد. وبحسب شهادة الطباخ فإن الجانيين كانا ملثمين ويرتديان زيا عسكريا واستخدما سلاحين رشاشين لتنفيذ جريمتهما الآثمة.