دائما ما يستذكر الكاتب والأديب المصري أنيس منصور مشاهداته ومواقفه مع الملك سلمان حين كان أميراً للرياض، كتب ذات مرة في مقال له قبل سبع سنوات، وصفه بأنه جزء من مذكراته التي لم تنشر بعد، يقول: «زمان.. زمان.. طلبت من الأمير سلمان أن أعرف وأرى كيف يلتقي بالشعب ويحل مشكلاته. وافق على طلبي، فأخذوني إلى قاعة واسعة جداً. وفي جانب من القاعة جلست إلى قرب الأمير والجنود أمامي في صفين.. وبسرعة جاء من طلب إليّ أن أنتقل إلى مكان بعيد عن الأمير.. فهذه ليست جلسة وإنما هي محكمة والأمير هو القاضي ولا أحد يجلس إلى جوار القاضي». يصف منصور مجلس الحكم بتطلع شغوف يلاحق أدق التفاصيل «في بيئة مشبعة بالأصالة العربية»، يقول: «اتخذ الأمير شكلا صارماً حاسماً. طلبت أن يكون موقعي أقرب لكي أسمع ماذا يقولون.. استمعت ولم أفهم كلمة واحدة، لا بد أنها لهجة بدوية، وتبدو لي كأنها أصوات الطير بلا حروف.. لا فهمت ما يقول الأمير ولا ما يقوله الشعب».
يروي منصور أن «رجلاً كان يجلس بعيدا واضعا ساقا على ساق. ولست على يقين إن كان دخّن في حضرة الأمير. وجاء من يقول لي: إنه لا يريد أن يذهب إلى الأمير. وإنما يجب أن يجيء إليه الأمير، فقد كان الملك عبدالعزيز يفعل ذلك. رأيت الأمير سلمان يذهب إليه، والرجل قد نظر إلى الأرض واعتدل في جلسته. وقال ما لم أفهم. ولاحظت ابتسامة ودهشة أخفاها الأمير في الوقار الضروري لهيئة القاضي والأمير.. أخذ الأمير شكواه وأعطاها لأحد الجنود وانطلق بها. لكن يبدو أن هناك مشكلة أخرى، جاء من يقول لي: إن الرجل لن يذهب إلا إذا تأكد أن شكواه قد انحلت، وأن هذا بالضبط ما تنتظره قبيلته التي تعيش في مكان لا أعرف اسمه. ظل الأمير واقفاً والرجل جالساً لم تتغير ملامح وجهه وجاء الرد على شكواه. وأخذ الرجل الورقة التي تؤكد له هذا المعنى ومعلومات أخرى».
يقول منصور وهو مأخوذ بهذا المشهد: «رأيت الرجل قد قام ولم يوجه للأمير شكراً، فهذا واجب عليه. ولا شكر على واجب. فقد كان الملك عبدالعزيز يحل المشكلات، وينتصر للناس، ولا يتوقع من أحد شكراً على ذلك».
يذكر أنيس منصور في موضع آخر من مشاهداته وذكرياته، أن الملك سلمان كان قد أهدى إلى حسني مبارك -الرئيس المصري السابق- كتاباً مثيراً، وملفتاً، فريداً في نظريته العلمية التي أمضى الباحث سنوات طوالا، وجهداً مضنياً لإثباتها، وتتبع الشواهد والدلائل عليها. الكتاب بعنوان (فك أسرار ذي القرنين -أخناتون- ويأجوج ومأجوج)، للأكاديمي السعودي، وعضو مجلس الشورى حمدي حمزة الجهني، أثار الكتاب مراجعات وردودا علمية، طبع لأول مرة عام 2004، في أكثر من 550 صفحة، ثم طُبعت منه عشرات الآلاف من النسخ باللغتين العربية والإنجليزية. وحاول الباحث أن يكتشف أسرار قصة ذي القرنين التي وردت في القرآن الكريم بسورة الكهف، وأصل قوم «يأجوج ومأجوج»، وحكاية الردم الذي بناه ذو القرنين لمنع ظهورهم، وقصة مطلع ومغرب الشمس في «عين حمئة». يرى المؤلف أن هذه القصة تكشف جانباً من إعجاز وعجائب القرآن الكريم، وتزيح اللثام عن أعمق أسرار تاريخ البشرية، وأدق نقاط الالتقاء بين الحضارة المصرية القديمة، والحضارة الصينية. ويقول المؤلف في مقدمة كتابه: «لقد توصلت إلى أدلة قوية تثبت بأن ذا القرنين ما هو إلا الملك أخناتون أحد ملوك مصر من الأسرة الثامنة عشرة، والذي تولى الملك في مصر من 1360 – 1342 ق.م، ومن ذلك توفرت الكثير من الأدلة على معاصرة وصحبة الملك أخناتون (ذو القرنين) للنبي موسى عليه السلام، وأخناتون هو ابن الفرعون أمنحوتب الثالث الذي تبع موسى حتى البحر ليمنعه وقومه من الخروج إلى صحراء سيناء، فأغرقه الله وجنده في اليم، ومن خلال ذلك وتأسيساً عليه توفرت أدلة عديدة أن الرجل المؤمن الذي جاء ذكره في سورة غافر، وكان يدافع عن النبي موسى في بلاط الفرعون إنما هو أخناتون، وأنه هو ذو القرنين بعينه». وذهب الجهني إلى جزر المالديف، وهناك بعد جهد طويل في البحث الأركيولوجي واللغوي في آثار الجزر، وتاريخ أوائل السكان الذين قدموا إليها وجد أحافير، وتماثيل ومعابد تعود إلى بلاد مصر، أو بلاد ما بين النهرين، وعندما بدأ الباحث يقيس الزمن بحسب ما درسه من آثار مع كتابات المؤرخين القدماء وجد تقاربا في التواريخ والآثار والألفاظ بما يدل على أن من زار جزر المالديف ثم جزر كريباتي ثم بنى الردم في الصين وأنشأ المعابد الشمسية في جميع هذه المواقع إنما هو شخص واحد، ذو القرنين، وهو الفرعون أخناتون الرجل الصالح الموحد الذي اختفى من مصر هو وزوجته نفرتيتي، وأفراد أسرته، وكان اختفاؤهم من أكبر أسرار الحضارة المصرية القديمة، وأكثرها مصدراً للحيرة والعجب والدهشة كما يقول المؤلف.
يشير الباحث إلى أن قصة ذي القرنين، ويأجوج ومأجوج كانت مسيطرة على ذهنه وتفكيره فترة طويلة، وفي يوم من الأيام وصلته رسالة من الاتحاد السعودي للدراجات ترشحه لعضوية الوفد السعودي إلى الصين، يقول: «فوجئت بالخبر، لأنني لم أهتم في حياتي بهذه الرياضة، لكنني قبلت الترشيح وشكرت المسؤولين، لكنني لم أعلم أن هذه الزيارة ستمكنني من التعرف على سر قصة ذي القرنين، وسر يأجوج ومأجوج».
في الصين تعرف الجهني على أستاذ صيني يدرس في جامعة تنكوا بشنغهاي، كان يرغب في تقوية لغته الإنجليزية، «فانتهزت الفرصة، وتبادلت معه أطراف الحديث، ثم سألته عن لفظ (يأجوج ومأجوج) وما إذا كان اللفظ له معنى باللغة الصينية، فقال له الأستاذ الصيني إن كلمة «يأ» تعني باللغة الصينية آسيا، و «جو» تعني «قارة»، وأن كلمة «مأ» تعني «الخيل». يقول الباحث: وجدت أن الكلمات تنطق باللغة الصينية تماماً كما تنطق في القرآن الكريم، فقفزت فرحا من شدة المفاجأة.
كثف الجهني بحثه في كتب التاريخ والآثار الصينية، فوجد أنها تجمع على أن أول حائط دفاعي بُني في الصين كان في عهد أحد ملوك أسرة «شانغ» في الفترة الواقعة بين (1300 - 1150) ق.م في مدينة «جنج جو» في منطقة خنان وسط الصين الواقعة بين مانعين طبيعيين كبيرين هما النهر الأصفر من الشمال ونهر يانجستي من الجنوب وهما من أكبر أنهار الصين. ويروي المؤلف أن هذا الحائط بني لصد اعتداءات جيران مملكة شانغ الصينية الشماليين ممن عرفوا منذ قديم الزمان بشعوب الخيل، والذين يطلق عليهم الصينيون بلغتهم اسم «مأجوج»، وهو يختلف عن بقية الحيطان الدفاعية بأنه عبارة عن «ردم» وليس «سورا»، وآثاره مازالت قائمة. وأنه بني بنظام هندسي معين من خصائصه أنه شيد بين حائطين من الخشب القوي ثم تم إفراغ مادة كربونات الكالسيوم بين هذين الحائطين بطريقة متطابقة تماما لما ورد في القرآن الكريم. وأن الملك الذي بُني في عهده الردم كان معاصراً لعهد توت عنخ آمون في مصر، وتوت عنخ آمون هو الفرعون الذي خلف أخناتون في الحكم.
مع مزيد من البحث في التاريخ الصيني تبين له وجود قوم كانوا يعيشون في ولاية صينية مجاورة لمملكة شانغ، ويذكر التاريخ الصيني بأن أولئك القوم كانوا غير صينيين وإنما قدموا للصين من غرب آسيا، وكان الصينيون يدعونهم بـ «شعب آل تشو»، وتشو تعني بالصينية الشمس. وتشير المصادر إلى أن قائد هؤلاء القوم ومن معه من قومه وأسرته هم الذين أدخلوا عبادة التوحيد في الصين لأول مرة في التاريخ وأنهم كانوا يدعون إلهَهم أو معبودهم بلفظ «تين - أو تيان»، وهنا تأكد لديه أن القوم إنما هم قوم ذي القرنين (أخناتون) الذي سمي معبوده في الحضارة المصرية القديمة بـ «أتين» أو إله الشمس.
رجع الباحث إلى التاريخ القديم في تلك الفترة، فوجد أن الدول التي كانت تحيط بالصين في تلك الحقبة هي اليابان وكوريا ومنشوريا وسيبيريا ومنغوليا ودول آسيا الوسطى وهي جميعها من قارة آسيا ممن يصفهم الصينيون بـ «يأجوج». أما «مأجوج» أو سكان قارة الخيل فإن سكان منغوليا يأتون على رأس قائمة هؤلاء الناس، وهم نفسهم الذين يطلق عليهم الغربيون اسم شعب الخيل أو الرعاة أحيانا أخرى، وهؤلاء القوم عرفوا منذ ما قبل عهد أسرة شانغ بأنهم اعتادوا على شن الحروب على الصين من جهة حدودها الشمالية والشمالية الغربية.
قدم الباحث الكثير من الشواهد والدلائل والنقاشات المفصلة لإثبات فرضيته العلمية، يتعسر حصرها وتلخيصها هنا. كما زار بنفسه الكثير من الأماكن، والقرى والجبال والجزر التي تحدث عنها. تتبعها، ووضع صور خرائطها ضمن كتابه، وأنفق الكثير من الأموال من أجل الذهاب إلى جزر نائية يصعب جداً الوصول إليها، وكاد يهلك في إحدى المرات بعد أن انقطعت به السبل.
لا يسع القارئ للكتاب إلا أن يقف إجلالا وتعظيماً واحتراماً لهذا الجهد الضخم الذي بذله المؤلف متبحراً في كتب التفسير والتاريخ والآثار والقواميس والمعاجم واللغات، والرحلات والجولات واللقاءات، والمخاطر والصعاب التي تجشمها من أجل الوصول إلى الحقيقة، بغض النظر اتفقت مع النتيجة التي توصل إليها أو اختلفت.
* كاتب وباحث سعودي
يروي منصور أن «رجلاً كان يجلس بعيدا واضعا ساقا على ساق. ولست على يقين إن كان دخّن في حضرة الأمير. وجاء من يقول لي: إنه لا يريد أن يذهب إلى الأمير. وإنما يجب أن يجيء إليه الأمير، فقد كان الملك عبدالعزيز يفعل ذلك. رأيت الأمير سلمان يذهب إليه، والرجل قد نظر إلى الأرض واعتدل في جلسته. وقال ما لم أفهم. ولاحظت ابتسامة ودهشة أخفاها الأمير في الوقار الضروري لهيئة القاضي والأمير.. أخذ الأمير شكواه وأعطاها لأحد الجنود وانطلق بها. لكن يبدو أن هناك مشكلة أخرى، جاء من يقول لي: إن الرجل لن يذهب إلا إذا تأكد أن شكواه قد انحلت، وأن هذا بالضبط ما تنتظره قبيلته التي تعيش في مكان لا أعرف اسمه. ظل الأمير واقفاً والرجل جالساً لم تتغير ملامح وجهه وجاء الرد على شكواه. وأخذ الرجل الورقة التي تؤكد له هذا المعنى ومعلومات أخرى».
يقول منصور وهو مأخوذ بهذا المشهد: «رأيت الرجل قد قام ولم يوجه للأمير شكراً، فهذا واجب عليه. ولا شكر على واجب. فقد كان الملك عبدالعزيز يحل المشكلات، وينتصر للناس، ولا يتوقع من أحد شكراً على ذلك».
يذكر أنيس منصور في موضع آخر من مشاهداته وذكرياته، أن الملك سلمان كان قد أهدى إلى حسني مبارك -الرئيس المصري السابق- كتاباً مثيراً، وملفتاً، فريداً في نظريته العلمية التي أمضى الباحث سنوات طوالا، وجهداً مضنياً لإثباتها، وتتبع الشواهد والدلائل عليها. الكتاب بعنوان (فك أسرار ذي القرنين -أخناتون- ويأجوج ومأجوج)، للأكاديمي السعودي، وعضو مجلس الشورى حمدي حمزة الجهني، أثار الكتاب مراجعات وردودا علمية، طبع لأول مرة عام 2004، في أكثر من 550 صفحة، ثم طُبعت منه عشرات الآلاف من النسخ باللغتين العربية والإنجليزية. وحاول الباحث أن يكتشف أسرار قصة ذي القرنين التي وردت في القرآن الكريم بسورة الكهف، وأصل قوم «يأجوج ومأجوج»، وحكاية الردم الذي بناه ذو القرنين لمنع ظهورهم، وقصة مطلع ومغرب الشمس في «عين حمئة». يرى المؤلف أن هذه القصة تكشف جانباً من إعجاز وعجائب القرآن الكريم، وتزيح اللثام عن أعمق أسرار تاريخ البشرية، وأدق نقاط الالتقاء بين الحضارة المصرية القديمة، والحضارة الصينية. ويقول المؤلف في مقدمة كتابه: «لقد توصلت إلى أدلة قوية تثبت بأن ذا القرنين ما هو إلا الملك أخناتون أحد ملوك مصر من الأسرة الثامنة عشرة، والذي تولى الملك في مصر من 1360 – 1342 ق.م، ومن ذلك توفرت الكثير من الأدلة على معاصرة وصحبة الملك أخناتون (ذو القرنين) للنبي موسى عليه السلام، وأخناتون هو ابن الفرعون أمنحوتب الثالث الذي تبع موسى حتى البحر ليمنعه وقومه من الخروج إلى صحراء سيناء، فأغرقه الله وجنده في اليم، ومن خلال ذلك وتأسيساً عليه توفرت أدلة عديدة أن الرجل المؤمن الذي جاء ذكره في سورة غافر، وكان يدافع عن النبي موسى في بلاط الفرعون إنما هو أخناتون، وأنه هو ذو القرنين بعينه». وذهب الجهني إلى جزر المالديف، وهناك بعد جهد طويل في البحث الأركيولوجي واللغوي في آثار الجزر، وتاريخ أوائل السكان الذين قدموا إليها وجد أحافير، وتماثيل ومعابد تعود إلى بلاد مصر، أو بلاد ما بين النهرين، وعندما بدأ الباحث يقيس الزمن بحسب ما درسه من آثار مع كتابات المؤرخين القدماء وجد تقاربا في التواريخ والآثار والألفاظ بما يدل على أن من زار جزر المالديف ثم جزر كريباتي ثم بنى الردم في الصين وأنشأ المعابد الشمسية في جميع هذه المواقع إنما هو شخص واحد، ذو القرنين، وهو الفرعون أخناتون الرجل الصالح الموحد الذي اختفى من مصر هو وزوجته نفرتيتي، وأفراد أسرته، وكان اختفاؤهم من أكبر أسرار الحضارة المصرية القديمة، وأكثرها مصدراً للحيرة والعجب والدهشة كما يقول المؤلف.
يشير الباحث إلى أن قصة ذي القرنين، ويأجوج ومأجوج كانت مسيطرة على ذهنه وتفكيره فترة طويلة، وفي يوم من الأيام وصلته رسالة من الاتحاد السعودي للدراجات ترشحه لعضوية الوفد السعودي إلى الصين، يقول: «فوجئت بالخبر، لأنني لم أهتم في حياتي بهذه الرياضة، لكنني قبلت الترشيح وشكرت المسؤولين، لكنني لم أعلم أن هذه الزيارة ستمكنني من التعرف على سر قصة ذي القرنين، وسر يأجوج ومأجوج».
في الصين تعرف الجهني على أستاذ صيني يدرس في جامعة تنكوا بشنغهاي، كان يرغب في تقوية لغته الإنجليزية، «فانتهزت الفرصة، وتبادلت معه أطراف الحديث، ثم سألته عن لفظ (يأجوج ومأجوج) وما إذا كان اللفظ له معنى باللغة الصينية، فقال له الأستاذ الصيني إن كلمة «يأ» تعني باللغة الصينية آسيا، و «جو» تعني «قارة»، وأن كلمة «مأ» تعني «الخيل». يقول الباحث: وجدت أن الكلمات تنطق باللغة الصينية تماماً كما تنطق في القرآن الكريم، فقفزت فرحا من شدة المفاجأة.
كثف الجهني بحثه في كتب التاريخ والآثار الصينية، فوجد أنها تجمع على أن أول حائط دفاعي بُني في الصين كان في عهد أحد ملوك أسرة «شانغ» في الفترة الواقعة بين (1300 - 1150) ق.م في مدينة «جنج جو» في منطقة خنان وسط الصين الواقعة بين مانعين طبيعيين كبيرين هما النهر الأصفر من الشمال ونهر يانجستي من الجنوب وهما من أكبر أنهار الصين. ويروي المؤلف أن هذا الحائط بني لصد اعتداءات جيران مملكة شانغ الصينية الشماليين ممن عرفوا منذ قديم الزمان بشعوب الخيل، والذين يطلق عليهم الصينيون بلغتهم اسم «مأجوج»، وهو يختلف عن بقية الحيطان الدفاعية بأنه عبارة عن «ردم» وليس «سورا»، وآثاره مازالت قائمة. وأنه بني بنظام هندسي معين من خصائصه أنه شيد بين حائطين من الخشب القوي ثم تم إفراغ مادة كربونات الكالسيوم بين هذين الحائطين بطريقة متطابقة تماما لما ورد في القرآن الكريم. وأن الملك الذي بُني في عهده الردم كان معاصراً لعهد توت عنخ آمون في مصر، وتوت عنخ آمون هو الفرعون الذي خلف أخناتون في الحكم.
مع مزيد من البحث في التاريخ الصيني تبين له وجود قوم كانوا يعيشون في ولاية صينية مجاورة لمملكة شانغ، ويذكر التاريخ الصيني بأن أولئك القوم كانوا غير صينيين وإنما قدموا للصين من غرب آسيا، وكان الصينيون يدعونهم بـ «شعب آل تشو»، وتشو تعني بالصينية الشمس. وتشير المصادر إلى أن قائد هؤلاء القوم ومن معه من قومه وأسرته هم الذين أدخلوا عبادة التوحيد في الصين لأول مرة في التاريخ وأنهم كانوا يدعون إلهَهم أو معبودهم بلفظ «تين - أو تيان»، وهنا تأكد لديه أن القوم إنما هم قوم ذي القرنين (أخناتون) الذي سمي معبوده في الحضارة المصرية القديمة بـ «أتين» أو إله الشمس.
رجع الباحث إلى التاريخ القديم في تلك الفترة، فوجد أن الدول التي كانت تحيط بالصين في تلك الحقبة هي اليابان وكوريا ومنشوريا وسيبيريا ومنغوليا ودول آسيا الوسطى وهي جميعها من قارة آسيا ممن يصفهم الصينيون بـ «يأجوج». أما «مأجوج» أو سكان قارة الخيل فإن سكان منغوليا يأتون على رأس قائمة هؤلاء الناس، وهم نفسهم الذين يطلق عليهم الغربيون اسم شعب الخيل أو الرعاة أحيانا أخرى، وهؤلاء القوم عرفوا منذ ما قبل عهد أسرة شانغ بأنهم اعتادوا على شن الحروب على الصين من جهة حدودها الشمالية والشمالية الغربية.
قدم الباحث الكثير من الشواهد والدلائل والنقاشات المفصلة لإثبات فرضيته العلمية، يتعسر حصرها وتلخيصها هنا. كما زار بنفسه الكثير من الأماكن، والقرى والجبال والجزر التي تحدث عنها. تتبعها، ووضع صور خرائطها ضمن كتابه، وأنفق الكثير من الأموال من أجل الذهاب إلى جزر نائية يصعب جداً الوصول إليها، وكاد يهلك في إحدى المرات بعد أن انقطعت به السبل.
لا يسع القارئ للكتاب إلا أن يقف إجلالا وتعظيماً واحتراماً لهذا الجهد الضخم الذي بذله المؤلف متبحراً في كتب التفسير والتاريخ والآثار والقواميس والمعاجم واللغات، والرحلات والجولات واللقاءات، والمخاطر والصعاب التي تجشمها من أجل الوصول إلى الحقيقة، بغض النظر اتفقت مع النتيجة التي توصل إليها أو اختلفت.
* كاتب وباحث سعودي