عندما جاءت فكرة إنشاء وتأسيس مجلس التعاون لدول الخليج العربية في بداية الثمانينات من القرن المنصرم لم تكن الفكرة وليدة اللحظة، لدى الآباء المؤسسين، بل جاء المجلس من طموحات وحدوية بين الدول العربية ككتلة واحدة من الرباط غربا إلى المرباط شرقا، لكن الدول التي توحدت على كلمة سواء وآمنت بالمصير المشترك وكثير من القواسم المتطابقة هي الدول الست دائمة العضوية في مجلس التعاون الخليجي، سياسة خارجية موحدة تسير مصالح الأمة الخليجية، مصير مشترك ينتظرهم، لسان عربي مبين يجمعهم، الدين الإسلامي الحنيف معتنق جل الشعوب في الدول سالفة الذكر، ناهيك عن مناسبات وطنية واحدة، ودينية موحدة إلا ما قل وندر وإن كان، فالتغاضي يغني عن الضجر،، ومضت السنون مثل الثواني وتربت أجيال على أجمل الشعارات والأغاني، أغاني الوحدة والخليج العربي يقبع بين المحاني.
أما اليوم وبعد هبوب عواصف الخريف العربي العاتية لتخلف عواطف الشعب العربي الجاثية في نفوسهم والتي لربما غيبت عقولهم برهة، ويبدو أن التضاريس في بعض دول مجلس التعاون قد تشوهت، وأخرى تبعثرت، وأخشى أن تكون في إحداها قد طمست، خصوصا تلك التضاريس التي تعتبر بعدا إستراتيجيا وأمنا قوميا لا يقبل حولها خلاف، نلوذ بها علها تعصمنا ساعة العسرة.
فهل أصبح حال مجلس التعاون الخليجي بتضاريس دوله المتباينة بين سهوله وجباله وقفاره منظومة هرمه تنخر فيها الشيخوخة، التي بدت تجاعيدها واضحة في ملامح وجه القرار الخليجي المشترك في ثقل الحركة وقلة البركة خصوصا القرارات الإستراتيجية؟!
وهل بات مجلس التعاون الخليجي منظومة عاجزة عن سد ثغرات بعض أعضائه لاسيما الثغرات التي تعد بمثابة تهديد للأمن القومي الخليجي بقصد أو حتى من دون قصد؟
هل أحيل مجلس التعاون الخليجي للتقاعد مبكرا كما أحيلت الجامعة العربية للتقاعد متأخرة؟!
إذا، بإطلاق المجلس التنسيقي السعودي الإماراتي نحن أمام قدوة لبقية دول المجلس، ونحن نشهد قيام منظومة خليجية وحدوية حيوية طموحة تتنافس فيها طموح قادتها مع طموحات شعبها نحو هدف واحد ألا وهو.. وحدتنا أساس وجودنا. هل يمكننا القول إن (المجلس التنسيقي) خير خلف لخير سلف (مجلس التعاون)؟
ولكن بقي أن يبتلع المجلس «الوليد» تلك الخلافات الثانوية بين البلدين الشقيقين هذا هو التحدي الأكبر، في حال تعدينا تلك النقاط العالقة فإننا نستطيع أن نضع بقية النقاط على الحروف التي من الممكن بالتالي أن تكون كلمة سواء نؤسس عليها غدا مشرقا.
فنحن بهذا القرار السامي في شكله ومضمونه من قيادتي البلدين بمثابة إعلان اتحاد فعلي وشكلي بين القطرين فالقرار السياسي السعودي هو إماراتي والقرار والإجراء الأمني الإماراتي هو سعودي وكذلك الحال في القرارات الاقتصادية والاجتماعية وغيرها..
إذا، مفهوم جديد في معاني الوحدة ومدرسة جديدة في التعاون والوحدة بين الدول، فلك أن تتخيل الميزانيات البليونية التي تصرف على قدراتنا العسكرية ومظلاتنا الأمنية عندما تستغل في الداخل، كتنمية قطاع التصنيع العسكري وتأسيس الشركات والشراكات البينية في ذات المجال ناهيك عن الابتكارات في المنظومات الأمنية، والانفتاح التام ما بين البلدين عسكريا وأمنيا وتجاريا واقتصاديا.. ماذا لو تخيلنا عملية الاندماج بين عملاقي الصناعة النفطية السعودية والإماراتية (أرامكو وادنوك).. ولو وضع تصور لعملية تكاملية بين ميناء (جدة الإسلامي) وميناء (خليفة) في أبوظبي، عندها سيكون الخليج العربي بمجلسه التنسيقي ذي الدولتين كتلة دولية صلبة مؤهلة لمواجهة أحلك الظروف والمؤامرات إن تجرأ عليها أحد. ولكم ان تتصوروا مجلسا تنسيقيا بدوله الست دائمة العضوية؟
فالجامعة العربية مع تقدم سنها كانت تنظر لمجلس التعاون الخليجي بمثابة المنقذ والمنفذ لبر الأمان في فترة ما، فهل جاء اليوم الذي ينظر فيه مجلس التعاون الخليجي إلى المجلس التنسيقي السعودي الإماراتي على أنه مارشال الخليج؟
فليس القرار الخليجي فحسب بل العربي أيضا يصدر من هنا ويعد هناك بين العاصمتين الرياض وأبوظبي.. فهل من مزيد؟
* كاتب وإعلامي إماراتي
أما اليوم وبعد هبوب عواصف الخريف العربي العاتية لتخلف عواطف الشعب العربي الجاثية في نفوسهم والتي لربما غيبت عقولهم برهة، ويبدو أن التضاريس في بعض دول مجلس التعاون قد تشوهت، وأخرى تبعثرت، وأخشى أن تكون في إحداها قد طمست، خصوصا تلك التضاريس التي تعتبر بعدا إستراتيجيا وأمنا قوميا لا يقبل حولها خلاف، نلوذ بها علها تعصمنا ساعة العسرة.
فهل أصبح حال مجلس التعاون الخليجي بتضاريس دوله المتباينة بين سهوله وجباله وقفاره منظومة هرمه تنخر فيها الشيخوخة، التي بدت تجاعيدها واضحة في ملامح وجه القرار الخليجي المشترك في ثقل الحركة وقلة البركة خصوصا القرارات الإستراتيجية؟!
وهل بات مجلس التعاون الخليجي منظومة عاجزة عن سد ثغرات بعض أعضائه لاسيما الثغرات التي تعد بمثابة تهديد للأمن القومي الخليجي بقصد أو حتى من دون قصد؟
هل أحيل مجلس التعاون الخليجي للتقاعد مبكرا كما أحيلت الجامعة العربية للتقاعد متأخرة؟!
إذا، بإطلاق المجلس التنسيقي السعودي الإماراتي نحن أمام قدوة لبقية دول المجلس، ونحن نشهد قيام منظومة خليجية وحدوية حيوية طموحة تتنافس فيها طموح قادتها مع طموحات شعبها نحو هدف واحد ألا وهو.. وحدتنا أساس وجودنا. هل يمكننا القول إن (المجلس التنسيقي) خير خلف لخير سلف (مجلس التعاون)؟
ولكن بقي أن يبتلع المجلس «الوليد» تلك الخلافات الثانوية بين البلدين الشقيقين هذا هو التحدي الأكبر، في حال تعدينا تلك النقاط العالقة فإننا نستطيع أن نضع بقية النقاط على الحروف التي من الممكن بالتالي أن تكون كلمة سواء نؤسس عليها غدا مشرقا.
فنحن بهذا القرار السامي في شكله ومضمونه من قيادتي البلدين بمثابة إعلان اتحاد فعلي وشكلي بين القطرين فالقرار السياسي السعودي هو إماراتي والقرار والإجراء الأمني الإماراتي هو سعودي وكذلك الحال في القرارات الاقتصادية والاجتماعية وغيرها..
إذا، مفهوم جديد في معاني الوحدة ومدرسة جديدة في التعاون والوحدة بين الدول، فلك أن تتخيل الميزانيات البليونية التي تصرف على قدراتنا العسكرية ومظلاتنا الأمنية عندما تستغل في الداخل، كتنمية قطاع التصنيع العسكري وتأسيس الشركات والشراكات البينية في ذات المجال ناهيك عن الابتكارات في المنظومات الأمنية، والانفتاح التام ما بين البلدين عسكريا وأمنيا وتجاريا واقتصاديا.. ماذا لو تخيلنا عملية الاندماج بين عملاقي الصناعة النفطية السعودية والإماراتية (أرامكو وادنوك).. ولو وضع تصور لعملية تكاملية بين ميناء (جدة الإسلامي) وميناء (خليفة) في أبوظبي، عندها سيكون الخليج العربي بمجلسه التنسيقي ذي الدولتين كتلة دولية صلبة مؤهلة لمواجهة أحلك الظروف والمؤامرات إن تجرأ عليها أحد. ولكم ان تتصوروا مجلسا تنسيقيا بدوله الست دائمة العضوية؟
فالجامعة العربية مع تقدم سنها كانت تنظر لمجلس التعاون الخليجي بمثابة المنقذ والمنفذ لبر الأمان في فترة ما، فهل جاء اليوم الذي ينظر فيه مجلس التعاون الخليجي إلى المجلس التنسيقي السعودي الإماراتي على أنه مارشال الخليج؟
فليس القرار الخليجي فحسب بل العربي أيضا يصدر من هنا ويعد هناك بين العاصمتين الرياض وأبوظبي.. فهل من مزيد؟
* كاتب وإعلامي إماراتي