-A +A
تشارلي ريز
الجنرال ديفيد بيتريوس التي وصفته إدارة بوش بأنه «منقذ» الوطن من الأزمة العراقية، هو، كغيره من العديد من الضباط، هذه الأيام، جنرال لا يمتلك خبرات قتالية واسعة.
فقد قاد الفرقة المجوقلة (101) خلالها مرحلة غزو العراق، ثم انتقل بعد ذلك معها إلى كردستان العراق، الأكثر أماناً من جميع المناطق العراقية الأخرى، وفيما عدا ذلك فإن خبرته تكونت فقط في أوقات السلام حيث عمل في معظمها مساعداً للعديد من الضباط. وما من شكّ في أن «بيتريوس» هو رجل ذكي ومستنير، يحمل ماجستير ودكتوراة من جامعات مشهورة، وتخرج من معهد «وست بوينت» وذكرت وسائل الإعلام أنه مؤلف «الدليل العسكري الميداني لمواجهة التمرد أو المقاومة» لكنه، في الواقع شارك في تأليف هذا الكتاب، مع الجنرال «جيمس ماتيس» قائد قوات المارينز. غير أن «بيتريوس» عدا ذلك لم يكن محظوظاً، فخلال مناورة بالرصاص الحي، أصابه أحد جنوده بطلقة في صدره، عن طريق الخطأ، كما أنه خلال هبوطه بالمظلة في أحد الأيام، تعطلت المظلة، مما أسفر عن كسر في حوضه، أما مهمته الأخرى في العراق، فكانت تقضي بتشكيل وتدريب الجيش العراقي، وهي مهمة كما يبدو، لم تكن ناجحة، لأن هذا الجيش، بعد ثلاث سنوات، ليس قادراً على الدفاع عن أرضه، ولا على حفظ الأمن فيها. واليوم، وبصفته القائد الميداني الأعلى للقوات الأمريكية في العراق، هو مكلف بتطبيق ما تصفها إدارة بوش بـ«الاستراتيجية الجديدة»، التي تتمحور حول نشر وتركيز جنود أمريكيين مع جنود عراقيين، في مراكز ومواقع صغيرة حول بغداد، والفكرة من وراء ذلك، توفير الأمن لمن يصفهم الجيش «بالعناصر الصديقة والجيدة» لكن المشكلة تكمن في كيفية التعرف الى «العنصر الجيد»، إذا لابد من أجل ذلك من طلب المشورة والنصح من «الجيران»، وهناك عراقيون آخرون يعتبرون هؤلاء «العناصر الجيدة» من الخونة والمتعاونين مع الأعداء. ويؤكد التاريخ، أن المقاومين، يختبئون، ببساطة في الوقت الذي تكون فيه القوات الأمريكية منتشرة بكثافة، وهم يُبادرون إلى شن هجماتهم في أماكن أخرى، وهكذا، فإننا عندما نصغي للجنرال بيتريوس، أو لإدارة بوش، يتحدثان باعتزاز عن أن «الاستراتيجية الجديدة» بدأت تعطي نتائجها الإيجابية، لابد أن نتذكر السؤال الذي لم يلق جواب وهو: «ماذا سيحصل بعد أن تغادر القوات الأمريكية؟». أو السؤال الثاني: «ما هي المدة التي سيبقى خلال الجنود القتاليون في بغداد؟». وباختصار نقول إن استراتيجية بيتريوس لقمع المقاومة والتمرد، هي الاستراتيجية التي اعتمدتها أمريكا في فيتنام، والتي منيت بفشل ذريع، والحملة الوحيدة لمقاومة وقمع التمرد التي أستطيع تذكّرها كانت الحملة التي نفذها البريطانيون في ماليزيا، وقد استغرقت تلك الحملة عشر سنوات، وما ساعد البريطانيين أن معظم المقاومين كانوا من الصينيين، غير المحبوبين كثيراً من سائر المواطنين. إن المقاومين في العراق هم في معظمهم من العراقيين. والناس ينظرون إلى الجيش الأمريكي باعتباره جيش احتلال أجنبياً يريدون رحيله، وما يلفت الانتباه، هو أن 144 عضواً من أعضاء البرلمان العراقي، وقعوا على عريضة تطالب بأن تضع أمريكا جدولاً زمنياً لسحب قواتها، لكن وسائل الإعلام الأمريكية لسبب أو لآخر لم تسلط الأضواء اللازمة على ذلك. كذلك يبدو أن الأزمة مع البرلمان على الأقل ليست بين الشيعة والسنة، بل بين انفصاليين تدعمهم الولايات المتحدة، وقوميين يريدون حكومة مركزية قوية، تشرف على عائدات النفط الهائلة، والانفصاليون يريدوننا أن نبقى، بالتأكيد، فيما يريد القوميون منا أن نرحل. أما نحن، فعلينا أن ندعم القوميين أولاً، ثم نرحل بعد ذلك.

ترجمة: جوزيف حرب