في الوقت الذي يبحث فيه مختصو الرحلات على تسهيل إجراءات التنقل بين البلدان، تشدد مطارات حول العالم إجراءاتها ضد المسافرين لتجنب أعمال إرهابية محتملة، قد تولد كارثة كبيرة، ويرجع باحثون إلى أن الإجراءات المشددة بنمطها الحذر انطلق عقب أحداث 11 أيلول سبتمبر 2001، رغم أن العالم شهد حالات اختطاف لطائرات عدة قبل ذلك اليوم العصيب.
حادثة الطائرة المصرية جاءت عقب سلسلة من الغموض الذي اكتنف استهداف الطائرة الروسية فوق أرض الكنانة، ومن باريس جاءت ردة الفعل الأولى، إذ أخلت السلطات الفرنسية مطار شارل ديغول بعد الاشتباه بجسم غريب، ووضع المطار الفرنسي منذ الخميس الماضي تحت المجهر الأمني وفي حالة تأهب، إثر تحطم الطائرة المصرية التي أقلعت من مطار شارل ديغول باتجاه القاهرة.
وأكد وزير خارجية فرنسا على سؤال حول التدابير الأمنية الإضافية في مطارات بلده التزامهم بكل ما يملكون من قوة لضمان أمن المسافرين، ما يعني استمرار الإجراءات المشددة التي انطلقت عقب أحداث جمعة باريس الدامية.
وفي الولايات المتحدة الأمريكية، نقلت «رويترز» من مصادر تأكيدات بتشديد الإجراءات الأمنية على مطار لوس أنجليس (غرب البلاد)، بعد حادثة الطائرة المصرية، وقالت شرطة المطار ببيان صحفي «شددنا الوضع الأمني وعززنا الإجراءات المتعلقة بمواجهة الإرهاب». وعادة ما تعلن إدارة الأمن القومي في واشنطن في فترات متفرقة تشديد إجراءاتها الأمنية على مطاراتها التي يعبرها ملايين المسافرين سنوياً، بسبب مخاوف من هجمات إرهابية محتملة، وتبدي سلطات المطارات قلقاً متزايداً من أن ينجح الإرهابيون من تطوير قنابل أكثر تعقيداً تصعب عملية اقتفائها، ولعل عام 2014، شهد تشديدا أمنيا كبيرا في المطارات الأمريكية.
وفي مطار نيوآرك الدولي الواقع جنوب غرب مانهاتن تحديداً، وضعت إدارة المطار جملة من التعليمات للمسافرين سعياً لتسهيل وإسراع عملية التفتيش التي يتم تنفيذها من خلال السلطات، إذ نصحت مرتادي المطار عبر موقعها الإلكتروني بوضع الأمتعة وترتيبها في شكل طبقات، ذلك ليزيد من وضوحها حين يتم فحصها من قبل المختصين، عدم وضع جهاز الكمبيوتر المحمول داخل الحقيبة وإبرازه خارجها، وضع الأدوية والحقن في مغلفاتها الأصلية مع أهمية إحضار وصفاتها الطبية.
وشجعت إدارة المطار المسافرين على الحضور بشكل مبكر لتوفير وقت كاف لتنفيذ عمليات التفتيش المطلوبة التي من خلالها يتم التأكد من أمان وسلامة المسافر ومناسبته لصعود الطائرة، إضافة إلى إدراجها قائمة بالسوائل، الأغذية، والبطاريات التي من الممكن أن يصطحبها المسافر معه خلال الرحلة.
وتعيش القارة العجوز، مخاوف واحترازات أمنية مشددة، عقب تعرض مطار العاصمة لهجمات إرهابية، ورغم إعادة بروكسل لمطار زافينتيم بعد 12 يوماً من التفجيرات الانتحارية التي دمرت قاعة المغادرة وأسفرت عن مقتل 16 شخصا لا تزال الإجراءات الأمنية المشددة حاضرة في مطارات المدن الأوروبية.
ويرى الخبير في الطيران المدني الدكتور عبدالرحمن السلمان أن ضرب صناعة الطيران بالأحداث الإرهابية «ليست وليدة اليوم»، مشيراً إلى أن التاريخ يؤكد مقولة «ما دامت الصراعات مستمرة على الأرض، فحركة الطيران مستهدفة بشكل أساسي».
ويعزو استهداف الحركات الإرهابية لحركة الطيران العالمية خلال حديثه لـ «عكاظ» إلى قوة أثر الهجمات على الطائرات والمطارات، «لأنها من أهم وسائل النقل ويكون تأثيره بالغا على اقتصاديات الدول، لذا فإن التأثير يكون عنيفا على مستوى الأمن والاقتصاد».
ويضيف: «التأثير على مستوى الاقتصاد وشركات الطيران وشركات التأمين، وكذلك السياحة، وتوجد اقتصاديات أخرى مرتبطة بالطيران؛ لذا كان من السهل استهداف النقل الجوي وصناعة الطيران، لقوة تأثيره».
ووفقاً للخبير في الطيران المدني، فإن المنظمة الدولية للطيران المدني (إيكاو) تسعى إلى توزيع آخر التحديثات للأوضاع الأمنية في مسارات الملاحة الجوية وتوزع بشكل مستمر تحذيراتها من محامل تعرض المطارات وحركة الملاحة الجوية لأخطار محدقة.