تتجسد العلاقات الصراعية الدولية الراهنة بالمنطقة العربية الملتهبة، أكثر ما تتجسد، في الأزمة/ المأساة السياسية السورية الحالية وبامتياز، التي تحولت إلى مأساة سورية عربية وعالمية دامية.. بسبب ما يحيط بها من تدخلات إقليمية ودولية متنافرة، تزيد طين الأزمة بلة، وتقودها إلى طريق مسدود، يصعب فيه حلحلتها، بما يخدم المصلحة العامة السورية، ويريح الشعب العربي السوري من سفك دمائه، وتشريده، وتدمير وتخريب بلاده.
وكما هو معروف، تعاني سورية منذ استقلالها، من استحكام قلة قليلة مستبدة ودموية من شعبها، واستيلائهم على السلطة فيها، والحكم بما يخدم مصالح تلك القلة، وعلى حساب حرية وكرامة ومصالح غالبية الشعب السوري الأبي. وقد تضاعف ضرر هذا الاستبداد السياسي في سورية منذ نحو أربعة عقود، إثر استيلاء حافظ الأسد على السلطة في دمشق، ثم توريثه السلطة -في مسرحية سياسية سخيفة- لابنه بشار.. مكرسا بذلك نظاما فئويا وطائفيا إرهابيا ومدمرا.
****
هذا الاستبداد (الطائفي) الغاشم والمهين أدى -بالضرورة- لتذمر واستياء الشعب السوري، ومن ثم ثورته.. لتنضم سورية إلى موجة الربيع العربي التي بدأت عام 2011م، فشمر النظام الأسدي ومؤيدوه عن سواعدهم، ووجهوا آلة القتل والتنكيل والتدمير لديهم، والمتمثلة في الجيش الطائفي الذي أسسوه، لقتل أبناء الشعب الثائرين والمعارضين لنظام الأسد، والمطالبين برحيله. في البدء، كان صراعا بين شعب أعزل يطالب -سلما- بحقه في اختيار حكومته، ونظام مستبد.. جثم على صدور السوريين طويلا، وسامهم سوء العذاب، وأضعف حالهم وأنهك بلادهم. ولكن، سرعان ما تحول ذلك الحدث إلى صراع سوري ــ إقليمي، عندما تدخلت قوى إقليمية لجانب النظام (إيران، وغيرها) وقوى إقليمية أخرى (تركيا، قطر وغيرهما) لصالح المعارضة التي تجسدت في البدء في (الائتلاف الوطني السوري)، وما يعرف بـ(الجيش الحر). ثم سرعان ما دخلت قوى عالمية لساحة هذا الصراع.. بعضها مع النظام الأسدي (روسيا، الصين) وأخرى لجانب المعارضة (أميركا وحلف ناتو) فتحول ذلك الصراع، الذي بدأ في مدينة (درعا) السورية، إلى صراع سوري ــ إقليمي ــ عالمي. ولكن، لا بد ألا نغفل هنا دور الجماعات الإسلاموية، خاصة المتطرفة والهدامة، التي ما أن تجد مشكلة إلا وتسارع لشحنها إرهابا وتعقيدا. تكاد معظم هذه الجماعات «تقاتل» لمجرد القتل والتدمير، ليس إلا. لم تدخل هذه الجماعات بلدا إلا دمرته، وأعادته للخلف قرونا. أغلب هذه الجماعات تفسر الإسلام على أنه عقيدة قتل وتدمير، لا دين نهضة وتقدم وازدهار. ولذا، ألحقت غالبية هذه الجماعات ضررا بالغا بالدين القيم، وشوهت صورته النقية في العالمين، وألبت عليه الرأي العام العالمي. وهنا تكمن أسباب مضاعفات هذه المأساة التي دخلت عامها الخامس، دون أدنى أمل في التوقف، أو الحل المقبول.
****
لو لم تحصل هذه التدخلات لربما انتهت هذه الأزمة بعد أشهر قليلة من اندلاعها، من مدينة (درعا). ولكن هذه الأزمة أعتبرت (بيئة) مواتية للتدخلات الأجنبية المختلفة، وماء عكرا.. يصطاد فيه الانتهازيون، والإرهابيون، والصهاينة. وما حصل في سوريا حصل في اليمن وليبيا، وكاد أن يحصل -وعلى هذا المدى الواسع- في كل من تونس ومصر. بل يمكن القول إنه قابل للحصول في أي بلد عربي آخر، بسبب طبيعة وأهمية المنطقة العربية الخاصة -إقليميا وعالميا- وكونها مطمعا مهما في سياسات السيطرة الدولية. وأيضا بسبب إصرار بعض الأطراف على (أدلجة) الصراعات.. والسماح لنفسها بـ(الجهاد) ضد الطرف الذي تعتقد أنه العدو؟!..
وهذا مما يدفع لدعوة المجتمع الدولي، متمثلا في منظمة الامم المتحدة -إن كانت هناك حياة لهذا المجتمع- لإنشاء جهاز رئيس بالمنظمة الأممية، يتولى العمل على مقاومة الاستبداد السياسي المرفوض، والقيام بالتدخل الأممي الحميد، لتمكين شعوب الدول الأعضاء المقهورة، من حق تقرير مصيرها بنفسها، وحق اختيار النظام السياسي الذي تريده، ويمثلها بحق، ويخدم مصالحها العامة، بعيدا عن الصراعات الدولية والمذهبية، والمصالح الفئوية والطائفية الخاصة، وتجنبا للأزمات المشابهة للأزمة السورية التي ما كانت لتندلع أصلا لولا الاستبداد الدموي. لابد -كما يرى كثير من الحكماء والمفكرين السياسيين- من وجود إجماع وعمل دولي استباقي مقنن ضد الطغيان السياسي، الذي يمثل النظام الأسدي واحدا من أبشع صوره وأشكاله. ولهذا الحديث صلة.
sfadil50@hotmail.com
وكما هو معروف، تعاني سورية منذ استقلالها، من استحكام قلة قليلة مستبدة ودموية من شعبها، واستيلائهم على السلطة فيها، والحكم بما يخدم مصالح تلك القلة، وعلى حساب حرية وكرامة ومصالح غالبية الشعب السوري الأبي. وقد تضاعف ضرر هذا الاستبداد السياسي في سورية منذ نحو أربعة عقود، إثر استيلاء حافظ الأسد على السلطة في دمشق، ثم توريثه السلطة -في مسرحية سياسية سخيفة- لابنه بشار.. مكرسا بذلك نظاما فئويا وطائفيا إرهابيا ومدمرا.
****
هذا الاستبداد (الطائفي) الغاشم والمهين أدى -بالضرورة- لتذمر واستياء الشعب السوري، ومن ثم ثورته.. لتنضم سورية إلى موجة الربيع العربي التي بدأت عام 2011م، فشمر النظام الأسدي ومؤيدوه عن سواعدهم، ووجهوا آلة القتل والتنكيل والتدمير لديهم، والمتمثلة في الجيش الطائفي الذي أسسوه، لقتل أبناء الشعب الثائرين والمعارضين لنظام الأسد، والمطالبين برحيله. في البدء، كان صراعا بين شعب أعزل يطالب -سلما- بحقه في اختيار حكومته، ونظام مستبد.. جثم على صدور السوريين طويلا، وسامهم سوء العذاب، وأضعف حالهم وأنهك بلادهم. ولكن، سرعان ما تحول ذلك الحدث إلى صراع سوري ــ إقليمي، عندما تدخلت قوى إقليمية لجانب النظام (إيران، وغيرها) وقوى إقليمية أخرى (تركيا، قطر وغيرهما) لصالح المعارضة التي تجسدت في البدء في (الائتلاف الوطني السوري)، وما يعرف بـ(الجيش الحر). ثم سرعان ما دخلت قوى عالمية لساحة هذا الصراع.. بعضها مع النظام الأسدي (روسيا، الصين) وأخرى لجانب المعارضة (أميركا وحلف ناتو) فتحول ذلك الصراع، الذي بدأ في مدينة (درعا) السورية، إلى صراع سوري ــ إقليمي ــ عالمي. ولكن، لا بد ألا نغفل هنا دور الجماعات الإسلاموية، خاصة المتطرفة والهدامة، التي ما أن تجد مشكلة إلا وتسارع لشحنها إرهابا وتعقيدا. تكاد معظم هذه الجماعات «تقاتل» لمجرد القتل والتدمير، ليس إلا. لم تدخل هذه الجماعات بلدا إلا دمرته، وأعادته للخلف قرونا. أغلب هذه الجماعات تفسر الإسلام على أنه عقيدة قتل وتدمير، لا دين نهضة وتقدم وازدهار. ولذا، ألحقت غالبية هذه الجماعات ضررا بالغا بالدين القيم، وشوهت صورته النقية في العالمين، وألبت عليه الرأي العام العالمي. وهنا تكمن أسباب مضاعفات هذه المأساة التي دخلت عامها الخامس، دون أدنى أمل في التوقف، أو الحل المقبول.
****
لو لم تحصل هذه التدخلات لربما انتهت هذه الأزمة بعد أشهر قليلة من اندلاعها، من مدينة (درعا). ولكن هذه الأزمة أعتبرت (بيئة) مواتية للتدخلات الأجنبية المختلفة، وماء عكرا.. يصطاد فيه الانتهازيون، والإرهابيون، والصهاينة. وما حصل في سوريا حصل في اليمن وليبيا، وكاد أن يحصل -وعلى هذا المدى الواسع- في كل من تونس ومصر. بل يمكن القول إنه قابل للحصول في أي بلد عربي آخر، بسبب طبيعة وأهمية المنطقة العربية الخاصة -إقليميا وعالميا- وكونها مطمعا مهما في سياسات السيطرة الدولية. وأيضا بسبب إصرار بعض الأطراف على (أدلجة) الصراعات.. والسماح لنفسها بـ(الجهاد) ضد الطرف الذي تعتقد أنه العدو؟!..
وهذا مما يدفع لدعوة المجتمع الدولي، متمثلا في منظمة الامم المتحدة -إن كانت هناك حياة لهذا المجتمع- لإنشاء جهاز رئيس بالمنظمة الأممية، يتولى العمل على مقاومة الاستبداد السياسي المرفوض، والقيام بالتدخل الأممي الحميد، لتمكين شعوب الدول الأعضاء المقهورة، من حق تقرير مصيرها بنفسها، وحق اختيار النظام السياسي الذي تريده، ويمثلها بحق، ويخدم مصالحها العامة، بعيدا عن الصراعات الدولية والمذهبية، والمصالح الفئوية والطائفية الخاصة، وتجنبا للأزمات المشابهة للأزمة السورية التي ما كانت لتندلع أصلا لولا الاستبداد الدموي. لابد -كما يرى كثير من الحكماء والمفكرين السياسيين- من وجود إجماع وعمل دولي استباقي مقنن ضد الطغيان السياسي، الذي يمثل النظام الأسدي واحدا من أبشع صوره وأشكاله. ولهذا الحديث صلة.
sfadil50@hotmail.com