أتقنت أكثر من 300 عسكرية يعملن في السجون وبعض القطاعات الأمنية 15 حركة دفاع عن النفس وتفكيك للشغب وفرض السيطرة والتغلب على أسلحة الأعداء. ورصدت «عكاظ» في جولة ميدانية على مركز تدريب وتطوير القدرات النسائية في المديرية العامة للسجون في الرياض، مختلف مهارات العسكريات والمدنيات اللائي خضعن إلى دورات طويلة وقصيرة المدى.
واتفقت العسكريات اللائي التقت بهن «عكاظ» أن العمل العسكري لا يعدو أن يكون أكثر من ضبط وربط وأداء المهمات والواجبات المناطة بهن في المجال الأمني، ومع ذلك تبقى المرأة العسكرية بطبيعة تكوينها الأنثوي هي أم وربة أسرة وترعى زوجا وأطفالا كغيرها من النساء ولا يؤثر عملهن على اعتزازهن بأنفسهن وأدائهن لأدوارهن الطبيعية المهمة في الحياة.
منع الأذى عن المعتدي
بداية كشفت وكيل الرقيب ومسؤولة قسم الدراسات والبحث، المدربة العسكرية في المركز ميثاء الشمري لـ «عكاظ» عن إتقان العسكريات 15 حركة، والهدف من ذلك تمكينهن من دفع الاعتداء ومنعه دون أن تشكل عملية الدفاع أي أذى على المعتدي. كما تدربن على مهارات التفتيش والتعرف على أنواع المخدرات وطرق وأساليب إخفائها باستخدام التقنيات الحديثة. ومن واجبات العسكريات تعريف النزيلة بحقوقها وواجباتها، ومنها العلاج النفسي أو الطبي، ويجب على العسكرية قبل تفتيش النزيلات تلاوة نظام السجون عليها وإفهامها بأن عدم الكشف عن الممنوعات يعرضها للمساءلة والتحقيق.
وتضيف الشمري بأنه يوجد أكثر من 500 عسكرية في 13 سجنا في السعودية ومنهن من وصلت إلى رتبة رقيب، والنظام العسكري يحتم عليهن جميعا العمل الميداني، فمهما يكن المسمى يجب أن تؤدي كافة المهمات ومن ضمنها ضبط الأمن ومرافقة النزيلة للمحاكم والمستشفيات.
ماجستير في تحسين الأداء
وأوضحت الشمري أن العسكرية الحاصلة على الدورة تحصل على «البدل»، وهدف المديرية العامة للسجون هو حصول جميع العسكريات على دورات عسكرية تخصصية لصقل مهاراتهن وتأهيلهن بشكل مميز ليتمكن من أداء المهمات على الوجه الأكمل. والمركز يعمل على إجراء الدراسات للأفكار التي تطرحها السجون بناء على الحالات التي يلامسها للنزلاء، أو من المديرية العامة للسجون، وتعتمد الدراسات على المرئيات التي يلامسها كاتب البحث من خلال عمله الميداني، ويجب أن تتوافر في الدراسة كافة معايير البحث العلمي الصحيح.
وتقول إنها قدمت رسالة الماجستير بعد 15 عاما من العمل في السجون كباحثة اجتماعية، وكانت رسالتها بعنوان «دور البرامج التدريبية في تحسين الأداء الوظيفي للعاملات في السجون».
من جانبها، شرحت مديرة مركز تدريب وتطوير القدرات النسائي، والمدربة المعتمدة مها الدوسري مسارات التدريب، وأوضحت أنها تتمثل في مسارين، أمني ومدني ولكل منهما 3 مستويات، الأول تأسيسي والآخر تأهيلي والثالث تخصصي، التأسيسي للمبتدئات والتأهيلي للتخصص والتخصصي للقيادات.
ومن الدورات العسكرية طويلة المدى، كما تقول مها الدوسري، أعمال السجون والحراسات الداخلية والأمن وحماية النزيلات ومن محتواها التدريبي الدفاع عن النفس والحركات التخلصية ومكافحة الشغب والسيطرة والتدخل السريع، والقواعد الأمنية والثقافة الأمنية والثقافة العسكرية والأمن الفكري وتطوير الذات. مشيرة إلى أنه توجد دورات تغطي كافة فئات العاملات في المجال الأمني من المدنيات كالباحثات الاجتماعيات ومسؤولات الأمن والسلامة والمراقبات وكاتبات وأمينات المستودعات.
حقوق النزيلات والإنجليزية
تضيف الدوسري أن المركز مهيأ لتقديم خدماته التدريبية لكافة العاملات بقطاع وزارة الداخلية، وتم عقد عدة دورات لمنسوبات الجمارك ومكافحة المخدرات بالإضافة إلى منسوبات السجون، فالعاملات في القطاع الأمني يشتركن في خصائص ومهمات أمنية تتطلب الإلمام بمهارات العمل، والمركز يبحث عن أهم ما يجب أن تتعلمه العسكرية والمدنية، منها تعلم المصطلحات الأمنية باللغة الإنجليزية وتم تنفيذ برامج تعليم المصطلحات لأهميتها للعاملات، كما تدربن على كيفية تلاوة حقوق النزيلة ومسميات التفتيش والتحقيق وكيفية التعامل مع الوفود الزائرة أو ذوي النزيلات الاجانب، كما تم عقد دورة مهارات العاملات في المجال الأمني، ودورة في الإعلام نالت كلها اشادات المسؤولين كما نالت اعجاب الوفود الدولية الزائرة.
وتؤكد مديرة المركز انه يتم تأهيل العاملات في السجون في التعامل مع النزيلات باعتبارهن عميلات ينتظرن الخدمة ويبحثن عن الاصلاح والتاهيل وفي كيفية خفض نسب الجرائم بتلمس احتياجاتهن وإجراء البحوث الاجتماعية عنهن وإعداد البرامج للنزيلة بهدف إخراجها انسانا صالحا لمجتمعها، ومن واجبات العسكريات والمدنيات تطوير هذه البرامج ورصد كافة الاحتياجات والفئات المستهدفة منها والتدرب على القياس والتقييم.
معالجة عوامل الجريمة
من جهتها رأت مسؤولة العلاقات العامة والإعلام لولوة البواردي أن من مهمات البرامج البحثية المساهمة في دراسة العوامل المؤدية للجريمة وكيفية معالجتها، وللمركز دور في نقل التوعية بالمشاركة في الحوارات وتبادل الخبرات، والمشاركة المجتمعية، كما يعمل على الوقاية قبل وقوع الجريمة بالدخول في ورش حوار وتنظيم المحاضرات والمؤتمرات، ثم المشاركة في بعض المؤتمرات المتخصصة في تربية الأطفال بهدف الكشف عن النزعات المتواجدة لدى بعض الأطفال وعلاج سلوكياتهم للوقاية من الجريمة.
تدريب 50 % من العاملات
وزادت مسؤولة البرامج التدريبية سارة الجليل أن المركز قدم دورات تدريبية لفئة العسكريات في السجون لتشمل قرابة 50 % من عدد العاملات في سجون المملكة. مؤكدة أن جميع الدورات العسكرية شملت اللياقة البدنية والدفاع عن النفس وإتقان الحركات التخلصية ومعرفة الجمل والمصطلحات الأمنية التي تؤهلهن للتعامل مع النزيل الأجنبي، إلى جانب بعض الدورات المتخصصة ومن ضمنها كشف وضبط الممنوعات وأمن وحماية النزيلات ودورة الحراسات الداخلية، إضافة إلى تدريبهن على استخدام أجهزة التفتيش اليدوي.
متابعة ما بعد التدريب
وأكدت الجليل أن المركز يتابع مع العسكريات ومديرات السجون التغيرات التي أجرتها الدورات على العسكريات ومتابعة أثر التدريب في رفع كفاءة الأداء، كما تتابع ضرورة الاستمرار على ذات التدريبات التي تعلمنها ليكن ممارسات دائمات لها بهدف نقل المعرفة.
34 دورة مدنية لـ 532 موظفة
من جانبها، أضافت مسؤولة البرامج التدريبية للمدنيات هند الصفيان أن المركز قدم 34 دورة مدنية قدمت لـ 532 مدنية شملت طريقة البحث الاجتماعي المقنن والمقابلة الأمنية وكيفية تحديد الإيماءات النفسية للنزيل والكتابة الأمنية المقننة وتحليل الجريمة بطريقة نفسية، ومن البرامج ايضا تطوير الذات للموظفات المدنيات لتعزيز ثقتهن بالنفس لفهم سيكلوجية النزيلة وفهم كافة تحركاتها مع ضرورة تعليم كافة المدنيات مهارات اللغة الانجليزية والحاسب الآلي، وتقدم للباحثات الاجتماعيات والأخصائيات النفسيات والإداريات ومسؤولات شؤون النزلاء.
وعن خطة العام القادم تقول الصفيان إنها ترتكز في المساهمة في الحد من العودة للجريمة من خلال برامج تدريبية متخصصة لتشكيل فرق عمل لإعداد النزيلة وتهيئتها للإفراج ثم الرعاية اللاحقة والتوجيه والإرشاد وحل المشكلات، وحل جذور القضية التي عانت منها وأدت لارتكاب الجريمة.