-A +A
عبدالمحسن هلال

انتقل أمين عام هيئة الأمم المتحدة السيد بان كي مون من خانة إبداء القلق، التي مكث فيها طويلا وتمسك بها كثيرا حول أي نزاع في العالم، إلى خانة إبداء النقد وهي خطوة نوعية لمسيرته وسيرته في قيادة الأمم المتحدة، وجميعنا يعرف أنه ليس أمينا عاما إلا للدول الكبرى، مالكة حق الفيتو في مجلس الأمن الدولي، وقد كتبت قديما عن ضرورة فصل هيئة الأمم المتحدة عن مجلس الأمن الدولي الذي يدير العالم بالوكالة وبحكم القوة العسكرية، قانون الغاب إذا أردتم، بالخصوص البند السابع وإساءة استخدامه على مدار تاريخه.

عموما تاريخ الهيئة الدولية في المنطقة العربية غير مشرف، وأنها ومنذ إنشائها على أنقاض عصبة الأمم المتحدة بعد نهاية الحرب العالمية الأولى بانتصار الحلفاء الذين شكلوها، كانت حلبة لصراع الديكة بين قادة شعوب العالم، وأختار المنتصرون تشكيل مجلس الأمن الدولي في إطارها للتحكم في مصير هذا العالم، برغم أن للهيئة الأممية لحظاتها التاريخية، وإلا من ينسى يوم ضرب خروتشوف بحذائه على منصتها ليجبر العالم على سماعه، أو يوم خاطبها المرحوم ياسر عرفات وهو يتمنطق مسدسه قبل أن يرميه ليلتقط غصن زيتون مأفون، أو يوم خاطب زعيم أفريقي مهيب دولها الثرية قائلا: إذا كنا نحن فقراء لأنكم أنتم أغنياء فهذا هو الظلم بعينه. تدهور حال وتأثير هيئة الأمم منذ "اغتيال" أمينها الشامخ داغ همرشولد حتى صارت نسيا منسيا وأداة طيعة في أيدي الدول الكبرى، بالخصوص أمريكا، لفرض ما يرون على العالم.
صحيح أن الأمين العام للأمم المتحدة كان قد انتقد وقبل خمس سنوات أعمال عصابات الحوثي في اليمن، لكن ذلك أتى بعد تحقيقات ميدانية أجراها خبراء للأمم المتحدة وفي زيارات متعددة، فكيف حكم اليوم بانتهاك قوات التحالف بدون أدلة ثبوتية بل مجرد اعتماد على تقارير متناقضة وتحليل صور جوية لحادثة تمت ولا تدري من قام بها؟ فهل يعتمد السيد الأمين العام على التعادلية في تصريحاته لإرضاء كافة الأطراف، وأين كانت منظمة العفو الدولية عن جرائم ارتكبتها أمريكا في أفغانستان والعراق وجرائم ترتكبها يوميا (إسرائيل) في فلسطين، هل هو العمي السياسي أم الأيديولوجي الذي يظلل العمارة الزرقاء في نيويورك وأفرع منظماتها الدولية حول العالم، هل تلبس هذا العمى حتى المنظمات الإنسانية في العالم في نظراتهم الانتقائية لشعوب العالم؟