شدد المدير العام للمكتب التنفيذي لمجلس وزراء الصحة لدول مجلس التعاون الخليجي السابق الدكتور توفيق بن أحمد خوجة في حوار مع «عكاظ» على ضرورة استغلال شهر رمضان في ترك السلوكيات السيئة التي تنعكس على صحة الإنسان. وكشف خوجة الذي ترك منصبه الخليجي في الشهر الماضي، ازدياد المدخنين في الأوساط الطبية الأكاديمية، موضحاً أن نسبة المدخنين بين طلبة الطب في الجامعات السعودية تتراوح بين الـ13 % و30 %، وأن النسبة تزداد عادة مع اقتراب الطالب من التخرج، وأن السلوك عادة يعود إلى التربية والمجتمع المحيط بالطالب. فإلى نص الحوار:
• تبوأتم منصباً رفيعاً في المنظومة الصحية الخليجية لقرابة العقدين، هل التدخين بين الخليجيين يقل في شهر رمضان؟
•• شهر رمضان فرصة للإقلاع عن التدخين، ولكن للأسف ما يحدث أن كثيرا من المدخنين لا يستفيدون من هذه الفرصة بل يزيدون من التدخين سواء السجائر أو المعسل في الفترة الليلية بمجرد الإفطار، وبينت العديد من الدراسات ازدياد استهلاك التبغ في فترة المساء في رمضان والسبب الجلسات الليلية والشبابية وخصوصا مع انتشار الخيم الرمضانية، وبالتالي يخزن الفرد النيكوتين المطلوب في جسده منذ ساعات الإفطار وإلى السحور وقد يقضي النهار كله في النوم إذا لم يكن موظفا، وفي المساء فترة استرخاء فيخزن ويلتهم التبغ إلى درجة التشبع، وهذا ما يجعلني أنصح المدخنين بالاستفادة من الشهر الفضيل في التوقف عن السجائر حفاظا على سلامة صحتهم من الأمراض.
• كيف ترى ظاهرة التدخين عند الأطباء؟
•• لا أخفي سرا إن قلت إنني بذلت كل جهودي طوال أعوام عملي في مكافحة التدخين من خلال استحداث برامج توعوية أو المناداة برفع ضرائب التدخين والحمد لله نجحنا كثيرا في الحد من انتشار التدخين في دول الخليج، كما لا يفوتني أن أشير إلى أنني كنت أشترط في عقد التوظيف عدم تدخين الموظف باعتبار المكتب التنفيذي لصحة الخليج قدوة للأطباء وللآخرين، أما بخصوص السؤال فالحقيقة مؤلمة أن ما نسبته 13% إلى 30% من طلبة الطب في المملكة يدخنون ويزداد الأمر أكثر مع قرب سنوات التخرج، وهذه الأمور تعود إلى التربية وسلوكيات المجتمع ، وهذا يدعوني إلى ضرورة قيام الجامعات بحملات توعوية مكثفة لطلبة الجامعات لأنهم سيكونون قدوة للآخرين في المستقبل.
• يلاحظ أن أمراض السكري والسمنة انتشرت في دول الخليج بشكل لافت للنظر لم يتمكن فيها الأطباء من وقف زحف المرض بينما يلاحظ أن نسب هذه الأمراض لم تتغير في الدول الأوروبية مثلا، فأين يكمن الخلل، هل في البرامج التوعوية أم في سلوكيات البشر ؟
•• أهم أسباب تزايد أمراض السكري والسمنة هو استمرار السلوكيات الغذائية الخاطئة بمعنى عدم تقيد المجتمع بالبرامج التوعوية، فوزارات الصحة تبذل جهودا كبيرة في التوعية من خلال كافة الوسائل الإعلامية والبرامج المتخصصة والحملات الوطنية، وهنا أشير إلى ضرورة التفريق بين العوامل المكتسبة التي يمكن التحكم بها والعوامل الوراثية التي لا يمكن التحكم بها، فمثلا هناك أمراض ناتجة من السمنة أو التدخين أو السلوكيات الغذائية الخاطئة، إذ إن كل الأمراض التي تحدث من ورائها هي أمراض كان يمكن تجنبها من خلال التقيد بالسلوكيات الصحية السليمة، ومثال آخر عن أسباب انتشار الأمراض المكتسبة في مجتمعنا الخليجي هو حياة الرفاهية والخمول، فالمؤشرات تبين أن 65% من أفراد المجتمع الخليجي وتحديدا السعودي لا يمارسون الرياضة وأقلها المشي وهذا ما انعكس على زيادة نسب الأمراض وخصوصا داء السكري النوع الثاني والسمنة ومضاعفاتها، فحقيقة الأمر أنه لا يمكن السيطرة على الأمراض المكتسبة ما لم يكن هناك تعاون حقيقي من المجتمع، فوزارت الصحة الخليجية تصرف الملايين للحملات وبرامج التوعية ويبقى دور الفرد في الوقاية من عدم التعرض للأمراض.
من ثلوج عمّان إلى قيظ الرياض
• كيف نستطيع أن نتغول في ذاكرة الدكتور خوجة في بدايات مراحلكم العمرية؟
•• أذكر بدايات صيامي كانت في الأردن مع أسرتي حينما كان الوالد في الجيش السعودي ومشاركا في مهمة عمل في الأردن وحينها كنت في التاسعة من العمر وحريصا على الصيام وخصوصا الأجواء كانت باردة وشتاء وثلوجا فلم نكن نشعر بالعطش، وبعدها انتقلنا إلى الرياض فكان النقيض تماماً، كانت الحرارة تتجاوز الـ 45 مئوية وعندما أعود من المدرسة أكون متهالكا وبلغ العطش مني مبلغاً، حتى أنني كنت أدخل رأسي في الثلاجة «الفريزر» لأنني تعودت على ثلوج الأردن وكانت أمي تردد (خاف الله يا ولدي تحمل واصبر واحتسب الأجر وراح تمرض بفعلك»، وبعدها أتجه للغرفة وأشغل المكيف الصحراوي وأكمل يومي إلى وقت الإفطار .
• ما هي الأكلات أو الأطعمة التي تحرصون على تناولها في الشهر الفضيل، وهل مشروب السوبيا من ضمن اهتماماتكم ؟
•• لا احب السوبيا، أحرص في مائدة رمضان على الزمزم والفول وبعدها على الأطعمة المعتادة مثل السمبوسة والشوربة، وفي السحور أحبذ تناول الرز البخاري بالدجاج.
رمضان بلا أم
• كيف تقضي رمضان بعد رحيل والدتك؟
•• في رمضان كل عام أحرص على جمع أسرتي وأهلي وأقاربي على شرف والدتي (رحمها الله) على مائدة الإفطار إلا أننا في العام الماضي وبرحيلها شعرنا بفقدانها في الشهر الفضيل، وبالفعل أبكاني غيابها كثيرا لأن فقدان الإنسان يشعرنا بحالة حزن وتأثر كبير فما بالك أن يكون الفقيد هو والدتك أو والدك نسأل الله لهما الرحمة.
• يدخل رمضان هذه المرة وأنت متقاعد، كيف ستقضيه؟
•• أستفيد من كل اللحظات الروحانية في الشهر الفضيل واحرص كثيرا على ختم القرآن أكثر من مرة، فبعد صلاة التراويح أتفرغ لتأليف الكتب أو قراءة الكتب الإسلامية وغيرها وفي صلة الرحم، والآن طبعا انتهت فترة تكليفي لإدارة المكتب التنفيذي لصحة الخليج فإن شاء الله سأنهي الكثير من أعمالي في تأليف الكتب التي تأخرت في إنجازها، كما أشير إلى أن أبنائي انتهجوا نفس نهجي في استغلال رمضان وغيره في المشاركة في حلقات القرآن الكريم والمشاركة في برامج تنمية المهارات وكل ما هو مفيد لهم.