-A +A
علي بن محمد الرباعي
اشتهر القرويون بعشق البهائم واقتنائها وتربيتها. وللغنم حظوة. وقليل من يقتني الماعز. فيما البقر محدود. أما الحمير فالغالب أن لكل بيت حمارته أو حماره. ويندر وجود الإبل. علما بأن أكثر أمثالنا الشعبية عن سمحان. فالسيدات إذا أردن الاعتزاء بأولادهن قلن (يا جملي). والأب إذا رغب في رفع معنويات ابنه ردد (ما يشيل الحمول إلا جمل). وفلان مثل البعير تقال على سبيل المدح.
صاحبنا أبو فارس تقاعد من أرامكو وعاد إلى القرية. وأقام حظيرة في طرف الحوش يربي فيها دجاجاً ويربط فيها رأسين من الأغنام ترقبا لقدوم ضيف. نزل إحدى العصاري الرمضانية إلى سوق الثلاثاء في تهامة. التقى صديق عمل افتقده منذ زمن. وجد مع الصديق جلبة من الماعز. من فرحة التهامي بصديقه أقسم عليه أن يحمّل المعزى كلها في سيارة ضيفه بعد أن عجز عن إقناعه بقبول الدعوة على العشاء. حمّل السروي خمس من الماعز العارضية تشوق العين في حوض العراوي. وتناولت مركبته منعطفات العقبة. أدخلها الحظيرة. وأمسى على خير. في الصباح وجدها متعلقة في الشجر وتجمط من ورق المشمش وأغصان اللوز. أعادها بصعوبة للمراح. واستعان بأهل الخبرة في شأنها. أرشده أحدهم إلى رفع صوت القرآن بالقرب منها لأن المعزى فيها جن. فيما جاء أحد الجيران بماء صبه في طشت فشربت وهدأت. سأله عن سر الماء .فأجاب: مقري عليه.

في إحدى القرى توفيت سيدة فاضلة وكريمة في ليلة من ليالي شهر رمضان. فربض بعيرهم أمام باب منزلها ومد رأسه باتجاه سريرها. وعندما شيعوها في اليوم التالي إلى مثواها صرخ صرخة مدوية وعادوا من المقبرة فوجدوه ميتا.
الجدات موقنات أن من يسقط عن ظهر البعير لا يصاب بأذى، فالجمل يقول له (اسلم) ومن يطيح من فوق الحمار تدهكه الشياطين وتقول الحمارة (معثور) وترفسه.
كان القرويون يخصون البعير بمزيد عناية. فإذا كان علف الحمارة يوضع أمامها فإن طعام البعير يرفع إلى مستوى فمه لأنه يأنف الانحناء. علمي وسلامتكم.