-A +A
علي الرباعي (الباحة)
أكد نقاد ثيمة التعايش في رواية «وادي المؤمنين» للكاتبة فاطمة آل تيسان، ورصد الدكتور صالح الحارثي والشاعر الكاتب صالح زمانان، البارحة الأولى في نجران، «مرصاد التحول والتعايش» في الرواية بدءا من الجوانب الفنية والرمزية والدلالية للرواية، وركز الحارثي في ورقته على الهويات المتعايشة في حيّز مكاني متخيل، مؤملا أن يتحقق التعايش في كل مكان تتعدد فيه الهويات؛ كون الهوية إضافة حياتية غير قاتلة. وتناول الحارثي في أمسية نادي نجران الأدبي ضمن فعاليات «فوانيس رمضان»، الهوية المكانية الطاغية في الرواية التي توجت «وادي العُرض» بطلا للعمل، واستعرض هوية الشخصيات التي قسمها إلى هوية دينية ذات ثنائية (إسلامية، يهودية.. وشيعية، سنية) وأثرها بفاعلية لتبيان هدف الكاتبة وموضوعها المرتكز في التعايش، إضافة إلى هوية «جنوسية» ظهرت فيها الكاتبة برحابة أوسع، وأبرزت دور المرأة الجلي في الأحداث والحياة، باعتبارها مشاركا كاملا وهاما في البنية الاجتماعية لوادي العُرض، واصفا شموخها بنتيجة حتمية لشموخ المكان نفسه (نجران). وأشار إلى أن التعايش أبرز ما تبرهنه وتدل عليه شخصيات الرواية، وأن القارئ الرصين سيلغي الزمان لوهلة وهو يقرأ الأحداث ليستذكر نجران اليوم التي تقدم نفسها مدينة مُلهمة فيما يخص (التعايش)، وأن هذا التميز والانتصار للإنسانية والقيم هو وجه نجران الأبدي. من جهته، أوضح الناقد صالح زمانان أن الرواية استنبطت شخصياتها وقراها في وادي العُرض الذي هو وادي نجران، مستمدا من أحداث الرواية المكان الأدق الذي لم يصرح به السرد واللغة، إذ إن قرى الوادي هي القرى القديمة على الضفاف جوار منطقة سد نجران الحالية، لافتا إلى أن الثيمة الأبرز في الرواية هي (ثيمة الموت) كون الشخصيات – الظاهرة والخافتة معا- تجابه غزو قاس متكرر من أسباب الموت تتمثل في الحرب وسيل الوادي العارم وأمراض السدم، والبش إضافة إلى السفر والغياب والفراق بوصفها من وجوه الموت الكثيرة التي بنت الكاتبة منها نفسيات ومصائر وأقدار شخصياتها.
وأبدى إعجابه أن المؤلفة حرصت على بناء شخصياتها من خلالها ردة فعل أهالي هذه القرى، الذين آمنوا بكل المعطيات والمجريات في صورة لها دلالاتها، وتمسكوا ببلادهم وأرضهم في صورة مغايرة لسابقتها.

وأضاف أنه ظهر الترميز في العديد من المشاهد داخل السرد مثل تلك التي يطلق في الأهالي (النار على قلب الغياب) كلما هبطت الجثث في واديهم «وادي العُرض»، ومنح زمانان الأولوية لرواية «وادي المؤمنين» بوصفها انطلاقة سردية للبحث عن تاريخ نجران الحديث والزاخر بكل الأسباب التي تجعله مسرحا باهرا للعديد من حقول الأدب والفنون.