صدر بتاريخ 17/9/1434هجري، أول أربع رخص للمحاميات في تاريخ المملكة؛ حيث تمت موافقة مجلس الوزراء الموقر على إدراج النساء المؤهلات نظاما للحصول على رخص لممارسة مهنة المحاماة تحت مظلة نظام المحاماة السعودي، وبذلك تمكنت المحامية السعودية من الدخول للمنظومة العدلية على قدم المساواة مع زميلها الرجل دون تفرقة أو تمييز. الأمر الذي يعد دعما وحماية لحقوق الإنسان من قبل الدولة بشكل عام ولحقوق المرأة بشكل خاص، وخاصة فيما يتعلق بحماية ورعاية حقوق المرأة في العمل والتعليم وغيرها من الحقوق التي تكون خير عون لهن في خدمة المجتمع وتنميته وتحقيق أسباب الحياة والعيش الكريم.
ومع ذلك وبالنظر للوضع الحالي لخريجات القانون فنجد أن حصولهن على رخصة المحاماة يعتبر أمرا معقدا وليس باليسير نظرا لعدد من العوائق المتعلقة في كيفية اكتساب الخبرة التي اشترطها نظام المحاماة من جهة؛ وطبيعة وواقع سوق العمل من جهة أخرى، حيث نصت المادة الثالثة من نظام المحاماة على ضرورة حصول طالبة الرخصة على خبرة في مجال المحاماة والاستشارات القانونية لمدة ثلاث سنوات؛ كما اشترط النظام ألا يتم تسجيلها كمتدربة إلا لدى مكتب محاماة تجاوز صاحبه مدة خمس سنوات كمحامٍ ممارس للمهنة؛ وهنا تتضح أكبر العوائق في مواجهة الخريجات المتجسدة في قصر التدريب على مكاتب المحامين لعدم وجود محاميات ممارسات تجاوزن مدة الخمس سنوات، مع شُح فرص التدريب لدى مكاتب الزملاء المحاميين الذين يتوفر فيهم شرط خمس السنوات؛ حيث إن توظيف النساء يقتضي نظاما توفير قسم نسائي مستقل وبطبيعة الحال ليست جميع مكاتب الزملاء المحاميين يتوفَّر لديهم أقسام نسائية مما يهدر فرص التدريب للخريجات؛ وبالتالي فإن أغلبهن لن تتاح لهن فرص التدريب لدى مكاتب الزملاء وفي ذات الوقت لن يستطعن التدرب عند مكاتب المحاميات المرخصات لعدم تحقق شرط خمس السنوات!
إن بقاء هذه المفارقة تُفوت مئات الفرص في تدريب الخريجات ودعم سوق العمل بالكوادر القانونية المؤهلة رغم أنه في أمس الاحتياج لهن، ناهيك أن هذه المفارقة قد تساهم في استغلال حاجة الخريجات للتدريب فيخضعن من قبل بعض المكاتب لشروط تعسفية لتدريبهن كالعمل دون أجر أو بنسبة ضئيلة لا تتناسب مع حجم العمل والجهد المبذول أو بمطالبتها بدفع مبلغ مالي كمقابل للتدريب، وبالتالي فإن هذا التناقض يسفر عنه إشكالات وتعقيدات تواجه خريجات كليات الشريعة والقانون في مسألة تدريبها وحصولها على الرخصة وإعاقة مسيرة مستقبلهن المهني. ومع استمرارية اضمحلال الوظائف وفرص التدريب وتزايد أعداد خريجات الجامعات السعودية سنويا في هذا المجال المهني سيؤدي ذلك بطبيعة الحال إلى مفارقات مريرة يدفع ثمنها هؤلاء الخريجات التي حرصت الدولة على تعليمهن وإتاحة فرص العمل لهن حيث أكد النظام الأساسي للحكم على ذلك حيث نصت المادة 28 على أنه «تيسر الدولة مجالات العمل لكل قادر عليه وتسن الأنظمة التي تحمي العامل وصاحب العمل». لذلك فقد بات ملحا دراسة هذه المفارقات الواضحة والمؤثرة من قبل الهيئة الوطنية للمحامين التي نهيب بدورها المستقبلي واتخاذ القرارات بهذا الشأن من مقام وزارة العدل ووضع الحلول والخيارات الأخرى المتاحة والبديلة بفتح سبل التدريب لهن إذ إن معاناتهن تجسد واقعا ملموسا وواضحا. ويمكن معالجة وضعهن بفتح أبواب تدريبهن أيضا من خلال المكاتب المرخصة للمحاميات دون شرط الخمس سنوات حيث الارتباط الوثيق بتخصصاتهن والبيئة النسائية المنشودة مع إضافة بدائل أخرى لهن أثناء فترة التدريب؛ كالدورات تدريبية والدبلومات المهنية؛ كما هو معمول به في بعض الأنظمة المقارنة لتستفيد المتدربة من الخبرات الأكاديمية والقضائية المتقدمة والمتنوعة أثناء التدريب. كما أن هناك حاجة ملحة للتدخل التنظيمي لرعاية وحماية المتدربين والمتدربات وبحث مشاكلهم وإيجاد الحلول لها من خلال لائحة تفصيلية أو دليل إرشادي يتضمن خيارات متعددة لإنجاز فترة التدريب والحفاظ على كامل حقوقهم كحد أدنى للأجور ومنهجية واضحة المعالم للتدريب. وللأسف فإن بقاء واستمرار المفارقة القائمة حاليا بخصوص المتدربات سوف يؤدي إلى بطالة عاجلة ومتزايدة دون ذنب منهن؛ فضلا عن إهدار لكفاءات بنات الوطن في المجال الشرعي والقانوني رغم وجود حاجة حقيقية لتخصصاتهن في مجال المحاماة.
* محامية وكاتبة
ومع ذلك وبالنظر للوضع الحالي لخريجات القانون فنجد أن حصولهن على رخصة المحاماة يعتبر أمرا معقدا وليس باليسير نظرا لعدد من العوائق المتعلقة في كيفية اكتساب الخبرة التي اشترطها نظام المحاماة من جهة؛ وطبيعة وواقع سوق العمل من جهة أخرى، حيث نصت المادة الثالثة من نظام المحاماة على ضرورة حصول طالبة الرخصة على خبرة في مجال المحاماة والاستشارات القانونية لمدة ثلاث سنوات؛ كما اشترط النظام ألا يتم تسجيلها كمتدربة إلا لدى مكتب محاماة تجاوز صاحبه مدة خمس سنوات كمحامٍ ممارس للمهنة؛ وهنا تتضح أكبر العوائق في مواجهة الخريجات المتجسدة في قصر التدريب على مكاتب المحامين لعدم وجود محاميات ممارسات تجاوزن مدة الخمس سنوات، مع شُح فرص التدريب لدى مكاتب الزملاء المحاميين الذين يتوفر فيهم شرط خمس السنوات؛ حيث إن توظيف النساء يقتضي نظاما توفير قسم نسائي مستقل وبطبيعة الحال ليست جميع مكاتب الزملاء المحاميين يتوفَّر لديهم أقسام نسائية مما يهدر فرص التدريب للخريجات؛ وبالتالي فإن أغلبهن لن تتاح لهن فرص التدريب لدى مكاتب الزملاء وفي ذات الوقت لن يستطعن التدرب عند مكاتب المحاميات المرخصات لعدم تحقق شرط خمس السنوات!
إن بقاء هذه المفارقة تُفوت مئات الفرص في تدريب الخريجات ودعم سوق العمل بالكوادر القانونية المؤهلة رغم أنه في أمس الاحتياج لهن، ناهيك أن هذه المفارقة قد تساهم في استغلال حاجة الخريجات للتدريب فيخضعن من قبل بعض المكاتب لشروط تعسفية لتدريبهن كالعمل دون أجر أو بنسبة ضئيلة لا تتناسب مع حجم العمل والجهد المبذول أو بمطالبتها بدفع مبلغ مالي كمقابل للتدريب، وبالتالي فإن هذا التناقض يسفر عنه إشكالات وتعقيدات تواجه خريجات كليات الشريعة والقانون في مسألة تدريبها وحصولها على الرخصة وإعاقة مسيرة مستقبلهن المهني. ومع استمرارية اضمحلال الوظائف وفرص التدريب وتزايد أعداد خريجات الجامعات السعودية سنويا في هذا المجال المهني سيؤدي ذلك بطبيعة الحال إلى مفارقات مريرة يدفع ثمنها هؤلاء الخريجات التي حرصت الدولة على تعليمهن وإتاحة فرص العمل لهن حيث أكد النظام الأساسي للحكم على ذلك حيث نصت المادة 28 على أنه «تيسر الدولة مجالات العمل لكل قادر عليه وتسن الأنظمة التي تحمي العامل وصاحب العمل». لذلك فقد بات ملحا دراسة هذه المفارقات الواضحة والمؤثرة من قبل الهيئة الوطنية للمحامين التي نهيب بدورها المستقبلي واتخاذ القرارات بهذا الشأن من مقام وزارة العدل ووضع الحلول والخيارات الأخرى المتاحة والبديلة بفتح سبل التدريب لهن إذ إن معاناتهن تجسد واقعا ملموسا وواضحا. ويمكن معالجة وضعهن بفتح أبواب تدريبهن أيضا من خلال المكاتب المرخصة للمحاميات دون شرط الخمس سنوات حيث الارتباط الوثيق بتخصصاتهن والبيئة النسائية المنشودة مع إضافة بدائل أخرى لهن أثناء فترة التدريب؛ كالدورات تدريبية والدبلومات المهنية؛ كما هو معمول به في بعض الأنظمة المقارنة لتستفيد المتدربة من الخبرات الأكاديمية والقضائية المتقدمة والمتنوعة أثناء التدريب. كما أن هناك حاجة ملحة للتدخل التنظيمي لرعاية وحماية المتدربين والمتدربات وبحث مشاكلهم وإيجاد الحلول لها من خلال لائحة تفصيلية أو دليل إرشادي يتضمن خيارات متعددة لإنجاز فترة التدريب والحفاظ على كامل حقوقهم كحد أدنى للأجور ومنهجية واضحة المعالم للتدريب. وللأسف فإن بقاء واستمرار المفارقة القائمة حاليا بخصوص المتدربات سوف يؤدي إلى بطالة عاجلة ومتزايدة دون ذنب منهن؛ فضلا عن إهدار لكفاءات بنات الوطن في المجال الشرعي والقانوني رغم وجود حاجة حقيقية لتخصصاتهن في مجال المحاماة.
* محامية وكاتبة