-A +A
السفير حمد أحمد عبدالعزيز العامر
بدأت (عاصفة التغيير والحداثة) في السعودية قبل عام ونيف تلك التي يقودها الأمير الشاب محمد بن سلمان ولي ولي العهد الذي أصبح الموجه للسياسة الخارجية الجديدة ومسؤول الملف الاقتصادي في السعودية، ولكي تكتمل الصورة في إحداث هذه التغييرات السياسية والاقتصادية غير المسبوقة، قام بزيارته المهمة إلى الولايات المتحدة الأمريكية في (12 يونيو 2016م)، والتقى خلالها بالرئيس الأمريكي ووزراء (الخارجية والتجارة والدفاع والخزانة) ورئيس وأعضاء الكونجرس وكبار مسؤولي وكالة الاستخبارات المركزية والاستخبارات الوطنية ومجلس الاقتصاد القومي وغرفة التجارة الأمريكية ورؤساء عدد من الشركات الأمريكية للترويج للإصلاحات الاقتصادية السعودية، وذلك كلّه في إطار تنفيذ (رؤية المملكة العربية السعودية 2030) التي أُعلن عنها في (25 إبريل 2016م) والتي تعدّ أبرز حدث اقتصادي في تاريخ المملكة، وتهدف إلى إعادة هيكلة الاقتصاد السعودي.
ولقد حقَّقت تلك الزيارة نجاحاً ملفتاً، تتلخَّص أسبابه في الآتي:

- امتلاك الولايات المتحدة قوة اقتصادية ومالية كبرى، ووجود العديد من الشركات التي يمكنها الاستفادة من فرص الاستثمار الكبرى المتوقعة في السوق السعودية.
تاريخياً بدأت العلاقات الاقتصادية السعودية الأمريكية في (مايو 1933م) عندما منح المغفور له الملك عبدالعزيز شركة (ستاندرد أويل أوف كاليفورنيا «سوكال») امتياز التنقيب عن النفط، واستمر عملها حتى عام (1980م) بإصدار المرسوم الملكي بتأسيس (شركة الزيت العربية السعودية - أرامكو).
وتعزَّزت العلاقات السياسية السعودية الأمريكية بعد اجتماع المغفور له الملك عبدالعزيز بالرئيس الأمريكي روزفلت في (فبراير 1945م) لتأسيس علاقة قائمة على المصالح المشتركة.
ولقد جاءت الزيارة التي قام بها سمو ولي ولي العهد لتأسيس علاقة جديدة خارج السياقات الأمريكية بعدما سلَّمت الولايات المتحدة العراق لإيران على طبق من ذهب، وأظهرت موقفاً مؤيداً للإخوان المسلمين في مصر.
لذلك كان لابد من إعادة صياغة العلاقات السعودية الأمريكية في ضوء تلك المعطيات التالية:
- حرص السعودية على الاستفادة من الاستثمارات العالمية لإثراء الرؤية السعودية (2030)، وأهمية ذلك في تسريع وتيرة التحوّل الوطني وحجم الفرص التي سوف تقدمها المملكة للمستثمرين في كافة الأنشطة الاقتصادية.
-أكدت الزيارة جدية الرؤية السعودية في بناء اقتصاد سعودي جديد لا يعتمد على النفط، وفي تقديم التسهيلات والفرص العظيمة للشركات العالمية للمشاركة في تحقيق أهداف الرؤية لتحصل هذه الشركات على أرباح كبيرة في فترة قياسية.
-إدراك الأمير محمد بن سلمان لأهمية عامل الوقت لتنفيذ الرؤية، لذلك قام بزيارته التاريخية خلال شهر رمضان المبارك الذي تؤجَّل فيه عادةً أغلب الأنشطة الاقتصادية والسياسية.
إن أمام مجلس التعاون الخليجي فرصة ذهبية للاستفادة من رؤية (2030)، خاصة بعد أن أقرَّت قمة الرياض في (ديسمبر 2015م) رؤية خادم الحرمين الشريفين لتعزيز العمل الخليجي المشترك التي من أهم ركائزها إنهاء الإجماع المنصوص عليه في (المادة التاسعة) من النظام الأساسي للمجلس، والتي كانت سبباً مباشراً لعدم التوصل إلى كثير من القرارات الخاصة باستكمال المواطنة الخليجية الكاملة التي تواجه في السنوات الأخيرة الكثير من التحديات المهدِّدة لكيانها واستقلالها.
ولذلك فإن الرؤية السعودية (2030)، بما تضمنته من محاور وبرامج وأهداف، سيكون لها دور مؤثر في الآتي:
-تعزيز الأمن الخليجي باتحاد جهود دول المجلس أمنياً وتطويق المخاطر والتحديات القائمة، بتحول دول التعاون إلى تحالف عسكري وأمني لوقف التدخلات الأجنبية في شؤونها الداخلية.
-تعزيز التعاون الخليجي الاقتصادي من خلال (هيئة الشؤون الاقتصادية والتنموية) التي أُقرت في (31 مايو 2016م) لإنهاء كافة معوقات المواطنة الخليجية، وتعزيزاً للترابط والتكامل والتنسيق في المجالات الاقتصادية والتنموية والاجتماعية، وتسريع وتيرة العمل المشترك لتحقيق الأهداف التي نص عليها النظام الأساسي للمجلس، مما سيدفع نحو تنفيذ مقترح المغفور له الملك عبدالله بن عبدالعزيز بـ (الانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد)، عبر التعجيل في إقامة أهم ركائز الاتحاد الخليجي وهما: الاتحاد الجمركي والسوق الخليجية المشتركة.
-تعزيز المكانة السياسية لمجلس التعاون على المستوى الإقليمي والدولي، من خلال اعتماد الحد الأدنى من المواقف الخليجية الموحَّدة تجاه القضايا المصيرية، ووضع مسارات ثابتة للعلاقات مع الدول والمنظمات الدولية، وتوجيهها في إطار إستراتيجي لخدمة مصالح وأهداف مجلس التعاون.