-A +A
وارن ستروبك *
الآن، وبعد أن أبلغ جمهوريون معتدلون الرئيس بوش بأن الوقت دخل في سبات مع سياسته العراقية، أصبح مضطراً لإحراز تقدم فعلي في غضون أشهر قليلة، أو لمواجهة خيارات تتراوح بين «غير السارة» و«غير المعقولة» أو حتى «الكارثية». ويبدو أن شهر سبتمبر القادم، أي بعد 4 أشهر من اليوم، قد حُدّد ليكون موعد ذلك. وحتى ذلك الموعد، يجب أن يصبح معروفاً، ما إذا كانت استراتيجية بوش عبر زيادة عدد القوات في العراق، قد حققت نتائج على الأرض، وما إذا كان العراقيون قد أنجزوا تغييرات وعدوا بها منذ زمن طويل، لتخفيف حدة التوترات المذهبية والعرقية. لكن محللين يقولون إن الخيارات الباقية في العراق، أمام الإدارة الأمريكية قد تضاءلت كثيراً بعد أكثر من أربع سنوات على بدء الأزمة العراقية، ويضيفون قائلين: «إن الخيارات الأربعة الرئيسية التي تواجه هذه الإدارة، والإدارة التي ستخلفها، هي: النصر، والاستقرار، والانسحاب، والاحتواء. أما النصر، حسب توصيف الرئيس بوش، فلا يبدو ممكناً، حسب الظروف المتوافرة اليوم». أما الخيارات الأمريكية الباقية، فهي:
1- الحفاظ على المسيرة الراهنة: فالرئيس بوش لم يتزحزح عن اعتقاده وإيمانه، بأن «الفشل في العراق ليس خياراً وارداً». وهو بالتالي يحاول التشبّث بهذه الاستراتيجية حتى نهاية ولايته الرئاسية. ويقول كينيث بولاك المحلل في معهد «بروكنغز»: «لا أعتقد أن للرئيس بوش أية مصلحة في التراجع عن سياسته في العراق. وأظن أنه سوف يحافظ على استراتيجيته التصعيدية حتى مغادرته البيت الأبيض. غير أن أفضل ما يمكن أن يأمله الرئيس بوش الآن هو الانتقال البطيء جداً نحو الاستقرار، وهذا سيعني انخفاضاً في العنف وليس نهاية له، بالإضافة إلى التحرك باتجاه المصالحة الوطنية، بشأن قضايا رئيسية، مثل توزيع عائدات النفط. ومن الواضح أن السبيل الأساسي لخفض التوترات، يمر عبر جيران العراق، وبينهم إيران وسوريا، اللتان بدأت إدارة بوش، الحوار معهما، للتو. وقد يحظى بوش ببعض الدعم الشعبي لمثل هذا الإصرار، أو على الأقل لتفادي الانسحاب المتسرع لكن التحذير الذي تلقاه الرئيس مؤخراً من 11 عضواً جمهورياً في الكونغرس، يُؤشر على إمكانية سحب البساط السياسي من تحت قدميه، إذا لم يحصل أي تقدم، وإذا واصل رفضه وتجاهله للدعوات المطالبة بالتغيير. 2- سحب القوات: إذا بدأت القوات الأمريكية الانسحاب اليوم، فإن خروج جميع العناصر ومعداتهم من العراق، يتطلب ما بين ثمانية وعشرة أشهر، ويمكن إعادة نشر بعض هذه القوات في قواعد أخرى في الشرق الأوسط، أو المناطق القريبة منه، وذلك حسب السيناريوهات التي ستظهر في حينه. وإزاء مطالبات الديمقراطيين بوضع جدول زمني للانسحاب من العراق، يحذر الرئيس بوش من أن الرحيل السريع من شأنه أن يُسفر عن خلق «بؤرة للإرهابيين المتشددين»، الذين قد يُزعزعون الاستقرار في العالم العربي، ويُحاولون شنّ هجمات ضد الولايات المتحدة ومصالحها، غير أن السناتور الجمهوري البارز، «تشاك هيغل» قال إن هذا الاعتقاد مبالغ فيه، لأن الدول العربية والإسلامية ترفض أن تكون تحت سيطرة تنظيم «القاعدة». وكان تقرير استخباراتي نُشر في يناير 2007، أشار إلى أن الانسحاب السريع أو المتسرع للقوات الأمريكية من شأنه أن يؤدي إلى زيادة كبيرة في حدة الاقتتال المذهبي والعرقي داخل العراق، وأن تنظيم «القاعدة» سوف يستخدم أجزاء من العراق للتخطيط لهجمات إرهابية داخل وخارج العراق، كما أن تركيا -يضيف التقرير- يمكن أن يجتاح المناطق الشمالية العراقية لوقف التحركات الكردية باتجاه الاستقلال. وينتهي التقرير بالتحذير التالي: «علينا ألا نغادر العراق بالطريق عينها التي دخلنا فيها إليه». 3- احتواء الضرر: إذا قررت الولايات المتحدة أنها لا تستطيع وقف نشوب حرب أهلية في العراق، فإن الخيار الذي سيكون أمامها هو إعادة نشر قوات أمريكية، خارج المدن العراقية، وقرب الحدود. وهناك، تستطيع هذه القوات توفير ملجأ للنازحين الهاربين من العنف، ووقف المقاتلين الأجانب من التسلّل إلى داخل العراق. والدبلوماسية الأمريكية في هذه الحال ستكون أساسية على صعيد منع تحوّل العراق إلى ساحة معارك لجيرانه، وذلك عن طريق اقناع تركيا وايران، خاصة، بعدم التدخل لحماية مصالحهما. غير أن المحللين يقولون إن «خيار الاحتواء» هذا سوف يكون من الصعب تنفيذه، وخاصة على الصعيد السياسي. وهذا ما دفع بالسناتور الديموقراطي «جوزيف بايدن» وغيره من أعضاء الكونغرس إلى الحديث عن خيار آخر، وهو خيار تقسيم العراق إلى مناطق سنية وشيعية وكردية، لكن هذا الاقتراح لم يلق دعماً شعبياً واسعاً.

* كاتب أمريكي
ترجمة: جوزيف حرب