أفادتنا هذه الصحيفة يوم أمس أن وزارة الشؤون الإسلامية عقدت ملتقى بمدينة الطائف تحت عنوان «فقه الانتماء والمواطنة» يستهدف أئمة المساجد والخطباء، وقد أكد الخبر وجود تباين كبير في إلمام بعض المشاركين بالتحديات التي تهدد المجتمعات متمثلة في مواجهة التكفير وتعزيز المواطنة والانتماء والسمع والطاعة وغيرها من القضايا ذات الصلة. هي خطوة جيدة حتى وإن كانت متأخرة أن تبادر وزارة الشؤون الإسلامية للاهتمام بهذا الجانب المهم جدا، مع أنه كان ضروريا أن يكون هذا الملتقى على المستوى الوطني وليس مقتصرا على مدينة أو منطقة فقط لأن المشكلة عامة ومزمنة وخطيرة. لقد تم اجتثاث مفهوم ومعنى الوطن عبر زمن طويل من عقول الناشئة وبشكل ممنهج حتى أصبحنا لا نسمع مفردة الوطن أو اسم الوطن في كثير من محتوى الخطاب الدعوي حتى المحسوب منه على المؤسسة الرسمية. والأمر لم يتوقف عند الجانب الدعوي أو المنبري في خطب المساجد، بل امتد إلى المؤسسة التعليمية بشكل مباشر وغير مباشر يهدف إلى تذويب اسم الوطن ومعناه ليصبح هامشيا وضبابيا، بل ومشبوها في نهاية الأمر لصالح مصطلح الأمة والأممية الذي أسس للانسلاخ التدريجي من الوطنية تمهيدا لتبني أدبيات الجهاد ونصرة الأمة والانتماء لها بالدرجة الأولى. وهذه الإشكالية الخطيرة لم يعد احتواؤها ممكنا بندوة عابرة تقام في مدينة أو أكثر لأن الشق أصبح أوسع من الرقعة. إنها إشكالية متعددة الأسباب ومركبة ومعقدة تحتاج بالضرورة إلى مشروع وطني متكامل ومدروس يعيد للوطن معناه واعتباره وقيمته وأهميته لدى الأطفال والشباب والصغار والكبار لينشؤوا متشربين حبه والولاء والانتماء له، على أن يحاسب بصرامة كل من يتعمد تغييبه مهما كانت أسبابه وذرائعه. لن نستطيع الحصول على مواطنين حقيقيين إذا كان الرمز الذي يجب أن يلتقي حوله الجميع مغيبا في أذهانهم بفعل الذين لا يؤمنون به.