أكد مؤسس المبادرة الوطنية للتحسين المستمر والتغيير للأفضل (كايزنها) المهندس صالح السلمي أن العمل التطوعي يمر بتحديات مختلفة؛ نظرا لضعف القدرات القيادية، التي قد تؤدي إلى وقوع المبادرات في عائق التنظيم، وتتسبب في خروجها من الباب الخلفي دون تحقيق الأهداف.
وأوضح في حواره مع «عكاظ» أن عدم وجود رؤية واضحة لبعض المبادرات التطوعية يمهد لحدوث تكرار فيما بينها، وأنه من الأفضل ربط المبادرات بحلول لقضايا التنمية من خلال أبعاد مختلفة، مع استقطاب الكفاءات القيادية لصناعة أعمال تطوعية مستدامة، وإلى تفاصيل الحوار:
• «كايزنها».. هل هي مؤسسة أم مجرد مبادرة تطوعية؟
•• هي عبارة عن مبادرة وطنية للتحسين المستمر والتغيير للأفضل، انطلقت في مطلع العام 2014 ولا تزال مستمرة في تقديم المفيد والمهم مع الشباب السعودي من الجنسين، إذ إن أهدافها واضحة من خلال رفع مستوى الوعي بأهمية التغيير، وتقديم تجارب واقعية عن التغيير والتحسين المستمر، والمساهمة في رفع قدرات الشباب ليساهموا بشكل مباشر في التغيير، وتعزيز مفهوم العمل التطوعي وإدارة المبادرات التطوعية بكفاءة وفعالية.
• كم عدد أعضاء المبادرة؟ وهل لديك الوقت الكافي لتطويرها؟
•• المجتمع السعودي مشهود له بروح المبادرة والتفاعل السريع، لذلك لاقت «كايزنها» إقبالا كبيرا من الجميع، وانضم لعضويتها أكثر من 600 مبادر من الجنسين لتفعيل النشاطات والفعاليات، وإذا تحدثنا عن توفر الوقت الكافي، فـ «كايزنها» تنشر مبادئ استثمار الوقت الفعالة بشكل مستمر؛ ما جعلنا أول من يطبق هذه المفاهيم لإيجاد الأوقات اللازمة لتطوير العمل.
• هل ستستمر«كايزنها» كمبادرة أم سيحدث لها تحول؟
•• من مبشرات المستقبل الجميل أن التحول أصبح واقعا في المشهد السعودي، وكنا قبل إعلان رؤية السعودية 2030 نحاول أن نوجد رؤية مشتركة تجعل الشباب السعودي يؤمن بأهمية التغيير والمسارعة في التطبيق، ولكن بعد إعلان الرؤية أصبح الأمل مشتركا والعمل منسجما نحو تحقيق الأهداف التي تقع ضمن مجالات العمل، فالتحول مستمر معنا في إحداث التغيير، لذا فالتحول والتغيير ليسا محطتين يتم الوقوف عندهما بل هما رحلة مستمرة ومستدامة للأفضل دائما وأبدا.
• كيف يمكن أن يكون العمل التطوعي في السعودية أكثر تنوعا وتنظيما؟
•• العمل التطوعي في السعودية محفز جدا والأسباب كثيرة، أولها الجانب الديني والرغبة في الحصول على الأجر، وثانيها نسبة الشباب في المجتمع السعودي عالية جدا، وثالثها الرغبة في إثبات الذات وتقديم تجارب مميزة.
ولكن من ناحية أخرى، يمر العمل التطوعي بتحديات مختلفة، أهمها التنوع والتنظيم، فبسبب عدم وجود رؤية واضحة لبعض المبادرات التطوعية نجد أن هناك تكرارا فيما بينها، وبسبب ضعف القدرات القيادية قد تقع المبادرات في عائق التنظيم وتخرج من الباب الخلفي دون تحقيق الأهداف. والأفضل في المرحلة الحالية هو ربط المبادرات بحلول لقضايا التنمية من خلال أبعاد مختلفة دون التركيز على الجانب الخيري فقط، مع استقطاب الكفاءات القيادية لصناعة أعمال تطوعية مستدامة.
• هل يوجد تأثير لورش العمل التي نظمت باسم «كايزنها»؟ وما ملامح هذا التأثير على المجتمع؟
•• بالتأكيد يساعدنا التركيز في إحداث التأثير، فهناك ثلاثة محاور رئيسية يركز عليها في «كايزنها»، الأول تنفيذ المبادرات التطوعية، والثاني دعم المبادرات التطوعية، والثالث تصميم الحملات التطوعية، ومعايير النجاح والتأثير نستطيع أن نقيسها من خلال عدد الساعات التطوعية التي تقدم، وحتى الآن تجاوزت 25 ألف ساعة تطوعية قام بها الشباب السعودي، والمعيار الآخير للتأثير هو ارتفاع نسبة الطلب العالية على الشراكات مع «كايزنها» في تنفيذ أو دعم أو تصميم المبادرات ذات الجودة العالية سواء من القطاع الخاص أو العام، والحقيقة أن الطريق طويل جدا، ولكن الأهم أن نبدأ أولا ثم نُسارع الخطوات.
• ما رؤيتكم للتحول الوطني وتركيز القيادة في رؤية 2030 على الشباب؟ وماذا لدى «كايزنها» بهذا الخصوص؟
•• رؤية السعودية 2030 وبرنامج التحول الوطني ساعدتنا في اختصار مراحل عديدة، فكما أسلفت من أن غياب الرؤية المشتركة قد يضع كثيرا من الجهود التطوعية في تضارب أو عدم فائدة، ولكن بعد أن أعلنت أهداف رؤية 2030 أستطيع القول أن تجارب المجتمع المدني والقطاع التطوعي بالتحديد ستصل لتحقيق الرؤية قبل القطاع العام وذلك لسببين رئيسيين: أولهما أن العمل التطوعي نابع من رغبة ذاتية ومسؤولية مع إحساس بالانتماء، وكلما ارتفع منسوب المسؤولية في الأعمال كلما زادت الفعالية وسرعة الإنجاز، والسبب الثاني هو أن القطاع التطوعي يتميز بالمرونة والبعد عن بيروقراطية أجهزة القطاع العام؛ ما يساعدنا في تجاوز التحديات التي تواجهنا بسرعة استجابة عالية.
• من يدعمكم ماليا؟ وما الذي تحتاجه «كايزنها» لتكون أكثر قوة وتحديثا؟
•• لدي أعمالي التجارية الخاصة، والمبادرة الوطنية للتحسين المستمر والتغيير للأفضل (كايزنها) هي ذراع المسؤولية المجتمعية، كذلك لدينا في كل حملة شراكات متنوعة ومختلفة من مؤسسات القطاع الخاص والحكومي أيضا، ونرحب بأي رغبة مستقبلية في الحملات القادمة.
• هل لـ«كايزنها» مبادرات تجاه ما يحدث من تحريضات على العنف والكراهية؟
•• نحن في «كايزنها» نؤمن أن الحلول الجذرية هي التحدي الحقيقي في كل ما يخص الشان المجتمعي، وكلما كانت هناك منصات تحفيزية للشباب تجذب انتباههم كما فعلت «كايزنها» وغيرها من المبادرات الأخرى، كلما استطعنا تحقيق أهداف مضاعفة وتجفيف منابع كثيرة للفتن التي تواجه الوطن سواء العنف أو الكراهية، فالتنشئة الاجتماعية القائمة على التركيز على مبدأ الأخذ فقط تنتج لنا شبابا غير قادر على تحمل المسؤولية ومتذمرا من كل شيء وأوقات فراغه عالية، حتى تصبح مناطق العنف والكراهية أكثر جذبا له، ولكن إذا تم تحقيق التوازن عن طريق توفير منصات تطوعية يستطيع من خلالها الشباب في الموازنة ما بين غريزتي الأخذ العطاء نستطيع أن نتطرق لمجالات الإبداع والعطاء، التي تبني الأمم والحضارات بخلاف العنف والكراهية.
• كيف استطعتم أن تحصلوا على دعم شركة (أرامكو) لتتبنى برامج عملكم وأفكاركم؟
•• أرامكو شركة عملاقة ورسالتها واضحة في تنمية الوطن وشبابه، ولا تتأخر عن دعم المبادرات والبرامج والأفكار التي تقوم على أرض صلبة من التخطيط والجودة في التنفيذ، فعندما أطلقت المبادرة في برنامج إثراء المعرفة مطلع 2014 كان لدينا إيمان كامل بأننا قادرون على تحقيق هدف سامي وهو الاستدامة في المبادرات التطوعية، وأن تكون هناك نماذج يحتذى بها؛ ما جعلنا نستمر بنفس القوة في البداية.
• يراهن سمو ولي ولي العهد على الشباب في صنع المستقبل، فما هي رسالة «كايزنها» في هذا الشأن؟
•• أفتخر أنني ألتقيت خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز قبل شهر رمضان ضمن وفد من الكوادر السعودية الشابة برفقة وزير العمل والتنمية الاجتماعية، إذ أشاد الملك بقدرات وعبقرية الشاب السعودي وأنه المحرك الفعلي لرؤية السعودية 2030، ثم قال لنا بالحرف الواحد: «أنتم مسؤولون عن النهوض بالبلاد، والدولة معكم تعمل على توفير الدعم المالي السخي والتدريب التقني المميز نحو استثمار طاقة الشباب فيكم».
ونحن في «كايزنها» نرى في سمو ولي ولي العهد محمد بن سلمان قدوة الشباب في العمل ليلا ونهارا لتحقيق أهداف الرؤية، ونقول له: «لست وحدك، نحن معك قولا وعملا».
السلمي في سطور
تخرج من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن تخصص هندسة صناعية، يعمل قائدا تنفيذيا في شركة عبداللطيف جميل المحدودة، تلقى تدريبا في اليابان، أستراليا، جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، هارفارد بيزنس سكول، الجمعية الأمريكية للتدريب والتطوير والكثير من المنظمات التدريبية المميزة.
أدار أكثر من 40 مشروعا في «كايزنها»، نال العديد من الجوائز المتميزة في شركة عبداللطيف جميل، شارك في المؤتمرات الدولية مع شركة تويوتا العالمية لنقل التجارب والخبرات للعديد من المشاركين من دول العالم. وأسس مبادرة «كايزنها» في السعودية لتقديم تجربة فريدة ونموذج تطوعي رائد في الوطن، وهي المبادرة التي حصلت على المركز الثاني في مسابقة شركة أرامكو السعودية للمشاريع التطوعية.
ويعد المهندس السلمي «ماستر كوتش» في تطوير الأداء الوظيفي والمهني وتطوير المواهب الشابة، ومستشارا في تطوير الأعمال وإدارة المشاريع التأسيسية والتطويرية والتخطيط الإستراتيجي، ومتخصصا في «كايزن» اليابانية بالتدريب والتطبيق، إضافة إلى عمله في المبادرات التطوعية، بالإضافة إلى مشاركته في العديد من القنوات الفضائية والإذاعية.