-A +A
محمد الجهني
بالإسلام والمسلمين من دون كافة المجتمعات البشرية، فكل جريمة خلفها مسلم من وجهة نظر قاصرة حتى أضحى الإسلام خطرا على الكرة الأرضية وقاطنيها، فيما نقف عاجزين عن إيصال حقيقة الإسلام بهيئته المستقيمة لشعوب العالم وجلهم لا يعرفون سوى ما تبثه وسائل الإعلام المختلفة.
صحيح أن منفذي الكثير من الجرائم اللاإنسانية في كثير من دول العالم، بما في ذلك بلاد الإسلام التي نالت نصيب الأسد من التفجيرات باستثناء طهران، مسلمون بالهوية، لكن هؤلاء مارقون خارجون منبوذون، معلومة مقاصدهم ومعروفة جهات دعمهم، جلهم يقادون بالريموت كونترول من قبل أعداء الإسلام ومحترفي تأسيس المليشيات، أما أغراضهم فقد باتت هي الأخرى معلومة لا تتجاوز إلصاق التهمة بالإسلام بشكله الصحيح، ومن ثم تقويضه على اعتبار هذا النهج مدعاة للهدم والدمار رغم وضوح معالم الإسلام الصحيح القائم على السلام والمساواة ووضوح النصوص الربانية في كافة مناحي الحياة، بما في ذلك التشديد على حرمة الدماء والأنفس.

المتابع الفطن لما يجري يدرك دون شك خطورة الحملة، بل يستشف أهدافها، فالمجرمون لا ينتمون للإسلام بصلة يمكن ذكرها؛ ولهذا لا يستقيم القول بأن مجرم نيس الفرنسية فعل فعلته الشنيعة ممثلا لتعاليم الإسلام ومحققا لرغبات المسلمين، ولا يمكن أن يفعل ذلك منتحر الحرم النبوي بجوار قبر رسول السلام صلوات الله وسلامه عليه، ولا نستوعب أن من قتل والديه كليهما أو أحدهما أقدم على هذا الفعل لخدمة الإسلام، أو لأن الإسلام نفسه صرح أو لمح لفعل شنيع كهذا، والأهم أن المجرم سائق الشاحنة لا يصلي ولا يصوم ولا يبدو عليه أي مظهر من مظاهر الدين وفقا للتأكيدات التي وردت من مصادر موثوقة، فعلاقته بالإسلام علاقة ورقية باهتة، وفعلته تلك يفعلها أي منتم لأي ديانة، فقد حدثت في الجو والبر والبحر وفي مختلف دول العالم من قبل أشخاص تجردوا من الإنسانية رغم انتماءاتهم الدينية المختلفة، ولو أن يهوديا أو مسيحيا ارتكب فعلا إجراميا في إحدى بقاع الأرض، فلن نسمح لأنفسنا بالإمعان في اتهام ديانته وإسقاط الحق في التعرف على الدوافع الحقيقية للفعل الممقوت بالإجماع انطلاقا من تعاليم الإسلام، حيث قال تعالى «ولا تزر وازرة وزر أخرى»، ثم هل تكفي الهوية الورقية لتوزيع الاتهامات والتحذيرات ونثر المخاوف، خاصة أن أهم أهداف الإرهاب يتمثل بالتأثير على الإسلام والمسلمين تحديدا بالصورة المشهودة مع شديد الأسف، فهل نأخذ فئة ولو كانت صغيرة بجريرة مجرم بالفطرة مهما كانت الدوافع، خاصة إذا ما تبين أن ذلك المجرم يضرب بتعاليم الدين عرض الحائط، ولم يتغذ فكريا على مناهج دينية معينة، بل إن معظم الفاعلين تربوا في أحضان المندفعين لاتهام الإسلام، فالسواد الأعظم من أفراد العصابات الإرهابية خليط من مجتمعات متعددة أراد المخطط أن يستظلوا بمظلة الإسلام لا رابط بينهم سوى التوق لسفك الدماء بغض النظر عن هويات الضحايا.
مرة أخرى نؤكد أن التشدد الديني المرفوض لم يكن إلا وسيلة من وسائل تشويه الدين ومن خلاله تم استغلال البسطاء السذج الجاهزين للانتحار، وبقي المخططون في مأمن يتحينون الفرص للانقضاض على كل منتم للإسلام الصحيح الواضح الحق، ولو كان في مثل هذا الفعل تقرب إلى الله لما تخلف المخطط والداعم والمصفق عن الاستئثار بالأجر والمثوبة.