لم يتوقع الاقتصاديون في أوروبا وأمريكا سرعة نمو الاقتصاد الإسلامي في السنوات العشر الأخيرة. ولم يتصور الغرب أن هناك تزايدا سريعا في أعداد المسلمين في العالم، حيث يتوقع أن يصل عدد المسلمين في العالم عام (2030) حوالى (2.2) مليار يمثل الشباب المسلم بين سني 15 و30 قرابة 30% من إجمالي سكان العالم الإسلامي موزعين في دول أغلبية سكانها مسلمون أو مسلمون مهاجرون في الغرب، مما يفترض أن يساهم في نمو التبادل التجاري البيني بين دول منظمة التعاون الإسلامي. وتؤكد جميع المؤشرات أن تطور نمو الاقتصاد العالمي ينتقل تدريجيا من الدول الصناعية الكبرى إلى الأسواق الناشئة. حيث تشير الإحصائيات إلى أن 25 دولة في العالم هي الأكثر نموا منها (10) دول غالبية سكانها مسلمون، وبالقياس الرقمي أن قيمة الناتج المحلي الإجمالي لدول منظمة التعاون الإسلامي وعددها 57 دولة يتجاوز (6.7) ترليون دولار وتضاعفت نسب نمو قطاع التمويل الإسلامي في العالم الإسلامي والغربي مما أثار حفيظة البنوك الأجنبية وأشعل المنافسة الشرسة لدى البنوك التجارية في أوروبا ودفعهم لإنشاء أقسام وفروع خاصة بالمصرفية الإسلامية، وتوسعت فروع المصرفية الإسلامية للبنوك التجارية في أوروبا وعلى وجه الخصوص فرنسا وبريطانيا وألمانيا وسويسرا، ويبلغ إجمالي أصول المصارف الإسلامية تقريبا في جميع أنحاء العالم حوالى (1.3) تريليون دولار ويتوقع مضاعفة هذا الرقم في عام (2020)، وتتركز أنشطة التمويل الإسلامي في استثمارات عديدة من أهمها الصيرفة الإسلامية وغيرها من أنشطة متنوعة. وتعتبر ماليزيا من أكبر الدول الإسلامية في العالم نموا لرأس المال الإسلامي والذي تجاوز سوق رأس المال الإسلامي فيها (421.1) مليار دولار، وهي الدولة الرائدة في مجال إصدار وتسويق الصكوك الإسلامية حيث وصلت نسبتها 54.3% من إجمالي إصدارات الصكوك الإسلامية في العالم، ومازالت الجهود تبذل على مستوى المشاركين في المنتدى الاقتصادي الإسلامي الذي أنهى اجتماعاته الأسبوع الماضي في العاصمة جاكرتا في إندونيسيا بعنوان (لا مركزية التنمية - واستقلالية المشاريع) بحضور صناع القرار من القادة والمسؤولين في العالم الإسلامي. والذي سيناقش المبادئ الأساسية التي أنشئ من أجلها المنتدى ومنها تعزيز قوة اقتصاديات الدول الإسلامية بما يحقق الاستقرار والنمو الاقتصادي لشعوبها، وتحقيق احتياجات ومتطلبات الشعوب وعلى رأسها توفير الصحة والتعليم وخلق فرص التوظيف والاستغلال الأمثل للإمكانات المتاحة ودعم وتعزيز التجارة البينية وتطوير البنى التحتية لاستطقاب الاستثمارات العالمية والإسلامية ودعم المشاريع الصناعية ودعم الأبحاث الهادفة إلى تطوير الصناعات الإسلامية. إلا أنه وللأسف الشديد لم تتحقق طموحات المؤسسين للمنتدى منذ عام 2005 حيث انعقد المؤتمر الأول في كوالالمبور، ولم ترق التجارة البينية بين الدول الإسلامية إلى مستوى الطموح، وقد يعود السبب إلى حجم المعوقات والحواجز التي تضعها بعض النظم والقوانين في بعض الدول الإسلامية بالإضافة إلى الرسوم والمواصفات والجمارك المفروضة أحيانا. ولهذا فإنني أقترح ضرورة إنشاء سوق إسلامية حرة تسمح بتنقل البضائع دون عوائق وبدعم المصرفية الإسلامية. وأقترح ضرورة إنشاء نظام مصرفية إسلامية معتمد في جميع الدول الإسلامية، كما أقترح إنشاء بنك مركزي للبنوك الإسلامية يعتبر مرجعية لجميع البنوك الإسلامية توكل له مهمة الإشراف والمتابعة والمراقبة وضمان ودائع المتعاملين مع البنوك الإسلامية. وأعتقد أن الظرف الحالي الذي تعيشه الدول الصناعية الكبرى في أوروبا وأمريكا حافز كبير لإعادة ترتيب التعاون الاقتصادي الإسلامي. حيث إن الانتكاسات الاقتصادية وتخلخل مجموعة اليورو قد يسهم في إنعاش أسواق الدول الناشئة. وعلينا إعادة تنظيم وترتيب ومتابعة ومراقبة وضع البنوك الإسلامية وحمايتها من شماعة الإرهاب وتمويل الإرهاب التي تستخدم لإسقاط دول أو مؤسسات مالية أو شركات عالمية، وهي حرب يستخدمها الأعداء أحيانا ضد كل نظام ناجح أو عمل ناجح يقوم به العرب والمسلمون.