رُغم مرور سنين طويلة من ترك مقاعد الدراسة، إلا أنني ما أزال اختزل أفكارا خاطئة عن الامتحانات النهائية.. وما يُصاحبها من توتر وقلق وارق، وأتساءل لماذا سببت لي كل ذلك الفزع كطالب سابقاً، والتوتر كولي أمر حالياً. خبراء التربية يرون أن الامتحانات بصورتها التقليدية أهم عمليات التقويم الدراسي.. ونحن متفقون معهم، لكن المشكلة هي في ما يحيط بها ويجعلها موضوعا مفزعا وكابوسا مزعجا. وليست الامتحانات بحد ذاتها من يجلبه. فلو تابعنا سيناريو رعب الامتحانات نجدها تبدأ من الأسبوع الأول الذي يسبق موعدها والتحضير لها.. ففي ليلة الامتحان يسهر الطالب طوال الليل في تقليب الأوراق، ثم الاستيقاظ باكرا لمواصلة التقليب، وهاجس الوصول متأخرا لقاعة الامتحان لا يجعل الطالب يهنأ بساعات النوم القليلة تلك الليلة، وحتى مع وصول الطالب إلى المدرسة أو الجامعة، يتواصل سيناريو الرعب، لكن هذه المرة بعدوى زملاء الدراسة! فتجدهم متناثرين في الممرات والزوايا وعلى درجات السلم، الكل متوتر ومطأطئ الرأس... يُقلب الأوراق التي بين يديه. وعندما تحين ساعة الامتحان يساق الطلاب في موكب جنائزي إلى القاعات والفصول ليأخذ كل واحد منهم مكانه المخصص بالجلوس، عند ذلك يقوم الممتحن أو المراقب بإكمال آخر مشاهد سيناريو الرعب بسرد التعليمات المعتادة عليهم، ولطفاً منه يردد عبارات رقيقة ومبشرة ودعوات لأبنائه الطلبة، ولكن تلك الكلمات تزيدهم وحشة ورهبة، وعندما توضع ورقة الأسئلة أمام الطالب ويبدأ بقراءتها يكتشف أنه أمام الحقيقة كاملة، وأن كل ما سبق مجرد وهم عاشه لوحده. إن طقوس الذعر والفزع من الامتحانات شر لابد منها، لا يمكن لأي طالب أو أسرة تجاوزها، مع إدراك الجميع بأن هذه الطقوس ابعد ما تكون عن الامتحانات نفسها، وأن وفق طالب في تجاوز طقوس الذعر ما قبل ولوج صالة الامتحان فهناك طقوس ذعر بعدية تتمثل في لجان امتحان ومراقبة ورحمة ورصد وكنترول... الخ، والنتيجة من وراء كل هذا البحث عن وهم اجتماعي دارج يتمثل في شهادة ليس لها واقعٍ عملي على الأرض. دعواتي لجميع الممتحنين بالتوفيق والدرجات العالية، والى أولياء أمورهم راحة البال وضبط الأعصاب.
Dr.jobair@gmail.com
Dr.jobair@gmail.com