-A +A
عيسى الشاماني (الرياض)
حتى وقت قريب كانت السياسة التي ينتهجها تنظيم «داعش» في تنفيذ العمليات الإرهابية داخل المملكة، تستهدف أهدافا معينة كالمساجد ورجال الأمن والمقيمين الغربيين، إلا أنه بعد التضييق الأمني وإفشال عدد من العمليات الإرهابية بدأ التنظيم في تغيير مخططاته التي اتضحت جليا أمس الأول (الأربعاء)، عندما كشفت وزارة الداخلية «أمس الأول» إفشال عملية إرهابية كانت تستهدف مطعما ومقهى شعبيا في مدينة تاروت بالمنطقة الشرقية.
عملية تاروت الفاشلة استخدم فيها التنظيم نفس أساليبه الفردية عبر عناصر من فئة عمرية صغيرة، مستغلا خلو سجلهم الأمني من السوابق، آخرهم الموقوف السعودي عبدالله الغنيمي 27 عاما والمقيم السوري حسين محمد علي 24 عاما، اللذان أعلنت الداخلية القبض عليهما في نقطة تفتيش بالمنطقة الشرقية واعترفا بأن عناصر من التنظيم في الخارج وجهتهما لاستهداف أحد المقاهي الشعبية الأكثر شهرة في المنطقة الشرقية.

المتحدث الأمني لوزارة الداخلية اللواء منصور التركي أكد أمس لــ «عكاظ»، أن المتهمين الموقوفين ليس لأي منهما سوابق أمنية كما أن الموقوف السوري هو من المقيمين في المملكة بطريقة نظامية.
وعن الأهداف التي قادت عناصر التنظيم إلى محاولة استهداف المقهى في تاروت، بعد أن كانت أهدافهم مساجد ونحوها، أكد التركي أن ذلك قد يعود إلى اعتقادهم بأنها ستكون هدفاً سهلاً بعد فشلهم في تحقيق أهدافهم في كافة العمليات الإرهابية التي استهدفت المساجد هذا العام.
ونجحت قوات الأمن في إحباط سلسلة هجمات انتحارية في مناطق متفرقة من المملكة في 4 يوليو الماضي استهدفت فجراً مبنى القنصلية الأمريكية في جدة وفي المساء مسجدا في القطيف وبالتزامن مع الهجوم على نقطة أمنية بالقرب من الحرم النبوي في المدينة المنورة.
ويرى الباحث في شؤون الجماعات المتطرفة أحمد الموكلي أن هناك عددا من الإستراتيجيات للتنظيمات الإرهابية من حيث اختيار وتحديد الأهداف، فالإستراتيجية الأولى تركز على تنفيذ عمليات نوعية أي عمليات كبيرة لها أثرها المادي والسياسي والإعلامي وهذا نشاهده كثيراً في مناطق الصراع كالعراق وسورية وأفغانستان.
وقال الموكلي لــ «عكاظ» أمس (الخميس)، إن التنظيمات الإرهابية تعتقد أنها استلهمت على ما يبدو نجاحا خارجيا كما حدث في تفجيرات مدريد العام 2004 والتي بعدها سحبت القوات الإسبانية قواتها من العراق، وهذه العمليات عادة ترتبط بالتنظيم الأم سواء داعش أو القاعدة. أما الإستراتيجية الثانية فهي عمليات تهدف إلى تحقيق انتصارات إعلامية وأمنية عبر إشغال الجهات الأمنية وجعلها في حالة تأهب دائم والذي ربما يؤدي إلى مزيد من الاستنزاف حسب اعتقاد هذه الجماعات، إضافة إلى بث الخوف والرعب في المجتمعات وهذا يعتبر مطمعا لا يستهان به، كتسجيل الحضور الذي ربما يحقق لها مآرب أخرى كاستقطاب مزيد من الأتباع. وبين الموكلي أن الإستراتيجية الثالثة تركز على الأهداف البسيطة وهذه لا يمكن التنبؤ بالهدف فأسهل هدف يحقق مكاسب إعلامية تقوم بتنفيذه إلا أننا شهدنا تطوراً في نوعية هذه الأهداف حيث بدأت بالتدرج من استهداف رجال الأمن ومن ثم دور العبادة والأقارب والآن الأماكن العامة كالمقاهي والملاهي، وهذا لا شك تطور خطير، ومن يقوم بتنفيذ هذه العمليات هم ما بات يعرف بالذئاب المنفردة التي لا ترتبط بعلاقة تنظيمية مع القيادات وإنما تبنت سلوك ومنهج هذه الجماعات فكرياً.