أكد السفير الصيني لدى السعودية لو هوا شين الأهمية القصوى التي تكتسبها زيارة ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان للصين، مشيرا إلى أن هذه الزيارة ستساهم في تعزيز الشراكة الإستراتيجية بين البلدين. وأشار السفير الصيني، في حوار أجرته معه «عكاظ» إلى أن الأمير محمد بن سلمان سيرأس الاجتماع الأول للجنة المشتركة رفيعة المستوى الصينية - السعودية، ويجتمع مع القادة الصينيين بهدف تبادل الآراء حول تعميق التعاون بين البلدين في مجالات السياسة والدبلوماسية و «الحزام والطريق» والتجارة والطاقة والاستثمار والشؤون العسكرية، وأفاد السفير الصيني بأنه سيتم خلال الزيارة التوقيع على سلسلة من اتفاقيات التعاون المهمة بين البلدين. وأفاد بأن السعودية بصفتها الدولة العربية الوحيدة في مجموعة العشرين، لها دور مؤثر وإسهام قوي في تطوير آلية قمة المجموعة. وتطلع إلى بذل الجهود المشتركة مع جميع دول الأعضاء، للتوصل إلى نتائج إيجابية تخدم مصالح العالم مستقبلا. وهنا نص الحوار:
• بداية كيف تنظرون إلى مستقبل الشراكة الإستراتيجية بين السعودية والصين، وأوجه التعاون في المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية؟
•• العلاقات الصينية - السعودية شهدت تطورا سريعا منذ تأسيس العلاقات الدبلوماسية عام 1990. ومع بداية السنة الحالية قام الرئيس الصيني شي جينبينغ بزيارة تاريخية للمملكة مضت معها العلاقات إلى مرحلة جديدة، إذ أعلن قادة البلدين ترفيع العلاقات إلى شراكة إستراتيجية شاملة، واتفقا على إنشاء لجنة مشتركة معنية بتخطيط وتعزيز التعاون في جميع المجالات بين الطرفين، إلى جانب توقيع 14 اتفاقية تعاون في مجالات «الحزام والطريق» والتعاون في القدرات الإنتاجية وبناء الحدائق الصناعية والطاقة النووية والمتجددة ومكافحة الإرهاب.
أما في المجال الاقتصادي، فالمملكة تعتبر أكبر مصدر نفطي عالمي، وأكبر شريك تجاري للصين على مستوى غربي آسيا وأفريقيا، بالمقابل فإن الصين تعتبر أكبر شريك تجاري للمملكة، فبين البلدين تكامل اقتصادي قوي. ويتعين عليهما تكثيف التواصل بين مبادرة «الحزام والطريق» و «رؤية 2030»، وبناء معادلة التعاون الجديدة التي تتخذ الطاقة بوصفها ركيزة أساسية، والتجارة وتسيير الاستثمار بصفتهما جناحين، والطاقة النووية والفضاء ومصادر الطاقة المتجددة.
وأخيرا، فإن التعاون العسكري جزء مهم من العلاقات الصينية - السعودية، والصين على استعداد لتعزيز الزيارات رفيعة المستوى بين الجيشين من أجل تعزيز التبادلات والتعاون والعمل معا على حماية السلام والاستقرار في المنطقة.
ننظر باهتمام لزيارة ابن سلمان
• كيف تنظرون إلى زيارة سمو الأمير محمد بن سلمان إلى الصين وترؤسه وفد السعودية في قمة العشرين؟
•• الأمير محمد بن سلمان، ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، يقوم بزيارة مهمة للصين، وسيرأس الاجتماع الأول للجنة المشتركة رفيعة المستوى الصينية - السعودية، ويجتمع مع القادة الصينيين بهدف تبادل الآراء حول تعميق التعاون بين البلدين في مجالات السياسة والدبلوماسية و «الحزام والطريق» والتجارة والطاقة والاستثمار والشؤون العسكرية وغيرها، وسيوقعون على سلسلة من اتفاقيات التعاون المهمة.
والجانب الصيني يولي اهتماما بالغا لهذه الزيارة، وتمت بالترتيبات بكل جهد ودقة. ونعتقد أنه مع الجهود المشتركة سيتخذ البلدان اللجنة المشتركة رفيعة المستوى كفرصة لإغناء محتويات الشراكة الإستراتيجية الشاملة الصينية السعودية. في المجال السياسي. ويلتزم الجانبان بمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية وتتقارب مواقفهما في القضايا الدولية والإقليمية الرئيسية وتعميق الثقة السياسية المتبادلة باستمرار ومواصلة دعم المصالح الجوهرية والاهتمامات الكبرى لبعضهما البعض بثبات، إلى جانب توثيق التنسيق والتعاون في الشؤون الدولية والإقليمية وتعزيز التعاون تحت مظلة الأمم المتحدة ومجموعة العشرين ومنتدى التعاون الصيني العربي.
• ما المجالات التي تعتقدون أنها تحتاج إلى مزيد من الاستكشاف في العلاقات السعودية - الصينية؟
•• في الواقع فإن لدى البلدين مهمة مشتركة لتطوير اقتصادهما ولديهما نية مشتركة في تعزيز التعاون بمختلف المجالات، وبينهما تكامل اقتصادي قوي وأساس جيد للتعاون.
قيادة حكيمة للملك سلمان
• ما رؤيتكم للجهود التي يبذلها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز لإيجاد حلول لقضايا الأمة الإسلامية وحل النزاعات في المنطقة؟
•• السعودية مهد الإسلام وحاضنة للحرمين الشريفين. ولها وزن كبير في العالم العربي والإسلامي. وتحت قيادة الملك سلمان الحكيم، شهد اقتصاد المملكة تطورا مطردا وارتفاعا مستمرا، الأمر الذي قدم مساهمة مهمة في الحفاظ على الاستقرار والأمن الإقليمي وتنمية الاقتصاد والمجتمع، والجانب الصيني يقدر ذلك، وهو يدعم الجانب السعودي في لعبه دورا أكبر فيما يخص الشؤون الإقليمية والدولية.
قمة «هانغتشو» لدعم الاستثمارات
• ما الرؤية السياسية والاقتصادية التي ستقدمها الصين في قمة العشرين.. وكيف تنظرون إلى المشاركة السعودية الرفيعة فيها؟
•• قمة مجموعة العشرين «هانغتشو» ستحمل عنوان «تجاه الاقتصاد العالمي المبدع والحيوي والمترابط والشامل»، وستتضمَّن أربعة مواضيع بارزة، هي: «الإبداع في نمط النمو»، و «الإدارة الاقتصادية والمالية العالمية الأكثر فاعلية»، و«التجارة والاستثمارات الدولية القوية»، وأخيرا «التنمية الشاملة والمترابطة».
• ماذا تقصدون بالإبداع في نمط النمو؟
•• «الإبداع في نمط النمو» يقصد به دفع الإصلاح والابتكار وخلق فرص جديدة والتمسك بها لرفع إمكانات النمو الاقتصادي العالمي في متوسط وطويل المدى، و «الإدارة الاقتصادية والمالية العالمية الأكثر فاعلية» تهدف إلى تعزيز التمثيل لدول السوق الناشئة والدول النامية ورفع قدرة التصدي للمخاطر، أما «التجارة والاستثمارات الدولية القوية» فتتركز على صياغة الاقتصاد العالمي المفتوح وتحفيز وإحياء نموه، وأخيرا وهي «التنمية الشاملة والمترابطة» فتتعلق بالتطبيق لجدول أعمال التنمية المستدامة 2030 وتقوية تنمية الاقتصاد العالمي.
دور مؤثر للسعودية في قمة العشرين
• ما الذي تأمله بكين من خلال قمة العشرين؟
•• يأمل الجانب الصيني من خلال القمة أن تحقق ثلاثة أهداف، أولا: تفعيل دور قمة مجموعة العشرين الريادي ومساعدة الاقتصاد العالمي على النمو. ثانيا: تعزيز التعاون الاقتصادي العالمي ومواجهة المخاطر والتحديات بشكل مشترك. ثالثا: الابتكار في بناء الآليات والمنصة التعاونية وضمان انتقال القمة من آلية مواجهة الأزمة إلى آلية الإدارة طويلة المدى.
والسعودية، بصفتها الدولة العربية الوحيدة المشاركة في مجموعة العشرين، لها دور مؤثر وإسهام قوي في تطوير آلية قمة المجموعة. وتقدر الصين تقديرا عاليا مشاركة المملكة الفاعلة في الأعمال التحضيرية للقمة، وترحب بمشاركة السعودية فيها، وتتطلع إلى بذل الجهود المشتركة مع جميع دول الأعضاء، بما فيها السعودية، للتوصل إلى نتائج إيجابية تخدم مصالح العالم مستقبلا.
ندعم إصلاح الأمم المتحدة
• كيف يمكن تفعيل دور الأمم المتحدة لكي يصبح لها صوت مسموع وإخراجها من دائرة نفوذ الدول الكبرى؟
•• الصين تدعم الإصلاح في الأمم المتحدة ومجلس الأمن، ودعت سابقا -ولا تزال- إلى إعطاء أولوية لزيادة تمثيل الدول النامية، بما فيها الدول العربية، وتمكين الدول متوسطة وصغيرة الحجم من المشاركة والإسهام في صياغة قرارات مجلس الأمن بشكل أكبر.
وإصلاح مجلس الأمن مشروع منهجي تنطوي عليه المصالح الحيوية لأغلبية الدول الأعضاء، وينبغي أن تستمر هذه المصالح من خلال المشاورات الديموقراطية والسعي إلى حل شامل والتوصل إلى توافق بأقصى قدر ممكن. والصين مستعدة لبذل جهود مشتركة لإصلاح الأمم المتحدة في سبيل التنمية طويلة الأجل. وتضامن الدول الأعضاء.
• تراوح مواقف الصين مكانها منذ سنوات إزاء الأزمة السورية ولم تقم بأي جهد ملموس لإيجاد حل لمأساة الشعب. وهل هناك تحرك ستقوده الصين لإنهاء الأزمة؟
•• ظلت الصين تتابع وتهتم بالقضية السورية وتدعو إلى التطبيق الشامل لقرار مجلس الأمن رقم 2254، ونأمل أن تؤدي الأطراف المعنية دورا أكبر في ضمان تحقيق الهدنة الشاملة في سورية، ودفع التسوية السياسية للقضية قدما. ولطالما دعت الصين الجانبين السوريين إلى إجراء المفاوضات والتوصل إلى حل سياسي في أسرع وقت ممكن، كما أنها ظلت تؤدي دورا إيجابيا في تسوية القضية السورية بشكل مناسب، إذ دفعت إلى سنَّ مجلس الأمن القرار رقم 2254 حول التسوية السياسية لهذه القضية، وشاركت في أنشطة الفريق الدولي لدعم سورية وطرحت مقترحاتها، وظلت تحافظ على الاتصالات مع الحكومة والمعارضة السورية، وقدمت مساعدات إنسانية للاجئين السوريين، وهي الآن تستعد لأداء دورها في إعادة إعمار سورية بعد تحقيق المصالحة مستقبلا.
وفي مارس العام الحالي، عينت الصين مبعوثا خاصا للقضية السورية، وستواصل القيام بدور بنّاء في التسوية السياسية للقضية بموقف موضوعي وعادل، وتتطلع إلى تعزيز التنسيق والتعاون مع كافة الأطراف، بما فيها السعودية، من أجل دفع تسوية القضية السورية.
نؤيد تنفيذ المبادرة الخليجية في اليمن
• مازال الانقلابيون الحوثيون يراوغون ويرفضون الالتزام بقرارات الشرعية.. ما نظرتكم لحل الأزمة في اليمن؟
•• تدعو الصين دائما إلى تسوية الأزمة اليمنية بعملية سياسية، وتدعم حفظ سيادة اليمن واستقلالها ووحدة أراضيها، وتؤيد عملية الانتقال السياسي والجهود المبذولة للوساطة من قبل الأمم المتحدة. وستستمر الصين في تشجيع الحوار والمباحثات، آملة في الوصول إلى حل سياسي يتوافق مع الأحوال الحقيقية في اليمن، مع مراعاة الاهتمام بكافة الأطراف عن طريق التشاور الودي بناء على قرارات مجلس الأمن ذات الصلة ومبادرة مجلس التعاون الخليجي ونتائج مؤتمر الحوار الوطني الشامل.