من غرائب عالم الصواريخ أن تقنياته الأساسية قديمة جدا.. وبالرغم من استخدامها في المعارك في الصين قبل ألف سنة، إلا أنها لم تستغل عالميا إلى قبل نحو 60 سنة.. طرأت هذه الأفكار على بالي عندما طرت خلال إحدى رحلاتي خلال العودة لأرض الوطن فوق مدينة «بينا موندا» الألمانية التاريخية.. معنى الكلمة «فم» النهر لأنها تقع على مصب نهر «البينا» في بحر البلطيق، وأهميتها التاريخية أنها كانت عاصمة تطوير الصواريخ الحديثة في العالم بأكمله. وقصص الصواريخ أغرب من الخيال: تخيل أن بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى تم توقيع معاهدة «فرساي» لتحديد مسار السلام بين دول النزاع.. إنجلترا، وفرنسا، وروسيا، وأمريكا من جانب المنتصرين، وألمانيا والإمبراطورية العثمانية من الجانب الآخر.. وكانت إحدى بنود الاتفاقية هي «قص الأجنحة» العسكرية لألمانيا. تم ذلك من خلال تقليص قواتها البرية، والبحرية، والجوية لتصبح قوات رمزية «لا تهش ولا تنش». وتم وضع قيود على التصنيع العسكري، وعدد القوات، وتركيبة القيادة العليا العسكرية، والأبحاث والتطوير في المجال العسكري.. ولكن الاتفاقية نست أو ربما تناست موضوع الصواريخ، فلم تذكر في أي من بنودها.. لا بالطول ولا بالعرض.. ربما لم يفكر أحد أنها قابلة للتطوير علما بأن بعضا من تقنياتها كانت قديمة.. الشاهد أن هناك مجموعة من الشباب الهواة الألمان في برلين كانوا يجتمعون في ناد لتطوير الصواريخ وكانوا يتميزون بخلفياتهم العلمية المتميزة.. وتم اكتشاف نشاطهم بعد مجموعة حوادث تسببت إحداها في حرق مركز للشرطة. قامت القوات البرية الألمانية بتقديم العون المالي والإداري لهذا النادي المتميز فنيا بهدف تطوير أسلحة متقدمة لألمانيا. تخيلوا أن كل هذا كان في منتصف الثلاثينات الميلادية. وتم نقل مقر نشاط تطوير الصواريخ إلى مدينة «بينا موندا» في أقصى شرق البلاد لتكن بعيدة عن مرمى الحلفاء وكونها مطلة على بحر البلطيق ونهر «البينا». ونجحت ألمانيا من خلال تلك الجهود في تطوير مجموعات من أحدث الصواريخ في العالم. وأشهرها على الإطلاق كان صاروخ «في 2» Vergeltungswaffe 2 وكان رمزا للجيل الثاني من «سلاح الانتقام».. وهو من أكثر الأسلحة نجاحا لأنه معنا في العالم إلى اليوم فهو أساس صاروخ «سكود» التي يستخدمه كل من هب ودب بأشكل وأسماء مختلفة. ونعود إلى عام 1945 وآخر أيام الحرب العالمية في أوربا حيث كانت المفاجأة الكبرى أن بعضا من قيادات تصميم وتطوير الصواريخ هاجروا إلى الولايات المتحدة بالمئات. والبعض الآخر هاجروا إلى الاتحاد السوفيتي بالمئات أيضا.. كل مهندس صواريخ كان يتبعه فريق من الفنيين. وفي البداية كانت تلك الهجرة إلى أمريكا تحت مظلة عمليات سرية لتهريب العلماء الفنيين الألمان في عملية «الدبوس» Paperclip بدءا من نهاية الحرب. ولعل أشهر نجوم هذه القصص هو الدكتور «فون براون» الألماني الذي كان من كبار الضباط في الجيش الألماني إلى نهاية الحرب، وفجأة ظهر في الولايات المتحدة ومعه مجموعة من فريقه الفني لتكملة مشوار تطوير الصواريخ للجيش الأمريكي. ولم ينته الموضوع هنا فقد أكمل فون براون وجماعته نشاطهم في برنامج الفضاء الأمريكي الحربي والسلمى شاملا برامج وكالة الفضاء الأمريكية «ناسا». وللعلم فكان هذا الرجل هو المصمم الرئيس لصواريخ ساتورن (زحل) العملاقة التي حملت برنامج أبولو إلى القمر.
أمنيـة
الصواريخ اليوم كثيرة جدا حول العالم، والعديد منها قامت وتقوم بأعمال رائعة لإيصال الأقمار الصناعية إلى مساراتها، وكأنها «وانيت» توصيل. ويوفر ذلك بمشيئة الرحمن العديد من خدمات الاتصالات، والتصوير الجوي، والأبحاث العلمية الرائعة. ولكن للأسف أن معظم الصواريخ في العالم اليوم تستخدم كأسلحة وليست كأداة سلم وعلم. أتمنى أن تكون هناك قيود لمنع انتشارها واستخدامها من قبل «البزورة». ونسأل الله السلامة
وهو من وراء القصد.
أمنيـة
الصواريخ اليوم كثيرة جدا حول العالم، والعديد منها قامت وتقوم بأعمال رائعة لإيصال الأقمار الصناعية إلى مساراتها، وكأنها «وانيت» توصيل. ويوفر ذلك بمشيئة الرحمن العديد من خدمات الاتصالات، والتصوير الجوي، والأبحاث العلمية الرائعة. ولكن للأسف أن معظم الصواريخ في العالم اليوم تستخدم كأسلحة وليست كأداة سلم وعلم. أتمنى أن تكون هناك قيود لمنع انتشارها واستخدامها من قبل «البزورة». ونسأل الله السلامة
وهو من وراء القصد.