تناولت في مقال الأسبوع الماضي أهمية التحالفات العربية الغربية في معالجة المظالم السياسية والاقتصادية والاجتماعية القائمة منذ إنشاء منظمة الأمم المتحدة عام (1945م) والتي تسبَّبت في نشر حالة من الإحباط لدى الشعوب المقهورة وانعكس تأثيرها على تفاقم الإرهاب كظاهرة عالمية، وأوضحت ضرورة أن يكون لدى الجانبين (العربي والغربي) فهم أعمق للإسلام والمدنية الغربية، وأن تُبنى تحالفاتهما على أُسس صحيحة من التفاهم والقيم المشتركة ليتحقق في النهاية التوافق وتوحيد الطرق الكفيلة بتمهيد الأرضيات المشتركة لفتح أبواب السلام الذي طال انتظاره.
لقد اهتزت الثقة بين الغرب والعالم الإسلامي منذ فترة طويلة، إلا أنها انعدمت تماماً بعد تفجيرات برجي التجارة العالميين في (سبتمبر 2001م)، وظهور التنظيمات الإرهابية التي تدّعي الإسلام، والتي عمدت إلى نشر الفكر الديني المتطرف ومارست العمليات الإجرامية غير المسبوقة في التاريخ، فتشتَّتت الأفكار والرؤى والسياسات بين العالمين (الإسلامي والغربي)، وتقلَّصت مساحات التواصل بينهما وتداخلت المفاهيم واختلطت التعريفات، فلم يتمّ التوصل إلى تعريف عالمي موحَّد لـ (الإرهاب)، ما تسبَّب في عدم التفريق بين من يكافح لأجل تحرير وطنه من المحتلين (فلسطين على سبيل المثال)، والساعين إلى هدم القيم الإنسانية عبر اعتماد العنف وسيلة لتحقيق أهدافهم الخبيثة وبدعم من بعض الدول بكل أسف؛ ما مكَّن اليمين المتطرف في الغرب من تحقيق انتصارات سياسية مهمة بذريعة (فوبيا الإسلام)، وأصبح (الإسلام) عدواً صريحاً وعائقاً كبيراً أمام إعادة الثقة في العلاقات العربية الغربية.
إن (الحقوق والحريات المدنية والسياسية) التي يتمتَّع بها المواطن الغربي والتي تعدّ أساس التقدم والتنمية الغربية، هي محط إعجاب العرب الذين يفتقدون وجودها في عالمهم؛ لذلك وجدت فيها أوروبا وأمريكا وسيلة ناجعة للتدخل في الشؤون الداخلية العربية في إطار دولي مشروع تم الإعداد له من خلال الاتفاقيات والعقود الدولية المتعلقة بتعزيز مبادئ العدالة والمساواة وحماية حقوق الإنسان والتي أقرَّتها أجهزة الأمم المتحدة المختلفة، وذلك لتحقيق مصالح سياسية قائمة على مبدأ تقسيم الدول العربية إلى دويلات قائمة على أسس طائفية وإثنية وتغيير الأنظمة السياسية القائمة بأنظمة جديدة تتفق والرؤية الأمريكية الأوروبية في قيام شرق أوسط جديد.
كما وجدت إيران من تلك المبادئ فرصة ذهبية لتصدير مبادئ ثورة الخميني وفق ما ينص عليه الدستور الإيراني، وتعزيز نفوذها في المنطقة عبر ادعاء المظلومية وشراء ذمم أصحاب النفوس الضعيفة من مواطني دول المنطقة والعزف على أوتار الطائفية ليتحقق حلم قيام (الدولة الإسلامية الشيعية الكبرى) على امتداد الوطن العربي.
ووفقاً لتلك الأجندات المُخطط لها منذ زمن فإن دول مجلس التعاون وبالأخص المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين تتعرّضان إلى تهديدات مستمرة وضغوط هائلة من قِبل أصدقائهم وحلفائهم التاريخيين الذين تغيَّرت مواقفهم وإستراتيجياتهم ومصالحهم بعد هجمات (سبتمبر 2001م) والتوقيع على الاتفاق النووي الإيراني في (يوليو 2015م) الذي أعطى إيران الضوء الأخضر لمد نفوذها ودعم نهجها وتأكيد دورها في إدارة شؤون المنطقة مقابل فتح الأبواب أمام المشاريع الاقتصادية والتجارية وإتاحة الفرص للاستثمارات الغربية فيها، رغم ما تقوم به من دعم للعنف والإرهاب وإثارة الفتن في دول مجلس التعاون والدول العربية المحيطة بها لتظل المنطقة في حالة اشتعال وعدم استقرار دائم تحقيقاً لأهدافها بعيدة المدى.
لذلك؛ فإن هناك مسؤولية تاريخية عظيمة تقع على عاتق العالمين (العربي والغربي) لحفظ الحضارة الإنسانية من تبعات الإرهاب، تتطلَّب منهما إعادة بناء علاقاتهما وفق أسس جديدة تتضمَّن الآتي:
رفض كل ما أُلحق بالإسلام من اتهامات كونه وراء أعمال العنف والإرهاب العالمي، والإيمان بعالمية الإسلام الحقيقي الذي كان له الدور الأساس في نهضة الحضارة الإنسانية بمبادئ التعايش والتسامح والانفتاح ورفض العنف والتطرف.
تحرير الصورة الذهنية السيئة للإسلام التي روَّجت لها أفكار وعمليات التنظيمات الإرهابية عبر تهيئة الأجواء العالمية لاستبدال الصراع بالحوار البناء.
إعادة النظر في منظومة الأمم المتحدة من حيث الآليات والأجهزة والمؤسسات التي تنظّم عملها بما يحقق أهدافها، وأهم أجهزتها (مجلس الأمن الدولي) الذي تقع على عاتقه المسؤولية الرئيسية عن صون السلم والأمن الدوليين والذي أصبح بكل أسف أداة تمرير ما يتوافق فقط مع مصالح الدول الخمس الكبرى التي تسبَّبت في استمرار وتفاقم القضايا الدولية والإقليمية دون حلول عادلة.
تلك كانت أفكار ورؤى في ما أراه من سبل نحو إعادة بناء الثقة في العلاقات بين العالمين الإسلامي والغربي التي تشهد أسوأ مراحلها على مر التاريخ.
(*) المحلل السياسي للشؤون الإقليمية ومجلس التعاون
لقد اهتزت الثقة بين الغرب والعالم الإسلامي منذ فترة طويلة، إلا أنها انعدمت تماماً بعد تفجيرات برجي التجارة العالميين في (سبتمبر 2001م)، وظهور التنظيمات الإرهابية التي تدّعي الإسلام، والتي عمدت إلى نشر الفكر الديني المتطرف ومارست العمليات الإجرامية غير المسبوقة في التاريخ، فتشتَّتت الأفكار والرؤى والسياسات بين العالمين (الإسلامي والغربي)، وتقلَّصت مساحات التواصل بينهما وتداخلت المفاهيم واختلطت التعريفات، فلم يتمّ التوصل إلى تعريف عالمي موحَّد لـ (الإرهاب)، ما تسبَّب في عدم التفريق بين من يكافح لأجل تحرير وطنه من المحتلين (فلسطين على سبيل المثال)، والساعين إلى هدم القيم الإنسانية عبر اعتماد العنف وسيلة لتحقيق أهدافهم الخبيثة وبدعم من بعض الدول بكل أسف؛ ما مكَّن اليمين المتطرف في الغرب من تحقيق انتصارات سياسية مهمة بذريعة (فوبيا الإسلام)، وأصبح (الإسلام) عدواً صريحاً وعائقاً كبيراً أمام إعادة الثقة في العلاقات العربية الغربية.
إن (الحقوق والحريات المدنية والسياسية) التي يتمتَّع بها المواطن الغربي والتي تعدّ أساس التقدم والتنمية الغربية، هي محط إعجاب العرب الذين يفتقدون وجودها في عالمهم؛ لذلك وجدت فيها أوروبا وأمريكا وسيلة ناجعة للتدخل في الشؤون الداخلية العربية في إطار دولي مشروع تم الإعداد له من خلال الاتفاقيات والعقود الدولية المتعلقة بتعزيز مبادئ العدالة والمساواة وحماية حقوق الإنسان والتي أقرَّتها أجهزة الأمم المتحدة المختلفة، وذلك لتحقيق مصالح سياسية قائمة على مبدأ تقسيم الدول العربية إلى دويلات قائمة على أسس طائفية وإثنية وتغيير الأنظمة السياسية القائمة بأنظمة جديدة تتفق والرؤية الأمريكية الأوروبية في قيام شرق أوسط جديد.
كما وجدت إيران من تلك المبادئ فرصة ذهبية لتصدير مبادئ ثورة الخميني وفق ما ينص عليه الدستور الإيراني، وتعزيز نفوذها في المنطقة عبر ادعاء المظلومية وشراء ذمم أصحاب النفوس الضعيفة من مواطني دول المنطقة والعزف على أوتار الطائفية ليتحقق حلم قيام (الدولة الإسلامية الشيعية الكبرى) على امتداد الوطن العربي.
ووفقاً لتلك الأجندات المُخطط لها منذ زمن فإن دول مجلس التعاون وبالأخص المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين تتعرّضان إلى تهديدات مستمرة وضغوط هائلة من قِبل أصدقائهم وحلفائهم التاريخيين الذين تغيَّرت مواقفهم وإستراتيجياتهم ومصالحهم بعد هجمات (سبتمبر 2001م) والتوقيع على الاتفاق النووي الإيراني في (يوليو 2015م) الذي أعطى إيران الضوء الأخضر لمد نفوذها ودعم نهجها وتأكيد دورها في إدارة شؤون المنطقة مقابل فتح الأبواب أمام المشاريع الاقتصادية والتجارية وإتاحة الفرص للاستثمارات الغربية فيها، رغم ما تقوم به من دعم للعنف والإرهاب وإثارة الفتن في دول مجلس التعاون والدول العربية المحيطة بها لتظل المنطقة في حالة اشتعال وعدم استقرار دائم تحقيقاً لأهدافها بعيدة المدى.
لذلك؛ فإن هناك مسؤولية تاريخية عظيمة تقع على عاتق العالمين (العربي والغربي) لحفظ الحضارة الإنسانية من تبعات الإرهاب، تتطلَّب منهما إعادة بناء علاقاتهما وفق أسس جديدة تتضمَّن الآتي:
رفض كل ما أُلحق بالإسلام من اتهامات كونه وراء أعمال العنف والإرهاب العالمي، والإيمان بعالمية الإسلام الحقيقي الذي كان له الدور الأساس في نهضة الحضارة الإنسانية بمبادئ التعايش والتسامح والانفتاح ورفض العنف والتطرف.
تحرير الصورة الذهنية السيئة للإسلام التي روَّجت لها أفكار وعمليات التنظيمات الإرهابية عبر تهيئة الأجواء العالمية لاستبدال الصراع بالحوار البناء.
إعادة النظر في منظومة الأمم المتحدة من حيث الآليات والأجهزة والمؤسسات التي تنظّم عملها بما يحقق أهدافها، وأهم أجهزتها (مجلس الأمن الدولي) الذي تقع على عاتقه المسؤولية الرئيسية عن صون السلم والأمن الدوليين والذي أصبح بكل أسف أداة تمرير ما يتوافق فقط مع مصالح الدول الخمس الكبرى التي تسبَّبت في استمرار وتفاقم القضايا الدولية والإقليمية دون حلول عادلة.
تلك كانت أفكار ورؤى في ما أراه من سبل نحو إعادة بناء الثقة في العلاقات بين العالمين الإسلامي والغربي التي تشهد أسوأ مراحلها على مر التاريخ.
(*) المحلل السياسي للشؤون الإقليمية ومجلس التعاون