-A +A
نجيب عصام يماني
تفاعل الشيخ عبدالله المنيع عضو هيئة كبار العلماء مع هشتاق تويتر بعنوان «سعوديات نطالب بإسقاط الولاية»، وأكد فضيلته في تصريح خاص لـ«عكاظ» بأنه لا ولاية على المرأة إلا في النكاح في خطوة تفاعلية يشكر عليها فضيلته.
يقول الحق «والمؤمنين والمؤمنات بعضهم أولياء بعض» يقول الإمام رشيد رضا مفسراً هذه الآية بأن الله أثبت للمؤمنات الولاية المطلقة مع المؤمنين فيدخل فيها ولاية النصرة الحربية والسياسية كما أورد ابن الجوزي في معنى قوله تعالى «بعضكم من بعض» في الدين والنصرة والموالاة. كما تشمل الولاية أمورا كثيرة في الحياة. مثل البيع والشّراء والإجارة وحق العمل وإدارة أموالها بنفسها دون وكيل عنها، كما أن لها الحق أن تكون قاضية ومستشارة ومحامية تباشر بنفسها كافة القضايا بما فيها الحدود والقصاص بل والقضاء مطلقا وبكل درجات التقاضي كما في بعض المذاهب. ويضيف ابن حزم أنه يجوز لها أن تلي الحكم ولها أيضا حق النكاح والسفر، فطالما أن النكاح يراد للرغبة فلا تجبر على من لا ترغب فيه فإن امتنع الوليّ المجبر بتزويج من عينته المرأة فهو عاضل وسقطت ولايته ويفسق إن تكرر عضله. إضافة إلى حقها كاملاً في اختيار الزوج ومن ترغب العيش معه. ولها مباشرة العقد بنفسها دون ولي أمرها إذا كـانت بالغـة عاقـلة بِكْـرا كانـت أم ثيبـاً، لقوله تعالى (فلا تعضلوهُنّ أن ينكحن أزواجهن) وهي آية صـريحة في نهي الـوليّ عـن الامتناع عـن تزويج مولـيته بالكـفء إذا رغبـت فيه وأرجـع الإرادة في عقـد النكـاح إلى المـرأة وأيضـاً قولـه تعالى (فلا جُناح عليهما أنْ يترَاجعا) نسب الحق سبحانه وتعالى مباشرة العقد إلى المرأة نفسها وليس هنا ذكرٌ لوليّها ولو كان للوليّ ولاية لذُكِرَتْ ولايته في سياق الآية، فلا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة كما أنّ القواعد الأصوليّة تنص على أن مطلق القرآن لا يُخَصص بخبر الآحاد، فقد قال عليه الصلاة والسلام (الأيم أحق بنفسها من وليّها) والأيم هي المرأة التي لا زوج لها بكر أم ثيّب، وقد أبطل نبيّ الرحمة نكاحاً عقده الأب بدون رضا ابنته ثمّ جعل أمرَها إليها. ورَدَ في مصنّف أبي شيبة أنّ رجلاً زوّج ابنته وقال للرسول لم أر لها خيراً منه فقال رسول الله (لا نكاح لك اذهبي فانكحي من شئتِ). وقالت امرأة يا رسول الله إنّ أبي زوّجَني من ابن أخيه ليرفع به خسيسته فجعل الأمر إليها فقالت (قد أجزت ما صنع أبي ولكن أردت أن أعلّم النساء أنّه ليس للآباء من الأمر من شيء). وبما أنّ لها مطلق الحرية في التصرّف في مالها، فمن باب أولى لها حق التصرّف في نفسها ورقبتها وجسدها كما ثبت أهليّتها لجميع التكاليف الشرعيّة بالكتاب والسنّة، والبضع (الفرج) حقها دون الوليّ ولهذا يكون بذله لها، فقد تصرّفت في خالص حقّها فجاز لها ذلك. لقد اختلف العلماء في الولاية وهل هي من شروط صحّة عقد النكاح؟ فقال الشافعي وأبو حنيفة وزفر والشيعي والزهري إذا عقدت المرأة نكاحها بغير وليّ وكان كفـؤا جاز ذلك. وعن مالك أنّ اشتراط الوليّ سُنّة في النكاح أما القوامة تعني أن الرجل هو رب الأسرة مسئول عن النفقة والكسوة وليست للاستعباد والظلم والتفرقة، فهي درجة الرياسة المنزلية الناشئة عن عقد الزواج والطاعة في دائرة المعقول وأن أحد أسباب التفضيل وبما أنفقوا من أموالهم. وقد ذكرت «عكاظ» (18247) أن مجلس الشورى يناقش حصولها على جواز السفر دون موافقة ولي أمرها وأن سفرها غير مقيد نظاماً بإذن الولي اعتماداً على فقه المقاصد، فقد انتفى هذا المحرم في الوقت الحاضر فالمحرم كان لِعِلّة اقتضتها ظروف تلك الأيام من صعوبة السفر، وكانت المرأة وهي الضعيفة بطبعها تحتاج إلى وجود المحرم ليساعدها على قضاء حاجاتها ويقوم على حراستها كعادة أهل ذلك الزمان وبالتالي اقتضت الظروف الزمانيّة والمكانية هذا المحرم مع المرأة. ولكن من ميزة الشريعة الإسلامية أنّها شريعة سلسة ليّنة تستطيع المواءمة بين الواجب والواقع تستجيب لمتطلّبات الحياة وحركة العصر، تختار ما يناسب الحاجة ويطابق المصلحة وتغيّر البيئة والمحيط والزمان والمكان لتتماشى معه. فلا يوجد حكم شرعي في غير العـبادات إلاّ وهو للتبديل والتغيّـر قابل. فمثل هذه الأنواع من الأحـكام قابـلة للتغيّر فهي ليسـت أحـكاما تعبديّة، ولكنّها معلّلة فيجوز أن تتغيّر بتغيّر العلّة وجوداً وعدَماً وبحسب اقتضاء الحـال زمـاناً ومـكاناً. وهذا ما سعى إليه مجلس الشورى من مشروعه بتمكين المرأة وتعزيز مواطنيتها بالتأكيد على حقها المعادل لحق الرجل، ليس من باب المنافسة وإنما من باب التكامل في بناء الأسرة والمجتمع.