ليست المرة الأولى التي يواجه اقتصاد المملكة أزمة مالية صعبة، وهي لن تكون الأخيرة بالتأكيد، والدول صغيرة كانت أو كبيرة تمر بتلك الأزمات، وتتجاوزها بالتكاتف والصبر والعمل الدؤوب من الجميع.
التراجعات المالية غالبا ما تحدث ضمن دورات اقتصادية متتابعة، صعودا وهبوطا، وتكون في صالح اقتصاد أي دولة، إذا أحسن استثمارها، والاستفادة منها وتحويلها لمحفز نمو، للتعلم وتعديل أخطاء التنمية، وتوزيع الثروة وتنويع مصادر الدخل.
وها هي أمريكا الدولة الأكبر اقتصادا ضمن دول العشرين بالكاد تتنفس وتتعافى بعد تعرضها لانهيار مالي مخيف عام 2008، تعافيها لم يأت بالنوايا الحسنة، ولا بالهشتاقات، ولا بالتشفي واستغلال الأزمة للكيد للدولة وتهييج الناس وبث الشائعات، بل بتسع سنوات من العمل والتعب والكد والصبر والتحمل.
في الأول من شهر رجب العام 1985 أعلن الملك فهد بن عبدالعزيز، عاهل البلاد، إلغاء الميزانية العامة للدولة، والاكتفاء بميزانية تشغيلية، مع حزمة من إجراءات التقشف، وتحرير جزئي لأسعار الطاقة والوقود، ورفع رسوم بعض الخدمات، كانت المرة الأولى التي يفهم الناس مدى صعوبة الوضع الاقتصادي الذي تمر به بلادهم.
جاءت تلك الإجراءات بعد انهيار غير مسبوق في أسعار النفط، وصلت معه لأقل من ثمانية دولارات، إضافة إلى تحمل السعودية تكاليف مشاركتها في حربين كبيرتين، هي تحرير أفغانستان من السوفيت، ودعم العراق في حمايته للتراب العربي من الاحتلال الإيراني.
القرار المفاجئ الذي جاء عبر التلفزيون الرسمي أعلنه وزير المالية السعودي السابق محمد أبا الخيل، قال فيه: إن الدولة ونتيجة للظروف الصعبة التي تمر بها أسواق النفط في العالم ستعتمد ميزانية تشغيلية، وتحافظ على الباب الأول للرواتب، وسد الحاجات الضرورية في الرعاية الصحية والتعليم والصيانة والأمن، مع عدم استحداث أو إنشاء مشاريع جديدة، وإلغاء البدلات والانتدابات وغيرهما مما هي فوق الرواتب الأساسية.
تحملت المملكة نتيجة ذلك الوضع الاقتصادي الصعب، وما تلاه من تكاليف حرب تحرير الكويت عام 90، ديونا كبيرة وصلت لما يزيد على 700 مليار ريال، لقد واجهت البلاد تلك الأزمة بشجاعة، وشارك المواطنون بلدهم في تحمل أعبائها.
كانت أزمة اقتصادية حقيقية استمرت لسنوات طويلة، وجرس إنذار بأفول دولة الرفاه، لعل الخطأ الذي تلا تلك السنوات المتعثرة كان مشتركا بين القطاع الخاص والناس والمؤسسات المالية والاقتصادية، فما أن تعافت أسعار النفط حتى نسي الجميع تلك العاصفة المالية، وعادوا لحياة الرفاهية، وعجزوا عن إدارة وفورات النفط بطريقة تعيد إنتاج المال بدلا من احتراقه بلا رجعة.
مع عودة التشافي وارتفاع المداخيل سددت الدولة مديونيتها، وضخت الأموال في مشاريع البنية التحتية، ورفعت الرواتب 30%، وابتعثت 150 ألف طالب وطالبة، وبنت برامج اجتماعية متقدمة، كان أهمها برنامج حافز لرعاية العاطلين.
اليوم تمر السعودية بظروف أمنية واقتصادية مشابهة بل ربما أصعب من منتصف الثمانينات، وتواجه مجموعة من الحروب التي تستهدف أمنها القومي، تجد نفسها مضطرة لخوضها، حماية لترابها ومستقبلها وأرواح مواطنيها.
حرب نفطية إثر انهيار أسعار النفط من 120 دولارا إلى سعر متوسط طوال العام لا يتجاوز 35 دولارا، وزيادة سكانية وصلت إلى أكثر من 25 مليون نسمة، وحرب ضروس ضد التدخل الإيراني في اليمن «جنوبا»، مع ما تحمله من تكاليف مالية يومية ضخمة، وحرب أخرى ضد الكيان الإرهابي داعش، الذي يشن معارك قتالية داخل المدن والشوارع السعودية، وصراع وجود ضد مشروع الشرق الأوسط الجديد، الذي يهدف لاقتلاع الدولة كاملة.
السعودية، مواطنين ودولة، أمام تحد اقتصادي مصيري، يستوجب العقل والحكمة، إذا أردنا الخروج من هذه الأزمة بسلام، وبناء اقتصاد صلب، يحمي مستقبلنا وحياة أجيالنا القادمة، فلا صوت يعلو فوق صوت التقشف والترشيد، كما أنه لا صوت يعلو فوق صوت أمننا القومي، الذي يرخص أمامه الغالي والثمين.
التراجعات المالية غالبا ما تحدث ضمن دورات اقتصادية متتابعة، صعودا وهبوطا، وتكون في صالح اقتصاد أي دولة، إذا أحسن استثمارها، والاستفادة منها وتحويلها لمحفز نمو، للتعلم وتعديل أخطاء التنمية، وتوزيع الثروة وتنويع مصادر الدخل.
وها هي أمريكا الدولة الأكبر اقتصادا ضمن دول العشرين بالكاد تتنفس وتتعافى بعد تعرضها لانهيار مالي مخيف عام 2008، تعافيها لم يأت بالنوايا الحسنة، ولا بالهشتاقات، ولا بالتشفي واستغلال الأزمة للكيد للدولة وتهييج الناس وبث الشائعات، بل بتسع سنوات من العمل والتعب والكد والصبر والتحمل.
في الأول من شهر رجب العام 1985 أعلن الملك فهد بن عبدالعزيز، عاهل البلاد، إلغاء الميزانية العامة للدولة، والاكتفاء بميزانية تشغيلية، مع حزمة من إجراءات التقشف، وتحرير جزئي لأسعار الطاقة والوقود، ورفع رسوم بعض الخدمات، كانت المرة الأولى التي يفهم الناس مدى صعوبة الوضع الاقتصادي الذي تمر به بلادهم.
جاءت تلك الإجراءات بعد انهيار غير مسبوق في أسعار النفط، وصلت معه لأقل من ثمانية دولارات، إضافة إلى تحمل السعودية تكاليف مشاركتها في حربين كبيرتين، هي تحرير أفغانستان من السوفيت، ودعم العراق في حمايته للتراب العربي من الاحتلال الإيراني.
القرار المفاجئ الذي جاء عبر التلفزيون الرسمي أعلنه وزير المالية السعودي السابق محمد أبا الخيل، قال فيه: إن الدولة ونتيجة للظروف الصعبة التي تمر بها أسواق النفط في العالم ستعتمد ميزانية تشغيلية، وتحافظ على الباب الأول للرواتب، وسد الحاجات الضرورية في الرعاية الصحية والتعليم والصيانة والأمن، مع عدم استحداث أو إنشاء مشاريع جديدة، وإلغاء البدلات والانتدابات وغيرهما مما هي فوق الرواتب الأساسية.
تحملت المملكة نتيجة ذلك الوضع الاقتصادي الصعب، وما تلاه من تكاليف حرب تحرير الكويت عام 90، ديونا كبيرة وصلت لما يزيد على 700 مليار ريال، لقد واجهت البلاد تلك الأزمة بشجاعة، وشارك المواطنون بلدهم في تحمل أعبائها.
كانت أزمة اقتصادية حقيقية استمرت لسنوات طويلة، وجرس إنذار بأفول دولة الرفاه، لعل الخطأ الذي تلا تلك السنوات المتعثرة كان مشتركا بين القطاع الخاص والناس والمؤسسات المالية والاقتصادية، فما أن تعافت أسعار النفط حتى نسي الجميع تلك العاصفة المالية، وعادوا لحياة الرفاهية، وعجزوا عن إدارة وفورات النفط بطريقة تعيد إنتاج المال بدلا من احتراقه بلا رجعة.
مع عودة التشافي وارتفاع المداخيل سددت الدولة مديونيتها، وضخت الأموال في مشاريع البنية التحتية، ورفعت الرواتب 30%، وابتعثت 150 ألف طالب وطالبة، وبنت برامج اجتماعية متقدمة، كان أهمها برنامج حافز لرعاية العاطلين.
اليوم تمر السعودية بظروف أمنية واقتصادية مشابهة بل ربما أصعب من منتصف الثمانينات، وتواجه مجموعة من الحروب التي تستهدف أمنها القومي، تجد نفسها مضطرة لخوضها، حماية لترابها ومستقبلها وأرواح مواطنيها.
حرب نفطية إثر انهيار أسعار النفط من 120 دولارا إلى سعر متوسط طوال العام لا يتجاوز 35 دولارا، وزيادة سكانية وصلت إلى أكثر من 25 مليون نسمة، وحرب ضروس ضد التدخل الإيراني في اليمن «جنوبا»، مع ما تحمله من تكاليف مالية يومية ضخمة، وحرب أخرى ضد الكيان الإرهابي داعش، الذي يشن معارك قتالية داخل المدن والشوارع السعودية، وصراع وجود ضد مشروع الشرق الأوسط الجديد، الذي يهدف لاقتلاع الدولة كاملة.
السعودية، مواطنين ودولة، أمام تحد اقتصادي مصيري، يستوجب العقل والحكمة، إذا أردنا الخروج من هذه الأزمة بسلام، وبناء اقتصاد صلب، يحمي مستقبلنا وحياة أجيالنا القادمة، فلا صوت يعلو فوق صوت التقشف والترشيد، كما أنه لا صوت يعلو فوق صوت أمننا القومي، الذي يرخص أمامه الغالي والثمين.