-A +A
عبدالله صادق دحلان
من حسن حظي أن تكون مقالتي في اليوم الأول من العام الجديد 1438هـ جعله الله عام خير وبركة بعد أن أنهى عام 1437هـ أيامه الأخيرة بصيف ساخن جداً، وزاد من سخونته أهم حدث سياسي واقتصادي في العالم على شعوب الدول الفقيرة والنامية. جاء هذا الحدث في الأسبوع الماضي ليؤكد المقولة (حكم القوي على الضعيف). إن من أهم الأحداث الساخنة في الأسبوع الأخير من العام الماضي الفيتو الرئاسي غير الموفق في التوقيت على قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب (جاستا) والذي يلغي الحصانة السيادية للمملكة العربية السعودية في الولايات المتحدة الأمريكية، ويعطي الضوء الأخضر لأسر ضحايا هجوم 11 سبتمبر 2001 لرفع قضايا على المملكة كدولة. يستهدف من هذه القضايا الحصول على تعويضات خيالية عن الأضرار التي تسببت بها هذه الهجمات التي راح ضحيتها 3000 شخص تقريباً، رغم غياب الدليل القاطع بضلوع المملكة كدولة وكمسؤولين فيها لهذه العملية الإجرامية التي من المستحيل أن يوصم بها المسلمون مهما كانت الأسباب حتى وإن وجهت التهمة لبعض الإرهابيين من أبناء المسلمين أو من حملة الجنسية السعودية. فالإرهاب لا وطن له ولا ينتمي إلى دين أو جنسية. والحقيقة قد يكون خبر رفض الكونجرس الأمريكي للفيتو الضعيف للرئيس الأمريكي لم يحظ باهتمام عامة الناس والعديد من رجال الأعمال والاقتصاديين لعدم معرفتهم بسلبيات هذا القرار وأبعاده على اقتصاد المملكة وعلى سياسة المملكة الخارجية، إلا أنني أشعر بقلق كبير تجاه اقتصاد دول الخليج المستهدف منذ سنوات طويلة للإطاحة به أو تقليص قوته والاستغناء عن أساس قوته البترول بدفع أسعاره إلى الهبوط إلى مستويات كارثية على ميزانيات الدول المصدرة للبترول. وللحقيقة أن ما يحدث في العالم العربي من صراعات سياسية وحروب أهلية وأزمات اقتصادية هي نتاج خطة وضعتها بعض الدول الكبرى لتفريق وحدة العرب وتفتيت شعوبها بسياسات مختلفة منها التفرقة العنصرية والمذهبية والقبلية والخلافات الحدودية والجغرافية وضعت بذور الخلاف مستخدمة وسائل عديدة وحججا ليس لها مكان وتداخلت في السياسات الداخلية في هذه الدول، فتارة من أجل حماية الحريات وتارة من أجل حماية الأقليات وتارة من أجل ترسيخ الديمقراطية فحرضوا الشباب على حكوماتهم ودعموا فصائل دينية متشددة على أخرى معتدلة، نجحوا في بعض الدول العربية ذات الأنظمة الهشة والحكم الديكتاتوري وفشلوا في الدول التي ارتبط شعبها بحكامها بروابط حب وولاء، وجمعهم هدف واحد وهو الحفاظ على كتاب الله وسنة نبيه والعمل على تحقيق رفاهية الشعب والحفاظ على حقوقهم وتطبيق العدل بكتاب الله، ونموذج هذه الدول بلادنا المملكة العربية السعودية. وبمناسبة العام الهجري الجديد أدعو أبناء وطني من كل الفئات وكل الانتماءات وعلى مختلف المذاهب أن نستقبل العام الهجري باستعداد نفسي أساسه التآخي والترابط والتعاضد، طالباً من كل أصحاب الرأي الآخر والذين خرجوا برأيهم عن وحدة الصف أن نعود ونتوحد برأي واحد في ظل الظروف السياسية والاقتصادية الصعبة التي تمر بها بلادنا وذلك للحفاظ على وحدة وطننا وقيادته. وأدعو زملائي رجال الأعمال العمل على التكيف مع الوضع الاقتصادي بما لا يحدث عبئاً مالياً على المواطن الفقير وذوي الدخل المحدود، وأناشد أبناء هذا الوطن من الشباب إلى العمل إما لحسابهم الخاص أو لحساب الآخرين في مختلف المجالات المتاحة والوقوف صفاً واحداً أمام أي اختراقات أجنبية تعمل لخرق تكتلنا وتعاضدنا. كما آمل من القائمين على التخطيط للرؤية الاقتصادية الجديدة أن يتمهلوا قليلاً في قراراتهم وأن يجزئوا بعض البرامج والخطط ويقسموها على سنوات لتستوعبها اقتصاديات الأسرة والفرد السعودي للتخفيف من الأثر السلبي عليها. إن رؤيتي للعام الجديد مبنية على الأمل في وقف الحروب في الدول المجاورة والصديقة وبناء جسور علاقات سياسية واقتصادية جديدة مع كل من اختلفنا معهم، وإذا جاز لي الاقتراح فإنني أدعو للعودة إلى فكر السوق العربية المشتركة أو السوق الإسلامية المشتركة أو السوق الآسيوية المشتركة عن طريق عضويتنا في اتحاداتها ومجموعاتها، لأنني أتحسس من الغرب وحلفائه الذين يعدون خطة جديدة لتدمير القوى الاقتصادية في دول الخليج وحرمان منتجاتنا من التصدير لأسواقهم. ولهذا علينا الاستعداد لوضع الخطط الجديدة بإعادة أموالنا المهاجرة من الغرب إلى دولنا الخليجية والعربية والآسيوية وهي الأولى بها لتنمية بلادنا.
متمنياً أن لا تترك مهمة الدفاع عن القضايا المرفوعة على المملكة من الولايات المتحدة لشركات محاماة أجنبية فقط، فالعالم العربي والإسلامي وفي المملكة كفاءات متميزة ومتخصصة يمكنها المشاركة في تكتل قانوني دولي للدفاع عن قضايا التهم الباطلة التي تستهدف اقتصاد بلادنا أولاً وقبل كل شيء.