-A +A
مؤسساتنا الحكومية، بل ومؤسسات القطاع الخاص كذلك، تمر بمرحلة ما يمكن أن نسميه إعادة تأهيل وتكييف يجعلها قادرة على مواجهة التحديات الراهنة من ناحية، وتحقيق مطالب التنمية من ناحية أخرى، ومن هنا فإن عملية إعادة التأهيل تخضع لاتجاهين يبدوان متعارضين في ظاهرهما على أقل تقدير، يتمثل أحدهما في دعم المؤسسات كافة من أجل رفع جاهزيتها وكفاءتها لتحقيق الطموحات التي وعدت بها (رؤية 2030)، بينما يتمثل الآخر في سياسة الترشيد التي فرضتها الظروف الراهنة والناتجة عن خوض المملكة لحرب طويلة المدى من أجل إعادة الشرعية في اليمن وتأمين الحد الجنوبي لبلادنا تأمينا يحفظ لنا الأمن والاستقرار مستقبلا، وكذلك الانخفاض الحاد لأسعار البترول، وهو ترشيد يتفهمه المواطنون جميعا ويقفون صفا واحدا إلى جانب ما تتخذه الدولة من إجراءات يدركون من خلالها إنما اتخذتها حماية للمال العام وحرصا على إعادة برمجة الإنفاق بما يتواءم مع ظروف المرحلة.
هذان الاتجاهان اللذان يحفان بعملية إعادة تأهيل المؤسسات يفرضان نوعين من التغيير أو التطوير أحدهما تغيير وقتي طارئ يتعلق بظروف المرحلة وهو تغيير مرحلي تقتضيه الظروف الراهنة ولا ينبغي له أن يتعرض للأسس التي تقوم عليها تلك المؤسسات ولا الفلسفات التي انبنت عليها تلك الأسس، والآخر تطوير ثابت مستدام يهدف إلى تدعيم المؤسسات ورفع كفاءتها كي تحقق الأهداف التنموية التي يسعى إليها المسؤولون ويتطلع إليها المواطنون.

من هنا ينبغي عند إعادة تأهيل المؤسسات التمييز بين هذين الاتجاهين في إطار من الشفافية التي تؤكد على أن المواطن شريك في التنمية بقدر ما هو مستهدف بها.