-A +A
تشارلي ريز
من خلال قراءتي للكتاب الممتاز «محفظات شيطانية: مال، وخرافة، ومعلومة خاطئة» للكاتب «أرثي نايلور» أدركت فوراً السبب الذي جعل «أدولف هتلر» صاحب شعبية واسعة خلال السنوات الأولى لإدارته. الشيء المثير هو أن هذا الكتاب لا علاقة له بهتلر أو بألمانيا، بل بالولايات المتحدة، وبالحرب الوهمية على الإرهاب، إنه كتاب ممتاز، مليء بالأبحاث العميقة والدقيقة، بأسلوب جيد. أما التقارير والتحقيقات المفصلة بعناية، حول حالات الظلم التي ارتكبتها الحكومة الأمريكية بحق المسلمين الأمريكيين، فهي التي دفعتني إلى استعادة ذكرى هتلر، ففي الأيام الأولى من عهد «الرايخ» الثالث، لم يكن أحد من المواطنين قادراً على رؤية الجانب الأسود للحكومة النازية، ولم يكن المواطن العادي يرى سوى اقتصاد منتعش، وطرقات سريعة تنشأ، وعودة شاملة إلى العمل في كل أرجاء ألمانيا، بالإضافة إلى تجاهل نصوص معاهدة «فرساي» المهينة لألمانيا. وكانت تلك الأيام بمثابة فجر للشعب الألماني الذي كان ذاق الأمرين خلال سنوات عدة من التضخم والركود الاقتصادي والاضطرابات في الشوارع. والأمر مشابه في أمريكا اليوم فإذا لم تكن مسلماً أو أمريكياً عربياً، لم تتعرض لتداعيات قانون «باتريوت» وغيره من القوانين العشوائية التي تم تمريرها خلال فترة الهستيريا التي أعقبت هجمات 11 سبتمبر 2001، فإنك يمكن أن تجد إدارة بوش طبيعية وجيدة، وقد تصل ربما إلى حد التصديق بأنها تحميك من إرهابيين، تماماً كما صدق الكثيرون من الألمان بأن هتلر يحميهم من الأشرار. إن كتاب «نايلور» يوضح كيف أن هذه الأمور لا تكون سوى مجرد هراء، في أغلب الأحيان، وفي الوقت عينه تلحق ضرراً فادحاً بحكم القانون، وباحترام أمريكا التقليدي لحقوق الإنسان. الغريب في الأمر هو أن حكومتنا تبادر إلى اقتحام مؤسسة ما وتصادر حواسيبها وملفاتها، وهي تطلق اتهامات علنية ضد أشخاص متورطين مع إرهابيين ولكن قبل التحقق ولو جزئياً من إمكانية براءة هؤلاء. وليس هذا فحسب بل يضطر المتهمون في أغلب الأحيان إلى الاعتراف بذنب لم يرتكبوه، بسبب المعاملة السيئة، أو التهديد والترهيب. وهذا النمط من التصرفات يمكن رؤيته اليوم من خلال ما يجري مع المتهمين الأربعة بالتخطيط لتفجير خزانات الوقود في مطار جون كنيدي في نيويورك، ومن المعروف أن تفجير خط أنابيب لنقل الوقود يعني حصول انفجار وحريق في مكان واحد أما الزعم بأن خط الأنابيب بكامله كان لينفجر على طول عدة أميال فهو هراء، ولا معنى له، والحكومة تعرف ذلك، لكنها روجت له، لتُقنع الناس بأن المؤامرة «كانت تستهدف حياة الآلاف من البشر».
والسؤال الحقيقي هو: هل خطط هؤلاء الرجال فعلاً لتنفيذ هذه المؤامرة، أم كان ذلك مجرد وشاية من المخبرين؟ إن للحكومة الفيدرالية الأمريكية سجلاً رهيباً في استخدام المخبرين من أجل الإيقاع بالأشخاص المطلوبين. وإذا ما دقّقنا بتفاصيل هذا الكتاب وتعرّفنا إلى مدى الخيبة المرتبطة في الحرب على الإرهاب، نكتشف مدى وأهمية الأدوار التي يلعبها النفط والماس، والأعمال التجارية الضخمة من وراء الستار في هذه الحرب. من المؤكد أن الشعب الأمريكي سوف يكتشف أن الحكومة ذات السلطة غير المحدودة، قادرة على استخدامها ضد أي كان تماماً كما اكتشف الشعب الألماني ذلك، قبل نهاية الحرب العالمية الثانية، وبعدها.

* كاتب أمريكي
ترجمة : جوزيف حرب