انطفأت شعلة استعادة المعلومات لدى الطالب مازن وهو يمسك بورقة اسئلة اللغة الانجليزية حينما اكتشف ان بعض الاسئلة تعجيزية وخارجة عن المقرر. هذه الاشكاليات صادفت آلاف الطلاب والذين اجمعوا ان بعض اوراق الاختبارات تضمنت فقرات خارجة عن المقرر واسئلة تعجيزية خاصة في بعض الاوراق مثل الرياضيات والانجليزي والأدب وان الاسئلة التعجيزية التي وردت في بعض الاوراق تؤثر في تحقيق اهداف الكثيرين منهم في الالتحاق بالكليات التي يرغبونها. يقول الطالب مجدي ابو حجلة الحاصل على نسبة 96% في الفصل الدراسي الاول ان الاسئلة الصعبة شيء بديهي في الاختبارات من اجل الكشف عن الفروق الفردية بين الطلاب ولكن بشرط الا تزيد نسبة هذه الاسئلة عن 10% فقط وقال الطالب طارق خميس انه حصل على نسبة 97% في الفصل الدراسي الاول واجتهد للحصول على النسبة التي تؤهله للالتحاق بالكلية التي يرغب الالتحاق بها ويرى كل من كرم الحاج وسالم الحريصي ان الطلاب الراغبين في الالتحاق بالكليات التي يرغبوها اصبحوا في «غموض» كما هو حال اسئلة الوزارة هذا العام. اضاف الحاج: جاءت الاسئلة متوسطة الى حد ما بالنسبة لي.. وبالنسبة لآخرين فقد كانت «صعبة» جدا وينتابها الغموض الذي سرق احلام الكثير.. فأنا طموحي الطب منذ الصغر وهذا لن يأتي الا بالحصول على النسبة المئوية المطلوبة.. وان شاء الله يتحقق طموحي ويقول زميله سالم المربعي: اسئلة الرياضيات لهذا العام جاءت صعبة جدا.. وخارج المنهج.. وهذا بلا شك يؤثر بشكل سلبي على الطلاب الذين ينوون الالتحاق بكليات يرغبونها.. واتمنى من وزارة التربية والتعليم ان تراعي ذلك وان يسعى المسؤولون في الجامعات الى اعطاء الطلاب الذين يرغبون في الطب والهندسة والصيدلة ان يحققوا لهم اهدافهم.
واستقر في العلوم
ومن اقاصي ذاكرته يستعيد رامي سليمان الطالب بكلية العلوم باحدى الجامعات ذكرياته مع الاختبارات مشيرا الى ان معدله في الفصل الدراسي الاول كان 97% وكان يخطط لدراسة الطب غير انه في اختبارات الوزارة لم يحقق المعدل الذي يصبو اليه مما جعله يضطر لدخول كلية العلوم للحصول على الشهادة الجامعية.
تراجع القبول بالجامعات
وبينما اجمع عدد من الطلاب ان الاسئلة التعجيزية تعيق فرصة التحاقهم بالجامعات والكليات الاخرى كشف ملتقى القبول والاستيعاب في مؤسسات التعليم العالي عن تراجع معدل الالتحاق بالجامعات في المملكة بشكل ملحوظ حيث انخفضت النسبة العامة من 85% عام 1418هـ الى 51% في العام 1426هـ.
وفي سياق ذي علاقة بالموضوع كانت وزارة التعليم العالي سبق ان اعلنت ان عدداجمالي الطلاب والطالبات المقبولين في الجامعات والكليات الحكومية والاهلية التابعة لها في الفصل الدراسي الاول من العام الماضي بلغ 110 آلاف طالب وطالبة.
وبين هذا وذاك فان «القضية» التي تخرج من قاعات الاختبارات باحثة عن اجابة شافية تتمثل في اسباب وضع اسئلة تعجيزية للطلاب وعمّا اذا كان ذلك وسيلة غير معلنة لتحقيق القبول بالجامعات. وما اسباب تضمين اوراق الاسئلة معلومات خارجة عن نطاق المقرر؟ اجابة هذه الاسئلة نجدها ضمن طروحات مدير عام الاختبارات بتعليم البنين وعدد من مسؤولي وزارة التربية والتعليم.
لا اسئلة تعجيزية
واذا كان بعض الطلاب يعتقدون ان هناك اسئلة تعجيزية وردت في بعض اوراق الاختبارات فان مدير عام الاختبارات بتعليم البنين فهد المهيزع تساءل بأنه كيف يقال ان الاسئلة صعبة وثمة حقائق تشير الى ان طلاباً كثيرين حصلوا على الدرجة الكاملة في بعض المواد ومنها الرياضيات التي كان الاتهام مركزا حولها وحصول الطالب على الدرجة الكاملة معناه انه ليس هناك فقرات تعجيزية او مستحيلة الاجابة او من خارج المنهج.
وتابع ان الخلل ليس في اسئلة الوزارة لأنها في متناول الجميع.
كلام غير دقيق
وفيما يتعلق بان اسئلة الوزارة لا تراعي الفروق الفردية بين الطلاب واختلاف البيئات قال: هذا الكلام غير دقيق فنحن نتعامل مع كتاب مدرسي تم تدريسه في جميع البيئات ولكافة الطلاب.
قلق وخوف
وعن تدني معدلات الطلاب في الفصل الدراسي الثاني اوضح ان اختلاف نوعية الاسئلة بين الفصل الدراسي الاول ونظيره الثاني ربما يكون لها اثر في ذلك كما ان القلق والخوف قد يعتري بعض الطلاب مما يؤدي الى انخفاض معدلاتهم في الفصل الدراسي الثاني.
واضاف في تصوري ان الكثير من المعلمين يدربون الطلاب في نهاية كل عام دراسي على اسئلة الوزارة في الاعوام الماضية وهذا من المفترض أن يزيل الرهبة عنهم.
واستطرد ان الوزارة لا تتهم أحداً بزيادة معدلات الطلاب في الفصل الدراسي الأول ولكن هناك سعي منها بواسطة التحليل الاحصائي والعلمي لمعرفة أسباب تضخم المعدلات في الفصل الدراسي الأول واختلافها عما يحدث في الفصل الثاني.
وتابع انه في حالة اكتشاف الاسباب فسيتم عمل تقارير من أجل وضع الوصفة العلاجية الناجحة لهذا الموضوع.
وقال الدكتور محروس غبان رئيس اللجنة المنظمة لملتقى الخريجين ان عدد خريجي الثانوية سيزداد خلال ثلاثين عاما بنسبة 100% أي ان عدد خريجي الثانوية وحسب تقديرات وزارة التعليم العالي سيرتفع من 260 ألف طالب وطالبة للعام الجاري «27-1428هـ» إلى 759 ألف طالب وطالبة عام 1456هـ وحذر الدكتور غبان من استمرار الحال كما هو عليه ومن ارتفاع الحد الادنى لنسب القبول وقال: ازمة القبول تتفاقم من عام لآخر رغم الجهود التي تبذل لمواكبة الزيادة في عدد خريجي وخريجات الثانوية، ورغم زيادة الجامعات السعودية من 8 إلى 19 جامعة ومضاعفة الكليات الصحية بنسبة 200% والكليات الحكومية بمعدل «351%» اضافة الى انشاء اكثر من عشر مؤسسات تعليم عال اهلية وكذلك التوسع في الابتعاث الخارجي مشيرا الى توقف القبول في العام الجاري بجامعة الملك عبدالعزيز عند نسبة 90% مقابل 91% بجامعة الامام محمد بن سعود و91.5% بجامعة طيبة و88% بجامعة أم القرى لافتا الى ان اكثر من نصف هؤلاء تم قبولهم في كليات وتخصصات لا تمثل رغبتهم الاولى ولا تتوافق مع ميولهم ومواهبهم وتشكل معضلة بحد ذاتها لها آثارها السلبية على التنمية.
واضاف ان النمو المتوقع في عدد خريجي الثانوية يصل إلى 4.91% سنويا خلال الخمس والعشرين سنة القادمة.
ولأن الكوادر التعليمية هي الأخرى لها رأي في مسألة الاسئلة التعجيزية والخارجة احيانا عن المقرر فماذا يقول التربويون عن ذلك.
عيب في الاسئلة
محمد عتيق الزهراني المشرف التربوي بمركز الموهوبين بالطائف قال ان اسئلة الوزارة تحكم جميع الطلاب دون النظر الى الفروقات الفردية والبيئات المختلفة.
وتابع ان الوزارة فيما يبدو تعامل الطلاب جميعاً وكأنهم من بيئة واحدة وهذا الموضوع يعتبر «عيب» في اسئلة الوزارة فالبيئة الشمالية تختلف عن الجنوبية والشرقية غير الغربية وطلاب القرى والهجر يختلفون عن طلاب المدن. هذا إلى جانب الغموض وبعض الفقرات الخارجة عن المنهج اضف الى ذلك ما نسمعه في كل عام بأنهم يضعون اسئلة تعجيزية كـ «مطب» للطلاب.
وأضاف ان عودة الاسئلة الى المدارس بدلاً من الوزارة يخرج الطلاب من رهبة الاختبارات والشد العصبي الذي يتعرضون له اثناء الاختبارات.
أمانة وحيادية
غير أن عبدالباسط عبدالرحيم محبوب مدير ثانوية دار التوحيد في الطائف يرى ان عودة الاختبارات الى المدارس يتوجب ان تواكبها عملية أمانة في وضع الاسئلة وعدم التحيز لطالب ضد آخر، واقترح ان يتم وضع الاسئلة من قبل ادارات التعليم في كل منطقة.
وبالنسبة لمدير مركز الاشراف التربوي في الطائف سعيد النغيص فان الاسئلة كانت مراعية للفروق الفردية بين الطلاب وفي مجملها مناسبة ولكن بعض الطلاب يرونها حجة لتغطية فشلهم.
وضع طبيعي
ووفقاً للموجه التربوي المتقاعد عمر عبيد أنه في مثل هذه المواقف يجب ان يتم تحييد العاطفة خاصة اذا نظرنا للأمور بعقلانية نجد ان الوضع القائم صحي وطبيعي فصعوبة الاسئلة مطلوبة حتى تكون المرحلة الثانوية هي التي تحدد مصير الطالب.
واضاف ان وجهة نظره مبنية على أنه في السابق كانت الجامعات تقبل من تقل نسبتهم عن 70% وكانت المحصلة ان مخرجات الجامعات تتأثر بذلك ويتم تخريج طلاب غير أكفاء.
وتابع ان الوضع السابق كانت تقتضيه المصلحة العامة لأننا كنا بحاجة إلى أكبر عدد من خريجي الجامعات والآن نحن بحاجة إلى الكيف وليس الكم.
وبالتالي فإن حصر القبول في الجامعات على طلاب الامتياز مع التشدد في وضع الاسئلة يصب في المصلحة العامة لأن خريج الجامعة سيكون من العقول المتميزة وفي المقابل يفترض التوسع في الكليات التقنية لتلبية احتياجات سوق العمل.
وخلاصة لهذه القضية فقد أوضح عدنان الجامع رئيس لجنة مقدري درجات الرياضيات بالمركز الشرقي بتعليم جدة ان 30% من اسئلة الرياضيات لهذا العام تم تخصيصها للمتميزين فقط مشيراً إلى ان التميز لا ينطبق على جميع الطلاب حيث ان هناك ظروفاً وفروقاً فردية بينهم.