-A +A
عزيزة المانع
سرقة وقت العمل لا تعد سرقة لدى كثيرين، لسبب بسيط هو أن الناس غالباً، لا يخطر ببالهم ذلك، فهم يظنون السرقة محدودة في الماديات فلا يدخل الزمن في نطاقها، وما يؤكد ذلك هو أن الذين يسرقون وقت العمل بعض منهم متدينون، تراهم يحرصون على أداء الفرائض في أول وقتها، وربما أدوا صلاة الضحى في مكاتبهم أو أغلقوا أبواب المكاتب ليتلوا القرآن أثناء ساعات العمل.
هم يقومون بهذه الأعمال الصالحة تقرباً إلى الله سبحانه، لكنهم لا يلتفتون إلى مكاتبهم التي تئن من الأعمال المؤجلة المتراكمة، ولا يرون في تأجيل إنجازها لأداء ما هو ليس منها، سرقة لوقت العمل. ناهيك عن أولئك الذين يكثرون التغيب أو يعتادون التأخر في الحضور أو يقتطعون من وقت العمل في المحادثات الهاتفية أو قراءة الصحف أو (الهرب) من المكاتب كلما سنحت فرصة، فتمر ساعات اليوم ولا نتاج يُذكر، وتمر الأسابيع والأعباء المؤجلة تزداد تراكماً.

قالت لي زميلة تقوم بعمل إداري: ما من مرة طلبت من السكرتيرة كتابة خطاب أو متابعة عمل من الأعمال إلا سألتني متذمرة: «هالحين؟» أوبادرتني بقولها: «انتهى الدوام»، وقد يكون باقياً على موعد الانصراف نصف ساعة كاملة، لكن النصف ساعة هذه غالباً لا تحسب من ضمن ساعات العمل فهي تنفق في ارتداء العباءة وإغلاق المكاتب وتبادل الأحاديث في الممرات ريثما يحين وقت التوقيع بالانصراف.
وهذه السكرتيرة حسب ما تصفها رئيستها تقية، فهي حريصة على أن تكون كاملة الاستتار حين تخرج إلى الطريق، تحافظ على صلاة الضحى وتصوم كل يوم اثنين، وما أظنها كانت لتسرق وقت العمل لو أنها تبينت أن ذلك حرام، وأن ما تحصل عليه من مرتب آخر كل شهر لن يتبارك ما دامت تستغل بعض وقت العمل لتؤدي خلاله عملاً آخر غير الذي استؤجرت لأدائه.
مثل هذه السكرتيرة كثيرون وكثيرات، وما نحتاج إليه هو بث الوعي بين الناس وتبصيرهم أن السلوك المحرم قد يتسلل إلى عملهم وهم غير واعين به. وأرى أن الدعاة نساء ورجالاً، تقع عليهم مسؤولية توعية الناس بضرورة تبرئة ذممهم بحصر كل وقت العمل للعمل، فلا يخلطونه بشيء ليس منه. فالدعاة مسموعو الكلمة ولهم تأثير ملحوظ على الناس، ولذلك فإن المجتمع يحملهم تلك المسؤولية وهم جديرون بالوفاء بها.
ص.ب 86621 الرياض 11622 فاكس 4555382