-A +A
د. طلال صالح بنان
بدأت يوم أمس القمة العربية الإسرائيلية أعمالها، بحضور العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، والرئيس المصري حسني مبارك ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود أولمرت. لا يمكن فصل فعاليات هذه القمة عن ما حدث على الجبهة الفلسطينية من انشقاق جغرافي وسياسي بين السلطة والأرض الفلسطينية المحتلة، بداية الشهر انتهت بحل حكومة الوحدة الوطنية وسيطرة حركة حماس على قطاع غزة.. كما لا يمكن فصل أجندة القمة وفعالياتها عن قرارات القمة العربية التي عقدت في الرياض في شهر مارس الماضي التي دعت إلى تفعيل مبادرة السلام العربية.. وكذا ما حدث ويحدث على الجبهة اللبنانية، بدءاً من اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الاسبق رفيق الحريري في فبراير 2004.. والعدوان الإسرائيلي على لبنان، وسلسلة الاغتيالات التي طالت ساسة ورجال فكر لبنانيين، وأخيراً ما حدث في مخيم نهر البارد، واعتداء، يوم أمس الأول، على قوة حفظ السلام الدولية في جنوب لبنان. بغض النظر عن تعدد أطراف القمة، إلا أنه في الحقيقة هناك طرفان أساسيان ( عربي وإسرائيلي )، بينهما من اختلافات سياسية ومنهجية في إدارة الصراع ، يصعب معها توقع اختراقات جوهرية للقمة، سواء على ملف القضية الفلسطينية.. أو على ملف الصراع العربي الإسرائيلي الأوسع والأخطر. إسرائيل، من الناحية المنهجية لا تَروقْ لها مثل هذه الاجتماعات، إلا في حدود الطبيعة الإعلامية والدعائية الضيقة لها. إسرائيل، كما هو معروف عن منهجها في إدارة الصراع مع العرب، تميل إلى نهج التفاوض الثنائي، مع كل طرف عربي، على حدة. أولمرت، قبل وصوله إلى شرم الشيخ وكذا محادثات وزيرة خارجيته قبل ذلك بيوم في شرم الشيخ، حذرا من توقع الكثير من القمة، بالذات في ما يخص، مبادرة السلام العربية. ولم يَخْف الطرف الإسرائيلي رغبته في التفاوض مباشرةً مع الفلسطينيين، مع استعداد لإبداء بعض المرونة الشكلية، سواء في قضية الأموال الفلسطينية المجمدة.. أو في ما يخص قضية الأسرى... حتى أن الإسرائيليين ذهبوا بعيداً، بعض الشيء، في الموافقة على تسليح خفيف للسلطة في الضفة الغربية، لإذكاء الصراع بين الفلسطينيين، أكثر من تجاوب الإسرائيليين مع احتياجات الفلسطينيين الأمنية.
أيضاً: القمة لا يجب النظر إليها خارج ما يدور على الساحة إقليمياً ودولياً، للتأكيد على شرعية السلطة الفلسطينية، ممثلة في مؤسسة الرئاسة، تأييداً لحكومة الطوارئ، كخيار بديل وموازٍ لحكومة الوحدة الوطنية المقالة. سيحظى أبو مازن وحكومة الطوارئ الذي شكلها في الضفة الغربية، بتأييد سياسي ومادي من قبل المجتمعين في شرم الشيخ ، تهيئة لمرحلة جديدة من التطورات السياسية على المسارين الفلسطيني الإسرائيلي، بعيداً عن مرحلة عدم الاستقرار التي كانت تكتنف الساحة الفلسطينية، بعد مجيء حماس إلى السلطة، عقب انتخابات يناير 2006 التشريعية.

بناءً على كل تلك المعطيات لا يُتَوَقع الكثير من قمة شرم الشيخ.. وسيكتسي الوضع بتعقيد أكثر في المرحلة القادمة، ما لم يحصل اختراق سياسي بين الفلسطينيين.. وما لم يحصل تطور نوعي في الموقفين الإسرائيلي والأمريكي من قضية السلام المركزية.. وما لم يحصل تصميم فعال وجاد، تُحشد له كل الطاقات العربية، لتفعيل مبادرتهم السلمية، مع عدم استبعاد كل الخيارات، نصرةً للسلام وذوداً عن حقوق العرب.