-A +A
تشارلي ريز
لو كنت جندياً أمريكياً في العراق لروادتني بقوة الفكرة بأن أقول: «حظاً سعيداً.. وإلى اللقاء»، فأبادر بعد ذلك إلى جمع أمتعتي استعداداً للعودة إلى دياري. فأنا لا أستطيع أن أرى جندياً أمريكياً واحداً يقتل في حرب وسط بلد، لا مصلحة منه بالنسبة لـ99.9% من الشعب الأمريكي.
لم يكن للعراق أي تأثير على الشعب الأمريكي قبل اجتياحه غير القانوني من قبل الرئيس بوش، وهو لا تأثير له علينا اليوم، إلا إذا ذهب أحد من أحبائنا ضحية المطحنة الدائرة هناك، فماذا يهمنا نحن من الذي يحكم العراق؟

علينا ليس سحب جميع قواتنا من العراق فحسب، بل أيضاً سحبها من أي مكان في الشرق الأوسط، ولو فعل قادتنا ذلك لأدركوا أن الشعوب في تلك المنطقة قادرون فعلاً على إدارة شؤونهم الخاصة.
قد يقتل بعضهم البعض الآخر، لكن الأمور ستهدأ في نهاية المطاف، فهناك مهد أقدم الحضارات في العالم، ولا يستطيع أحد منهم استخدامنا كذريعة للقيام بأي شيء، ولن تسيل دماء شبابنا، إذا لم نكن متواجدين هناك.
ولو كنت جندياً أمريكياً لكنت أيضاً أنسحب من العراق، وأقول للحكومة ولطالبان وللقاعدة: تدبروا أموركم فيما بينكم، لأننا لا نريد المزيد من التدهور، وبلادكم لا تستحق المليارات التي أنفقناها عليها، وإذا كنتم بحاجة للمياه احفروا بئراً، أو بحاجة للغذاء ازرعوا أراضيكم.. حظاً سعيداً.. وإلى اللقاء.
لقد تم جر الشعب الأمريكي الى القبول بفكرة الإمبراطورية، في الوقت الذي لا حاجة لها، فالنفط حيث وُجد يكون معروضاً للبيع، وإلا فلا قيمة له، فلماذا إذا نهتم بمن يبيعه لنا، وقد اختلق الإمبرياليون الوهم بأننا نسود العالم، وأننا لو لم نكن كذلك، لا نفرط العقد. وهذا غير صحيح، فمن جهة نحن لا نسود العالم، ومن جهة أخرى نحن لسنا القوة العظمى الوحيدة الباقية في هذا العالم. ونحن لا نستطيع هزيمة الصين أو روسيا في حرب شاملة، وربما أيضاً، حتى إيران.
صحيح أن لدينا الكثير من الأسلحة المتطورة، لكن الصينيين أكدوا مؤخراً أنهم قادرون على إسقاط الأقمار الصناعية، وأنا متأكد من أن الروس لديهم هذه القدرة أيضاً، والمشكلة في الاعتماد على التكنولوجيا المتطورة تحصل عندما تتحطم هذه التكنولوجيا أو تتعطل، وإسقاط الأقمار الصناعية لا يجعل الولايات المتحدة عمياء فحسب، بل يجعلها عاجزة كلياً.
كذلك، فالصينيون قادرون على التضحية بمليون جندي، دون أن ينعكس ذلك على تكوينهم السكاني أما نحن، فما هو العدد الذي نستطيع خسارته من الجنود قبل أن يبدأ الجميع بالصراخ: أوقفوا الحرب؟
إن ما خلقه المحافظون الجدد في واشنطن هو عبارة عن امبراطورية من الأوهام والضلال والمخادعة، ولقد حان الوقت لكي تستيقظ الأمة، وتتبنى سياسة خارجية واقعية ومعقولة، تقوم على التجارة وعلاقات الصداقة مع كل من يريدها، أما الذين يرفضونها فنتجاهلهم بكل بساطة، ونحن لسنا بحاجة لعداء أي كان.
وعلى صعيد الدفاع، فإن حماية أجوائنا سهلة، وغير مكلفة. وللدلالة على الحماقة الإمبريالية، نقول إن حكام الإمبراطورية لا يستطيعون حتى توفير هذه الحماية في الوقت الذي ينهزمون في الخارج.
* كاتب أمريكي
ترجمة: جوزيف حرب