هل من المكتوب علينا أن نظل دائماً نتخبط في أسلوب حياتنا فنعيش أفكاراً متضادة ينقض بعضها بعضاً؟
في مجتمعنا هناك كثير من الأفكار التي تولد لدينا رغبات تتعارض مع بعضها فيستحيل علينا تحقيقها معاً، لكننا مع ذلك نظل نطالب بها كلها ونصر على أن نحصل عليها مجتمعة، وقد يكون ذلك الإصرار منا بسبب الظن أنه يمكن تحقيق ما نريد حتى مع وجود التناقض، أو غفلة منا عما يوجد أحياناً في رغباتنا من تناقض.من هذه الأفكار المتناقضة أننا نكثر من الشكوى من الأخطاء الطبية، وما يقع لنا من مشكلات صحية على يد أطباء غير متمرسين في عملهم، لكننا في الوقت نفسه لا نبالي أن يكون تعليم الطب لدينا (تمشية حال). فهناك من يطالب ويلح في الطلب على أن يكون تدريس الطلاب والطالبات على (دمى) بدلاً من الفحص المباشر للمرضى المنومين، وهناك من يُطالب بحصر تدريس الطالبات والطلاب في المرضى من جنسهم، وهناك من يُطالب باستثناء تعليم الطالبات والطلاب بعض الأمراض بحجة أن تعليمها يقتضي كشف العورات، وأن الطبيب ليس في حاجة إلى معرفة كل شيء عن الجسم ويكفيه أن يعرف ما هو في مجال تخصصه فحسب، وهو منطق يبدو لي، وأنا بعيدة كل البعد عن المجال الطبي، غير علمي تماماً لأن أجهزة الجسم لا تعمل منفصلة عن بعضها وإنما هي تعمل في تناغم مع بعضها البعض، ولا يستطيع الطبيب أن يؤدي عمله بإتقان متى كانت معرفته قاصرة لا تغطي كل صغيرة وكبيرة في ذلك الجهاز العجيب الذي هو جسم الإنسان.
إن المتوقع أن يُحث الطلاب على التوسع في اكتساب المعرفة، وأن تشجع الشمولية والاستقصاء في التعلم لا أن تكون النغمة العالية هي الدعوة إلى الانحصار في دوائر ضيقة تسد المنافذ الواسعة للتعلم.
وحسب ما علمته من بعض الطلاب والطالبات في كلية الطب، فإنه في بعض الحالات لا يغني فحص الذكور عن فحص الإناث والعكس أيضاً صحيح، فبعض الأمراض يسهل التعرف عليها للطالب المبتدئ في الذكور أكثر من الإناث أو العكس، كما أن هناك حالات مرضية لا تتوفر باستمرار في المستشفى ويلزم الطالب أو الطالبة أن يُبادر إلى فحص الحالة المتوفرة أثناء فترة دراسته في القسم التي لا تتجاوز عادة أسابيع قليلة، وذلك كي يضمن تعرّفه على أكبر قدر ممكن من الحالات المرضية المتاحة، فهو لا مجال لديه لاختيار جنس المريض ذكراً أو أنثى، أما إن لم يفعل فقد تنتهي مدة دورته في القسم ولم يتسن له التعرف على مثل تلك الحالة.
ولأن علم الطب مثله مثل أي علم آخر هو معرفة تراكمية، فإن وجود استثناءات في دراسة الحالات المرضية يُؤثر على المحصلة العلمية النهائية لدى الطالب أو الطالبة، فيتخرج الطلاب والطالبات وهم أنصاف متعلمين، عرفوا شيئاً وفاتتهم أشياء، ثم حين يحملون مسؤولية ممارسة العمل يقعون في أخطاء قد تكون جسيمة في بعض الأحيان، فتعلو الشكاوى ضدهم من سوء ما عملوا، فهل من العدل أن يُلام الطبيب على جهله إن لم تفتح له أبواب التعلم كاملة وتتح له فرصة التأهيل الكافي؟ أم أن علينا أن نظل ندفع بالطلاب إلى أن يغادروا موطنهم ليتلقوا التدريب المطلوب في بلدان لا تظهر فيها تلك الاستثناءات التعليمية، فنحكم على مستوى التعليم عندنا بأن يظل في تخلف مستمر؟
ص.ب 86221 الرياض 11622 فاكس 4555382
في مجتمعنا هناك كثير من الأفكار التي تولد لدينا رغبات تتعارض مع بعضها فيستحيل علينا تحقيقها معاً، لكننا مع ذلك نظل نطالب بها كلها ونصر على أن نحصل عليها مجتمعة، وقد يكون ذلك الإصرار منا بسبب الظن أنه يمكن تحقيق ما نريد حتى مع وجود التناقض، أو غفلة منا عما يوجد أحياناً في رغباتنا من تناقض.من هذه الأفكار المتناقضة أننا نكثر من الشكوى من الأخطاء الطبية، وما يقع لنا من مشكلات صحية على يد أطباء غير متمرسين في عملهم، لكننا في الوقت نفسه لا نبالي أن يكون تعليم الطب لدينا (تمشية حال). فهناك من يطالب ويلح في الطلب على أن يكون تدريس الطلاب والطالبات على (دمى) بدلاً من الفحص المباشر للمرضى المنومين، وهناك من يُطالب بحصر تدريس الطالبات والطلاب في المرضى من جنسهم، وهناك من يُطالب باستثناء تعليم الطالبات والطلاب بعض الأمراض بحجة أن تعليمها يقتضي كشف العورات، وأن الطبيب ليس في حاجة إلى معرفة كل شيء عن الجسم ويكفيه أن يعرف ما هو في مجال تخصصه فحسب، وهو منطق يبدو لي، وأنا بعيدة كل البعد عن المجال الطبي، غير علمي تماماً لأن أجهزة الجسم لا تعمل منفصلة عن بعضها وإنما هي تعمل في تناغم مع بعضها البعض، ولا يستطيع الطبيب أن يؤدي عمله بإتقان متى كانت معرفته قاصرة لا تغطي كل صغيرة وكبيرة في ذلك الجهاز العجيب الذي هو جسم الإنسان.
إن المتوقع أن يُحث الطلاب على التوسع في اكتساب المعرفة، وأن تشجع الشمولية والاستقصاء في التعلم لا أن تكون النغمة العالية هي الدعوة إلى الانحصار في دوائر ضيقة تسد المنافذ الواسعة للتعلم.
وحسب ما علمته من بعض الطلاب والطالبات في كلية الطب، فإنه في بعض الحالات لا يغني فحص الذكور عن فحص الإناث والعكس أيضاً صحيح، فبعض الأمراض يسهل التعرف عليها للطالب المبتدئ في الذكور أكثر من الإناث أو العكس، كما أن هناك حالات مرضية لا تتوفر باستمرار في المستشفى ويلزم الطالب أو الطالبة أن يُبادر إلى فحص الحالة المتوفرة أثناء فترة دراسته في القسم التي لا تتجاوز عادة أسابيع قليلة، وذلك كي يضمن تعرّفه على أكبر قدر ممكن من الحالات المرضية المتاحة، فهو لا مجال لديه لاختيار جنس المريض ذكراً أو أنثى، أما إن لم يفعل فقد تنتهي مدة دورته في القسم ولم يتسن له التعرف على مثل تلك الحالة.
ولأن علم الطب مثله مثل أي علم آخر هو معرفة تراكمية، فإن وجود استثناءات في دراسة الحالات المرضية يُؤثر على المحصلة العلمية النهائية لدى الطالب أو الطالبة، فيتخرج الطلاب والطالبات وهم أنصاف متعلمين، عرفوا شيئاً وفاتتهم أشياء، ثم حين يحملون مسؤولية ممارسة العمل يقعون في أخطاء قد تكون جسيمة في بعض الأحيان، فتعلو الشكاوى ضدهم من سوء ما عملوا، فهل من العدل أن يُلام الطبيب على جهله إن لم تفتح له أبواب التعلم كاملة وتتح له فرصة التأهيل الكافي؟ أم أن علينا أن نظل ندفع بالطلاب إلى أن يغادروا موطنهم ليتلقوا التدريب المطلوب في بلدان لا تظهر فيها تلك الاستثناءات التعليمية، فنحكم على مستوى التعليم عندنا بأن يظل في تخلف مستمر؟
ص.ب 86221 الرياض 11622 فاكس 4555382