يسير قطاع غزة باتجاه التحول إلى «جيب» أي إلى «حماسستان» التي يستطيع فيها التشدد الديني أن يزدهر وينمو بدون أن تكون هناك أية إمكانية لاحتوائه، وقد وجد المجتمع الدولي نفسه يؤخذ على حين غرة، بسبب الهجوم الصاعق الذي نفذه مقاتلو حماس، ضد أجهزة الأمن الفلسطينية، وهذا التحول الدراماتيكي للأحداث كان متوقعاً منذ زمن طويل، أي منذ فوز حماس في الانتخابات التشريعية الفلسطينية، في يناير 2006.
أما العقوبات الدولية التي أعقبت ذلك، فقد منعت «حماس» من ممارسة السلطة، لكنها في الوقت عينه انعكست سلباً على الهدف الذي كان مرجواً، أي أنها عطلت ما كان تبقى من المؤسسات الفلسطينية وعاقبت المعتدلين، وهيأت الأرضية أمام الانقلاب العسكري الذي نفذته «حماس» بدلاً من إدانة المتطرفين. كذلك، فإن تشكيل حكومة وحدة وطنية، لم يُسفر عن الخروج من المأزق، حيث إن الذراع العسكرية لحماس، أي كتائب القسام، نظمت الهجوم، بعناية وبدقة، وتمكنت من فرض سيطرتها على كامل أرض القطاع. وهناك خطر كبير في إمكانية امتداد هذه الحرب الأهلية من قطاع غزة إلى أراضي الضفة الغربية، حيث تميل موازين القوى لصالح حركة فتح، ولكن يمكن للمواجهات ما بين المجموعات الفلسطينية المتناحرة، أن تترجم إلى عدوى من الفوضى، على غرار ما حصل في قطاع غزة، ومن المهم جداً وقف هذه الدوامة الجهنمية، قبل أن تجر جميع الأراضي الفلسطينية إلى أتون التطرف الأشد راديكالية. وبالنسبة لقطاع غزة فقد فات الأوان لذلك. وبعد سيطرتها على آخر معاقل فتح، تمكنت «حماس» من إقامة قاعدة لها، سيكون من الصعب جداً إزاحتها عنها.
إن قيام «كيان» لحماس في غزة يعني نهاية لحلم قيام دولتين تعيشان بسلام وأمان، جنباً إلى جنب، لأن حماس لم تظهر أية نية بالاعتراف بالدولة العبرية. كذلك فإن قيام ذلك الكيان في غزة يعني بالنسبة لجميع المتشددين في الأرض، وجود ملجأ جديد لهم. وبالنسبة للمتشددين في إيران، وللمعادين للغرب، فإن قيام كيان لحماس في غزة يعني أيضاً اختراقاً استراتيجياً هائلاً.
وإزاء ما يجري هناك، يبدو أن صمت المجتمع الدولي مريب ومقلق، ولا تزال المجموعة الرباعية المكونة من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا والامم المتحدة متمسكة منذ سنوات بوهم عملية سلام غير موجود، وبفكرة وسيلة دبلوماسية لا تأثير لها على تطورات الأحداث.
أما المحاور الوحيد، المقبول من جانب الغرب، أي الرئيس الفلسطيني محمود عباس فهو أضعف من أن يُوفر بديلاً عن المتشددين، حتى ولو أقدم على إقالة حكومة لم تكن تعمل في كل الأحوال.
* مدير تحرير صحيفة «لوفيغارو»
ترجمة: جوزيف حرب
أما العقوبات الدولية التي أعقبت ذلك، فقد منعت «حماس» من ممارسة السلطة، لكنها في الوقت عينه انعكست سلباً على الهدف الذي كان مرجواً، أي أنها عطلت ما كان تبقى من المؤسسات الفلسطينية وعاقبت المعتدلين، وهيأت الأرضية أمام الانقلاب العسكري الذي نفذته «حماس» بدلاً من إدانة المتطرفين. كذلك، فإن تشكيل حكومة وحدة وطنية، لم يُسفر عن الخروج من المأزق، حيث إن الذراع العسكرية لحماس، أي كتائب القسام، نظمت الهجوم، بعناية وبدقة، وتمكنت من فرض سيطرتها على كامل أرض القطاع. وهناك خطر كبير في إمكانية امتداد هذه الحرب الأهلية من قطاع غزة إلى أراضي الضفة الغربية، حيث تميل موازين القوى لصالح حركة فتح، ولكن يمكن للمواجهات ما بين المجموعات الفلسطينية المتناحرة، أن تترجم إلى عدوى من الفوضى، على غرار ما حصل في قطاع غزة، ومن المهم جداً وقف هذه الدوامة الجهنمية، قبل أن تجر جميع الأراضي الفلسطينية إلى أتون التطرف الأشد راديكالية. وبالنسبة لقطاع غزة فقد فات الأوان لذلك. وبعد سيطرتها على آخر معاقل فتح، تمكنت «حماس» من إقامة قاعدة لها، سيكون من الصعب جداً إزاحتها عنها.
إن قيام «كيان» لحماس في غزة يعني نهاية لحلم قيام دولتين تعيشان بسلام وأمان، جنباً إلى جنب، لأن حماس لم تظهر أية نية بالاعتراف بالدولة العبرية. كذلك فإن قيام ذلك الكيان في غزة يعني بالنسبة لجميع المتشددين في الأرض، وجود ملجأ جديد لهم. وبالنسبة للمتشددين في إيران، وللمعادين للغرب، فإن قيام كيان لحماس في غزة يعني أيضاً اختراقاً استراتيجياً هائلاً.
وإزاء ما يجري هناك، يبدو أن صمت المجتمع الدولي مريب ومقلق، ولا تزال المجموعة الرباعية المكونة من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا والامم المتحدة متمسكة منذ سنوات بوهم عملية سلام غير موجود، وبفكرة وسيلة دبلوماسية لا تأثير لها على تطورات الأحداث.
أما المحاور الوحيد، المقبول من جانب الغرب، أي الرئيس الفلسطيني محمود عباس فهو أضعف من أن يُوفر بديلاً عن المتشددين، حتى ولو أقدم على إقالة حكومة لم تكن تعمل في كل الأحوال.
* مدير تحرير صحيفة «لوفيغارو»
ترجمة: جوزيف حرب