-A +A
رصد وتحليل: د. محمد الحربي
تزايد عدد الاكتتابات الاولية للشركات التي حصلت على موافقة هيئة سوق المال لتداول اسهمها في سوق الاسهم السعودي في الاشهر الاخيرة بشكل ملحوظ.. في الوقت الذي ما زال جميع المتداولين في السوق يعانون من فداحة الخسائر التي تكبدوها خلال الانهيارات المتتالية لسوق الاسهم خلال العامين الماضيين.. فهل ستعوض عليهم هذه الاكتتابات ما تكبدوه من خسائر وتعالج وضع السوق المتدهور؟ هل تسعى هيئة سوق المال الى زيادة عدد الشركات المتداولة في السوق ليصل الى 200 شركة لتتمكن من تجزئة السوق الى استثمارية رئيسية وثانوية للمضاربة؟
هل يملك المواطن العادي السيولة الكافية للاستفادة من كل هذه الطروحات الاولية دون التورط في مأزق آخر في سوق يجهل تماماً ما يدور خلف كواليسه؟

جميع هذه الاسئلة طرحناها عبر استبيان «عكاظ» للتعرف على رؤية المواطن العادي وتقييمه لكل ما يحدث. وقد اظهرت النتائج ان 89.2% من المشاركين والمشاركات في التصويت والبالغ عددهم 1620 مشاركاً ومشاركة لديهم الشعور بأن الاستراتيجية المتبعة في سوق الاسهم تسعى للتخلص من صغار المضاربين لصالح كبار المستثمرين افراداً او مجموعات.
ويرى 71.3% ان الطروحات الاولية لاسهم الشركات الجديدة المدرجة للتداول في سوق الاسهم السعودية لا يمكن ان تؤثر سلباً على السوق بشكل عام.
الا ان 80.1% يرون بأن التأثيرات السلبية قد تمتد الى ابعد من حدود السوق المالية، حيث ان هذه الاكتتابات قد تؤدي الى تكدس السيولة داخل حدود السوق المالية ليستفيد منها المتداولون في السوق والمساهمون في هذه الشركات في الوقت الذي تحرم منه قطاعات الاقتصاد الاخرى كالتجارية والعقارية وغيرها من القطاعات التي كان بالامكان زيادة نشاطها وفاعليتها فيما لو وجهت هذه السيولة او جزء منها نحوها.
ويرى 55.4% من المشاركين والمشاركات في التصويت بان الاكتتابات الاولية المتزايدة في الاشهر الاخيرة ربما كانت في صالح سوق الاوراق المالية، وانها ربما تكون سياسة متعمدة تتبعها هيئة سوق المال لتتمكن من خلال زيادة عدد الشركات المتداولة في سوق الاسهم لتصل الى 200 شركة لتتمكن بعدها من تجزئة السوق الى سوق اساسية مخصصة للشركات والاسهم الاستثمارية على المدى الطويل، وسوق اخرى ثانوية تخصص للمضاربة في اسهم الشركات الصغيرة او التي يمكن للمضارب اليومي الباحث عن الربح الصغير السريع ان يتداول فيها بحرية دون ان تؤثر هذه المضاربات على السوق بشكل عام بغية تحقيق استقرار اكبر للسوق.
ويرى 57.9% من المشاركين والمشاركات في التصويت بان هذه الاكتتابات الاولية لن تتمكن بأي حال من الاحوال من تعويض الخسائر الفادحة التي تكبدها كل من يتداول الاسهم او يستثمر مدخراته في صناديق الاستثمار التي تديرها البنوك المحلية بعد الانهيارات المتتالية التي شهدها سوق الاسهم السعودي خلال العامين الماضيين، والتي لم تكتف بان تقضي على الارباح التي حققوها في السابق، بل اتت على الجزء الاكبر من رؤوس الاموال حين لم يكن لاي منهم حيلة في ايقاف او الحيلولة دون استمرار نزيف الخسائر حينها، ووقف الجميع متفرجاً على ما يحدث ودون ان تملك اي جهة القدرة على التدخل لايقاف هذا النزيف، ودفع البعض حياته ثمناً لرغبته في تحسين وضعه الاقتصادي، وما زال البعض يعانون امراضاً واعتلالات نفسية ما كانت لتصيبهم لولا ما حدث.
ويرى 68.5% ان تزايد عدد الشركات المطروحة للاكتتاب الاولى، لن يقدم شيئاً جديداً للمواطنين غير توريطهم اكثر والضغط على خنجر الخسائر المغروز في محافظهم للمزيد من النزيف والخسارة، خاصة وان نسب الارباح والعوائد التي تجنى بعد طرح هذه الاكتتابات للتداول في السوق خيبت آمال الكثيرين وقضت على احلامهم في التعويض عن خسائرهم التي تكبدوها في السوق خلال عامين كاملين، وكان ما حدث في سهم شركة كيان السعودية بمثابة رصاصة الرحمة الاخيرة التي اطلقت على احلام البسطاء الذين ضخوا مجتمعين مليارات الريالات استفادت منها الشركة في رفع رأسمالها والمصارف في تدوير هذه المليارات خلال مراحل الاكتتاب وبعدها وما درته من فوائد خلال تلك المراحل، ولم يجن المواطن العادي البسيط سوى الفتات الذي تقضم البنوك والشركات الكبيرة من كعكته كل يوم قضمة كبيرة، والبسطاء كالعادة لا يملكون غير الفرجة والحسرة، وضرب الاخماس بالاسداس، وقلة الحيلة. وعلى الرغم من كل هذا انقسمت آراء المشاركين والمشاركات في التصويت بالتساوي حول حجم السيولة التي يملكها المواطن العادي وقدرته على الاستمرار في الاكتتاب وشراء الاسهم كلما وافقت هيئة سوق المال لشركة ما ان تطرح اسهمها للاكتتاب العام وادراجها للتداول في سوق الاسهم، دون أن تؤثر هذه الاكتتابات الاولية على حالته المادية واقتصادياته البسيطة، بما انه في الآونة الاخيرة ما ان ينتهي اكتتاب اولي، حتى يعلن عن اكتتاب اولي اخر، وكأن ما يحدث مسلسل مكسيكي طويل ومشبع بالتراجيديا لا تلوح في الافق نهاية له أبداً.