لا يمكن تناول وتحليل مضامين كلمة سمو وزير الداخلية لأصحاب الفضيلة المشايخ والأئمة والدعاة.. وهي التي ركزت في الأساس على تعزيز مفهوم الأمن الفكري أو الفكر الأمني لدى هذه النخبة من طلبة العلم وخطباء المساجد، وهم مواطنون ورجال أمن بالدرجة الأولى، كما أراد سموه أن يوصل رسالته إلى ابعد من ذلك الجمع المبارك فاتسم خطابه كعادته بالوضوح والمباشرة.. والتأكيد على أن الدعوة «مهمة مقدسة» وليست «مهنة مقدسة» إن قام بها البعض سقطت عن البقية كفروض الكفاية، فهي مهمة واجبة على كل مسلم يرعى أو يولى أمرا من أمور المسلمين، بدءاً من رب الأسرة الصغيرة وانتهاءً بولي أمر المسلمين، تطبيقا لأمر المصطفى عليه أفضل الصلاة والتسليم (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته). كما لا يمكن التقليل من شأن الخطاب الديني الذي يحدثه في مجتمع عرف بسلامة العقيدة والتمسك بأهداب الشريعة السمحة وآدابها كالمجتمع السعودي.. ذلك المجتمع الذي عاش طوال ربع قرن مضى أو يزيد حالات من الحراك الاجتماعي والاقتصادي والحضاري الشامل.. والانفتاح على العالم الخارجي بكل ما يحمله هذا العالم من صوالح وطوالح وأفراح واتراح وأخبار وأسرار.. فلو كان الخطاب الديني لدينا مختلفا منذُ تلك الفترة لما وصل إلى ماوصل إليه شبابنا اليوم من تفجير أنفسهم في دول كثيرة من أرض الله الواسعة!! نعم.. لو كان الخطاب الديني موجها ومنوعا من البداية على مسائل أكثر عمقا وأكثر اهتماما بقضايا حقيقية تؤثر في حياة مجتمعنا فقط ولا غير.. ما كان واقعنا كما هو عليه اليوم. كما لا يمكن كذلك إغفال الدور الكبير الذي يقوم به أئمة (14.000) مسجد منتشرة في مختلف مدن وقرى المملكة.. هذا العدد الكبير من المساجد قادر على الوصول بأي رسالة نريدها إلى كل عقول الشباب خلال أربع جمع فقط، لو افترضنا حضور 25 شابا فقط إلى كل جامع من تلك الجوامع (14.000× 4× 25 = 1.400.000شاب).