تحل اليوم الذكرى الثانية لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز مقاليد الحكم في المملكة. وقد شهدت المملكة منذ مبايعة الملك عبدالله بن عبدالعزيز في 26/6/1426هـ انجازات جليلة تميزت بالشمولية والتكامل وجسدت تفانيه ـ يحفظه الله ـ في خدمة وطنه ومواطنيه وامته الاسلامية والمجتمع الانساني بأسره. وحققت المملكة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز منجزات مهمة في مختلف الجوانب التعليمية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية والعمرانية.
تمكن حفظه الله بحنكته ومهارته فى القيادة من تعزيز دور المملكة في الشأن الاقليمي والعالمي سياسيا واقتصاديا وتجاريا وأصبح للمملكة وجود أعمق فى المحافل الدولية وفى صناعة القرار العالمى وشكلت عنصر دفع قويا للصوت العربى والاسلامى فى دوائر الحوار العالمى على اختلاف منظماته وهيئاته ومؤسساته.
وحافظت المملكة بقيادة الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله على الثوابت واستمرت على نهج جلالة الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود رحمه الله فصاغت نهضتها الحضارية ووازنت بين تطورها التنموى والتمسك بقيمها الدينية والاخلاقية.
وكان من أول اهتمامات الملك عبدالله بن عبدالعزيز تلمس احتياجات المواطنين ودراسة أحوالهم عن كثب ورغبة فى تحسين المستوى المعيشي للمواطنين ودعم مسيرة الاقتصاد الوطني فقد أمر حفظه الله فى 17 رجب 1426هـ بزيادة رواتب جميع فئات العاملين السعوديين فى الدولة من مدنيين وعسكريين وكذلك المتقاعدين بنسبة «15 بالمائة» وصرف راتب شهر أساسي لشاغلي المرتبة الخامسة فما دون وكذلك سلم رواتب الافراد من رئيس رقباء فما دون بالاضافة الى زيادة مخصصات القطاعات التي تخدم المواطنين كالضمان الاجتماعي والمياه والكهرباء وصندوق التنمية العقاري وبنك
التسليف السعودي وصندوق التنمية الصناعي وتخفيض أسعار البنزين والديزل وانشاء جامعات وكليات ومعاهد ومدارس جديدة فى ربوع الوطن الغالى لتيسير أمور المواطنين وتلبية رغباتهم.
كما أصدر أمره الكريم فى السابع عشر من شهر رجب 1426هـ بتخصيص مبلغ اضافى مقداره «8،000،000،000» ثمانية الاف مليون ريال من فائض ايرادات السنة المالية 1425 / 1426هـ للاسكان الشعبى فى مناطق المملكة وتتم برمجة تنفيذ هذا المشروع على مدى خمس سنوات ليصبح اجمالي المخصص لهذا الغرض «10،000،000،000» عشرة الاف مليون ريال.
كما صدرت التوجيهات الملكية الكريمة بعد ذلك بزيادة رأس مال بعض صناديق التنمية بمبلغ 25 مليار ريال وذلك على النحو التالي..
مدينة الملك عبدالله الاقتصادية
وقد انجز خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز خلال هذه الفترة القصيرة من توليه مقاليد الحكم العديد من الأعمال العظيمة التي تصب في صالح الوطن والمواطن بما يحقق لهما الاستقرار والرفاهية والنماء والاستقرار من ابرزها:
*تحويل مطار الأمير محمد بن عبدالعزيز في المدينة المنورة الى مطار دولي.
*الاعلان عن مشروعات اقتصادية ضخمة منها مدينة الملك عبدالله الاقتصادية وعدد من المشروعات المشتركة مع دول العالم في مجالات الطاقة والصناعة.
*زيادة المرابيط للعسكريين الى خمسة عشر مربوطا
*صرف راتب في رمضان للعسكريين (مع الراتب الأساسي) لعام 1426هـ
كما قام يحفظه الله بخطوات اصلاحية اقتصادية في سوق المال السعودي والاعلان عن طرح مصرف الانماء برأس مال اربعة مليارات دولار تطرح 75% منها للاكتتاب العام للمواطنين.
وفي عهده - يحفظه الله - تمت الموافقة على انضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية.
وانشاء مدن اقتصادية في كل من رابغ وحائل والمدينة المنورة وجازان وتبوك.
وطرح مشروع انشاء سكك حديدية لربط الشمال بالجنوب وربط مكة وجدة والمدينة المنورة وربط الشرق بالغرب.
وانشاء مركز مالي متطور في الرياض يضم جميع المؤسسات.
وانشاء صندوق استثماري لذوي الدخل المحدود بدون رسوم ادارية وضمان لحفظ رأس المال في حالة الخسارة.
وتخفيض اسعار الوقود للمرة الثانية بنسبة 25% ليصل الى 45 هللة للتر الواحد بدلا من 60 هللة.
النهضة التعليمية
وفي مجال التعليم تم انشاء اكبر جامعة في العالم الاسلامي للعلوم والتكنولوجيا وتأسيس جامعات جديدة في المدينة المنورة وتبوك وحائل وجازان والطائف والقصيم والجوف والباحة وابها والتوسع في برامج الابتعاث للخارج وزيادة رواتب الطلبة المبتعثين الى الخارج 15%.
هيئة البيعة
وفي مجال الاصلاحات السياسية اجرى خادم الحرمين الشريفين تعديلا تاريخيا في فقرة من فقرات النظام الأساسي للحكم بانشاء هيئة البيعة في 28 رمضان 1427هـ كضمان بعون الله لاستقرار الحكم في العائلة المالكة ولانتقال السلطة بيسر وسهولة والعفو عن الاصلاحيين الثلاثة على الدميني وعبدالله الحامد ومتروك الفالح والدعوة الى الحوار الوطني وانفتاح اعلامي.
وكان من ابرز انجازاته السياسية على الصعيد الاقليمي والقاري عقد معاهدة الصلح والسلام بين السنة والشيعة العراقيين بجوار الحرم المكي الشريف في 29 رمضان 1427هـ برعاية منظمة المؤتمر الاسلامي.
كما قام - حفظه الله - بدعوة القادة الفلسطينيين من فتح وحماس الى مؤتمر في مكة المكرمة لحل المشاكل بينهم وانشاء حكومة وحدة وطنية فلسطينية في عام 1427هـ، ورعاية مشروع المصالحة بين السودان وتشاد.
الاسكان التنموي
واجتماعيا قامت مؤسسة الملك عبدالله لوالديه للاسكان التنموي بانشاء العديد من المساكن لذوي الدخل المحدود والعفو عن سجناء الحق العام والأمر بسداد مديونيات الموقوفين في الحقوق الخاصة واطلاق نظام القروض السكنية للموظفين والمتقاعدين.
وكانت زياراته المتواصلة حفظه الله لعدد من المناطق والمدن والمحافظات اضافة أخرى لاهتمامه بالمواطن حيث استقبل من قبل أبنائه المواطنين استقبالا كبيرا يبرز مدى ما يكنه أبناء هذا الوطن له حفظه الله من حب ومودة.
وفي كل مرة يزور فيها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز احدى المدن يحرص «أيده الله» على أن يشارك أبناءه المواطنين مناسباتهم التنموية والشعبية ويقضى بينهم رغم مشاغله وارتباطاته أوقاتا طويلة يستمع الى مطالبهم ويجيب عن أسئلتهم واستفساراتهم بصدر رحب وحكمة وروية بالغتين.
ويأتي استقبال الملك عبدالله بن عبدالعزيز للعلماء والمشايخ وجموع المواطنين كل أسبوع في مجلسه وكلماته السامية لهم في كل مناسبة ليضيف رافدا اخر في ينبوع التلاحم والعطاء في هذا البلد المعطاء.
أما استتباب الامن في البلاد فهو من الامور التي أولاها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز جل اهتمامه ورعايته منذ وقت طويل وكان تركيزه الدائم حفظه الله على أن الاحتكام الى الشريعة الاسلامية من أهم المرتكزات التي يجب أن يقوم عليها البناء الامني للمملكة العربية السعودية.
جولاته الخارجية
وتأتي زيارات وجولات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الى عدد من الدول الخليجية والعربية والآسيوية وجولته الاوروبية الأخيرة في كل من بولندا وفرنسا واسبانيا لتمتين علاقات المملكة الخارجية وتوقيع اتفاقيات للتعاون التجاري والاستثماري.
وعلى الصعيد الاسلامي لقيت قضايا الامة الاسلامية وتطوراتها النصيب الاكبر من اهتمام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وكانت دعوته حفظه الله لعقد القمة الاستثنائية الثالثة في مكة المكرمة يومى 5 و 6 ذي القعدة 1426هـ الموافق 7 و 8 ديسمبر 2005م ايمانا منه بضرورة ايقاظ الامة الاسلامية وايجاد نوع من التكامل الاسلامي بين شعوبها ودولها والوصول الى صيغة عصرية للتعامل فيما بينها أولا ومع الدول الاخرى التي تشاركنا الحياة على هذه الارض اضافة الى العمل الجاد على حل مشكلات الدول الفقيرة من خلال صندوق خاص لدعمها وجعلها تقف على قدميها.
وقال خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في كلمته التي افتتح بها أعمال القمة «ان الوحدة الاسلامية لن يحققها سفك الدماء كما يزعم المارقون بضلالهم فالغلو والتطرف والتكفير لا يمكن له أن ينبت في أرض خصبة بروح التسامح ونشر الاعتدال والوسطية وهنا يأتي دور مجمع الفقه الاسلامي في تشكيله الجديد ليتصدى لدوره التاريخي ومسؤوليته في مقاومة الفكر المتطرف بكل أشكاله وأطيافه كما أن منهجية التدرج هي طريق النجاح الذي يبدأ بالتشاور في كل شؤون حياتنا السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية للوصول الى مرحلة التضامن باذن الله وصولا الى الوحدة الحقيقية الفاعلة المتمثلة في مؤسسات تعيد للامة مكانها في معادلات القوة».
وأضاف أيده الله «أن طبيعة الانسان المسلم تكمن في ايمانه ثم علمه ومبادئه وأخلاقه التي قال عنها نبي الرحمة» انما بعثت لاتمم مكارم الاخلاق «ولعلكم تتفقون معي على أن الارتقاء بمناهج التعليم وتطويرها مطلب أساسي لبناء الشخصية المسلمة المتسامحة للوصول الى مجتمع يرفض الانغلاق والعزلة واستعداء الاخر متفاعلا مع الانسانية كلها ليأخذ ما ينفعه ويطرح كل فاسد».
واعرب حفظه الله عن تطلعه الى أمة اسلامية موحدة وحكم يقضي على الظلم والقهر وتنمية مسلمة شاملة تهدف للقضاء على العوز والفقر «كما أتطلع الى انتشار الوسطية التي تجسد سماحة الاسلام وأتطلع الى مخترعين وصناعيين مسلمين وتقنية مسلمة متقدمة والى شباب مسلم يعمل لدنياه كما يعمل لاخرته دون افراط أو تفريط».. وتبنى قادة الامة الاسلامية خلال القمة بلاغ مكة وبرنامج العمل العشري لمواجهة تحديات الامة الاسلامية في القرن الحادى والعشرين.
وفي جانب اخر من الاهتمام بالاسلام والمسلمين تواصل المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز عنايتها بخدمة الحرمين الشريفين وقاصديهما بكل ما تستطيع فأنفقت أكثر من سبعين مليار ريال خلال السنوات الاخيرة فقط على المدينتين المقدستين مكة المكرمة والمدينة المنورة بما في ذلك توسعة الحرمين الشريفين وتتضمن نزع الملكيات وتطوير المناطق المحيطة بهما وتطوير شبكات الخدمات والانفاق والطرق.
هموم الأمة العربية
وعلى الصعيد العربي التأم شمل قادة الامة العربية بأخيهم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في بيت العرب مدينة الرياض عندما استضافت المملكة العربية السعودية خلال المدة من التاسع الى العاشر من شهر ربيع الاول 1428هـ الموافق للثامن والعشرين والتاسع والعشرين من شهر مارس 2007 م أعمال مؤتمر القمة العربية العادية التاسعة عشرة التي صدر في اختتام أعمالها «إعلان الرياض» الذي أكد ضرورة العمل الجاد لتحصين الهوية العربية ودعم مقوماتها ومرتكزاتها وترسيخ الانتماء اليها وإعطاء أولوية قصوى لتطوير التعليم ومناهجه في العالم العربى وتطوير العمل العربي المشترك في المجالات التربوية والثقافية والعلمية ونشر ثقافة الاعتدال والتسامح والحوار والانفتاح ورفض كل أشكال الارهاب والغلو والتطرف وتأكيد أهمية خلو المنطقة من كافة أسلحة الدمار الشامل بعيدا عن ازدواجية المعايير وانتقائيتها محذرين من إطلاق سباق خطير ومدمر للتسلح النووي في المنطقة ومؤكدين حق جميع الدول في امتلاك الطاقة النووية السلمية وفقا للمرجعيات الدولية ونظام التفتيش والمراقبة المنبثق عنها.
كما صدر عن القمة العربية التاسعة عشرة مجموعة قرارات منها ما يتعلق بالقضية الفلسطينية والصراع العربي الاسرائيلي ومستجداته ومن ضمنها تفعيل مبادرة السلام العربية حيث أكد مجلس الجامعة على مستوى القمة مجددا الالتزام العربي بالسلام العادل والشامل كخيار استراتيجي.
كما اكدت القمة على ان التصور العربي للحل السياسي والامني لما يواجهه العراق من تحديات يستند الى احترام وحدة وسيادة واستقلال العراق وهويته العربية والاسلامية.