ينحو العنوان في رواية «الطريق الى بلحارث»، منحى مكانيا ممتدا قد يقصر او يطول، في كونه يمثل مسافة زمنية للوصول الى هدف في فترة محددة، كما يجمع «الطريق» مجموعة من الاشخاص الوافدين والمواطنين تتعدد رغباتهم، لكن طريقهم واحد. وتمثل شخصيات الرواية «عماد، منصور، علي وزوجته المعلمة»، فئة الوافدين الذين ارادوا تحقيق حلم يختلف ويتنوع حسب نفسياتهم، حيث الرغبة الكامنة في تحقيق حلم نسج خيوطه بين هذه الشخوص، فالأمل المرتقب قد مات متمثلا في فجر الذي مات وهو في مهده، وهذا يشير اشارة لا تخفى على احد منذ القراءة الاولى للنص من عدم امكانية تحقق الحلم الذي سعوا جاهدين اليه، وتكبدوا عناء الطريق لأجله، ان هذا الطريق المحفوف بالصعاب هو صورة حية لحلم جسده هذا الواقع الماثل، لحلم غائب كان الوصول اليه أصعب من الوصول الى بلحارث تلك القرية البسيطة التي تفتقد لكل تقنيات وسائل الحلم الحقيقي.
وهذا الحلم ليس هدفا حضاريا او وسيلة تعليمية كما يحاول الراوي/البطل ان يرسمها على شخصية بطله وانما كان هدفها اختصار الزمن (انني أثمن يا حبيبي رسالتك الحضارية التي تؤديها في مجاهل الصحراء، لكنني لست على ثقة من انها كانت الهدف من وراء سفرك..)، وفي سياق هذا الوضع فان الشخصيات التي مثلت منصور وعلي لا مستقبل لهما، لانهما في حقيقة الأمر لم يكن هدفهما الرسالة الحضارية التي يدعيها عماد، فالبحث عن المال وجمعه يتناقض مع الرسالة الحقيقية (لانني اريد ان اجمع اكبر قدر من المال)، لكن العيش بسلام هدف آخر او حلم يسعى على لتأكيده (باختصار نريد ان نعيش) ففجر الغائب الماثل كان حلما فارق الحياة بمجرد ولادته وهو نهاية صغرى ايذانا للنهاية الكبرى، وقد ولد هذا لدى والده علي انه لا طائل من وراء هذا الحلم (ووجدت انني اخيرا اركض وراء سراب لن أمسك به)، لقد توصل علي الى الحل باستقالته فالحلم بعيد المنال قد يولد كفجر ويموت (الهدف.. ما الهدف؟ اعيش هنا كالكلب، منسي، وفي غمرة الفضول والذكريات، يسأل عني صديق في الوطن، او امرأة ابيض شعرها، ونحل جسدها، او ربما فتاة، بيضاء وردية، لم يعد لي في ذاكرتها سوى لحظة وداع، ما الهدف؟ ما الهدف؟)، ويدرك عماد هذه الحقيقة التي يصر علي عليها (كأنه يكتشف نقطة ضعف رهيبة في كيان خصمه)، والتي تثير التساؤلات في نفس هذا الخصم: ماذا فعل من اجل الوطن هذا ما كان ينتابه ويجعله يرتطم بالواقع، وفي المقابل منصور الشخصية العبثية الذي حاول التأقلم مع اهل القرية وخصوصا مع شخصية بوعايظ فراش المدرسة من اجل حلم يراوده «ظفرة» المرأة تلك المرأة التي حلم بها لقد مات وهو يهذي باسمها.
جميعهم ساروا نحو اتجاه واحد الا وهو الحلم الذي مات وليدا في نفس كل واحد منهم، وعادوا الى اوطانهم بعد ان تركوا كل شيء وخلفوا وراءهم ذاكرة مهترئة تبحث عن اسئلة لتبرر لها سر هذا الحلم الحاضر الغائب.
ان هذا الطريق المحفوف بالصعاب هو صورة حية لحلم جسده هذا الواقع الماثل، لحلم غائب كان الوصول اليه اصعب من الوصول الى بلحارث تلك القرية البسيطة التي تفتقد لكل تقنيات وسائل الحلم الحقيقي.
ويتراءى لنا بداية حضور ذات الراوي، وهو البطل هنا، من حيث كونها ذاتاً غير حاضرة حضورا فعليا مع الأحداث، ولا يعني عدم حضورها وتفاعلها مع الاحداث تفاعلا سلبيا، بل هي ذات واقعية متأملة متفكرة تنظر للامور بواقعية عميقة تصور وترصد الواقع بكل آلياته تصف المكان المتمثل في مدينة جدة (يلتهمني زحام جدة، سياراتها الملونة الجميلة، عماراتها الرمادية المطفأة غبارها والشاطئ الزنكي عند واجهتها البحرية..)، تصف القنفذة :(بيوت طينية، سوق صغير، شوارع ترابية دكاكين..) وواقع الطريق الرملي الممتد المظلم السراب، والقرية بلحارث :(تقع اسفل جبال عسير التي قرأنا عنها في تضاريس الجزيرة العربية حينما كنا صغارا..) ويركز على ما يعانيه شخوصها من بؤس وهو بالتالي لا يعني انفصامه عن الآخر وقطع تجربته عنه.
ان هم الراوي البطل كان في المقام الأول منصبا في ابراز معاناة الغير من الوافدين، ومعاناة تلك الشرائح التي تمثل شريحة من المجتمع المحلي السعودي من اهل القرى في فترة زمنية كانت فيها تلك القرى تعيش حالات الجهل والتخلف والمرض.
والبطل امام هذا الوضع يعيش بين وجودين وجود داخلي/ذاتي، ووجود خارجي/غيري، يرغمه الوجود الداخلي على الانزلاق نحو لحظة القلق المسيطرة على تصرفاته وسلوكه فهو مرة يقرر الهرب والهرب هو الوسيلة الوحيدة التي يتقنها البطل (الهرب؟ انها حقيقة مذهلة، ان يهرب الانسان، لو هرب والدي من الحرب لبقي حيا الى الآن، لو هرب..) في حين يرى ان الحياة في الصحراء كفاح لا ينبغي الهرب منه (كل الذين يعملون في هذه الصحراء، صامدون، الاستقالة تعني الانثناء، التراجع، الحياة هنا كفاح، من نوع ما، يجب أن لا نهرب من هذا الكفاح).
وكلما ازداد علو المرء في درجة التطور الحضاري كلما كان ذلك كفيلا بزيادة حدة الألم والقلق الوجودي، ومن الواضح ان البطل كان يمر بهذه الحالة نتيجة للوضع الذي يرفضه منذ البداية، في حين ان منصور تأقلم مع تلك الحياة البسيطة فهو هادئ في مواقفه مع اهل القرية ومع وجوده فيها (قال لي ذات مرة محاولا فلسفة وجوده هنا بأن الحياة بسيطة انه لا وجود لتلك التعقيدات التي يفاجأ بها المرء في المدن..) وهذه الحياة البسيطة تعني راحة البال فلا أحداث جسيمة تهدده، ولا مدنية قد تطغى على ذاته، انما يبلغ الشعور بالوجود اعلى درجة في حالة الفعل الباطن الذي أنشب اظفاره في الحياة المضطربة.
ومع هذا فان حضور الذات هنا كان حضورا دراميا فهي تدرك انها لا تقف وحدها في هذه الحياة بل يشاركها اخرون فيها بمعنى ان ذاتها لا تقف بعيدا عن بقية الذوات، فهي ذات تتفاعل مع العالم الموضوعة فيه، وفي ذات الوقت تنفصل عنه متجاوزة الوجود الزائف الى الوجود الأصيل، ما يعني غيابها بشكل فعلي عن الواقع والحياة المعيشية، فتجربة السفر الى المملكة في حد ذاتها معركة خاضها البطل منذ بداية حياته، ثم اصطدامه بالواقع الذي لم يتوقعه ومع هذا ظل يتابع الحياة مصورا أبرز وقائعها ودورتها وسعيه الدؤوب لفهمها وتوسيع مداركه مع التناقض الذي يسهم في التفاعل مع كل هذه الأحداث، ومع لهجتهم المحلية التي استطاع ان يرسمها مع الواقع المعاش، وهذا يعني ان شخصية عماد ليست شخصية عاجزة عن التواصل بل هي من أكثر الشخصيات تواصلا مع ذاته، والآخرين في اقامة حوار بينه وبين من حوله، وقد خلف هذا صراعا داخليا مستميتا ومقلقا.
ان الذات الوجودية تقدس الحب لكنها في المقابل ترى ان الحب -الايروس- لا يمكن ان تتحقق لذاته واثرائه الا عن طريق الاحساس بالبعد (احب نادية، واعلن الآن رحيلي) فكلما كان الحب صعب المنال كلما كانت حركته مستمرة متوثبة (هي لم تغب عني كانت لكنها تتسرب الآن ككل تلك الاشياء التي خرجت من داخلي واهابي الى حيث لا رجعة ..) حتى عندما اعلم اخاه منصور بخبر حبه لنادية خفت بريق الحب في نفسه ولم يعد ذلك العاشق الذي يتحدث عن محبوبته كما كان.
اما منصور فهو رجل محروق بالشهوة يعترف بالحب لكن حبه لـ «ظفرة» حب من نوع اخر حب تتجسد فيه حضور اللذة بالدرجة الاولى (لكن حبي من نوع اخر) والرغبة في الحصول عليها ان الحياة في نظر منصور مجازفة لكن المرأة الانثى وهو هنا لا ينكر هذا القلق الجسدي الذي يعتريه هو ومنصور نتيجة لتلك الرغبة العارمة، في حين يحتل مجرد التفكير لدى اهالي القرية البسطاء جل تفكيرهم، فبوعايظ (يبدو للوهلة بريئا، يتحدث كطفل، يسأل عن بديهيات، حتى اذا انتقل الحديث الى موضوع النساء تغيرت طريقته في الحديث، وارتفع حاجباه بين الحين والآخر)، ومعيظ مدير المدرسة الذي لم يكتف بما لديه من نساء بل طمع في زوجة بوعايظ وطلقها منه ليحصل هو عليها.
وهذه الذات حينما ترفض الآخر لا ترفضه رغبة منها في التعالي عليه، وانما لأن ادانتها للآخر ليست نابعة من كونه القروي المتخلف والبدائي بقدر ما هي ادانة للأسباب التي كانت وراء هذا السلوك البدائي غير المتحضر، ونتيجة اخرى لشعور هذه الذات بالغربة التي جعلتها تنفي الآخر وتستقصيه:(هي الغربة يا نادية، وانت غريبة ايضا مسافرة حيث انت)، فهو يعيش بين غربتين غربته عن وطنه الحقيقي فلسطين وناديه تشاركه هذا الهم، وغربته عن وطنه عمان الذي عاش فيه، اضافة للحيرة والتردد الواضح على معالم شخصيته، والبطل كان منفصلا عن ذاته مع المكان وقد خول هذا تكريسه للملاحظة الموضوعية التي أتاحت له التأمل واحتواء المكان بتصويره بحرفة واقعية متأملة.
ان حالة الوعي والاستلاب «الذهول» هذه كفيلة بالتأمل وابراز الحقائق بصورة واضحة للعيان وبدقة متناهية.
ولا يمثل المكان اي مقوم من مقومات البقاء، وقد احدث هذا صراعا بينه وبين ذاته ذات تلفظ المكان وتستقصيه فهي غائبة عن المكان حاضرة باتصالها بذاتها، واخرى تحاسب ذاتها الموجودة والمتفاعلة مع المكان، فهي حاضرة في المكان غائبة عن الذات، وكلاهما يحاول الالتحام للخلاص من هذا الشقاء النفسي الذي ولدته غربته عن المكان، انه يقف عاجزا امام ذاته التي تصر على ترك المكان لكن ذاته الحاضرة الذات المادية تتشبث به وفي النهاية تنتصر الذات المنشطرة على المكان ويعود عماد خالي الوفاض دون ان يختصر الزمن.
ويرتبط المكان ارتباطا وثيقا بالحرية فالحرية هي مجموعة الافعال التي يستطيع فعلها الانسان دون ان يصطدم بعقبات او حواجز فحرية البطل مقيدة في هذا المكان القرية، وقد ولد هذا الاقصاء المكاني في تلك القرية البعيدة حتى عن السعوديين انفسهم، شعورا بالزمان واحساسا عميقا به، فعدم الاندماج مع الاخر هو نتيجة لوقع الزمن المتباطئ الذي يشعر به البطل وهو الذي جعله يعيش صراعا داخليا وحوارا مستمرا مع ذاته.
لكن الزمن في الرواية يعد فاعلا رئيسا في شخصية البطل المنشطرة التي ارادت ان تختصر الزمن الذي ابى الا ان يظل جامدا ثابتا فامتنعت عنه الحركة والتطور خمس سنوات لم يتمكن عليّ خلالها من ان يشتري الارض التي لطالما حلم بها، ويوم السبت مرتبط بالمكان منذ ان بدأ عماد عمله الرسمي في الصحراء (ذات مرة حاولت مهادنة هذا اليوم -السبت- احضرت قلما ودفترا ووضعت كافة الاحتمالات التي أدت الى هذه العداوة التقليدية بيننا -انا والسبت- فعثرت على سبب واحد هو ان السبت اول ايام الاسبوع وان كلمة السبت تحمل في طياتها عملا متواصلا لمدة ستة ايام).
مما يعني ان العدائية وعدم المصالحة كانت بارزة في شخصية البطل حيث كان يشعر في قرارة ذاته انه مستلب مقصي منشطر بينه وبين ذاته والمكان والزمان.
ويبدو ان البطل يرغب بتسارع الزمن والوقوف في وجهه وسحقه لكن هيهات:(تقول في رسالتك بأنك ستختصر الزمن وتختصر الشقاء لتعود قادرا على عمل المستحيل ايمكن ذلك ياعماد ومنصور مازال يختصر الزمن مثلك حينما عاد في العام الماضي، كان محملا بالريالات والهدايا فهل اختصر الزمن) ان هذا الاحساس العميق بتوقف الزمن وتباطئه لدى ناديه مرتبط باحساس يتخلله الخوف والضجر والملل لبعدها عن حبيبها (كم هي قاسية حياتي بدونك يا عماد وكم هي ثقيلة مدحلة الساعات وهي تمشي ببطء) فهذه الجدلية بين اللحظة الحاضرة وبين مستقبل عماد الذيي يكتنفه الكثير من الغموض لم تجبره على اتخاذ موقف او قرار الرحيل لاجل ناديه.
وذاكرة الراوي عماد ذاكرة مبعثرة بين ماض موجع مليء بذكريات الوطن والأهل والحبيبة وحاضر مؤلم تكتنفه غربة موجعة وواقع بائس، يطمح من خلاله لحلم يستشرف مستقبلا مشرقا له ولأهله ومحبوبته (اخطط لمستقبل مشرق مع ناية احلم ببيت كنت.. ).
وقد خلق هذا الحاضر في ذاته اضطرابا نفسيا افقده توازنه (ماذا افعل؟ سأشرب يا منصور) نعم شربه بالرغم من رفضه له ومحاولته غير المجدية مع منصور للتخلص منه (ورغم انني كنت اشاركه شرب الخمر الا انني كنت مستعدا للاقلاع عن هذه العادة المستجدة علي لا ادري ان كانت طريقتي في الاقناع غير موفقة).
ولكي يتسنى لمنصور استلاب الزمن/وسرقة لحظاته، لجأ للخمر والمخدر/القات:(انه مركب الى عالم آخر ينقلك الى دهاليز غيبية وذكريات لم تحصل بعد ابدأ، انه صانع الذكريات لمن لا ذكريات له، تأكله كالأرنب، تقرضه وتمتص عصارته، وتستمر في امتصاص العصارة حيث تبدأ بالنسيان، تنتقل الى عالم آخر يا عماد، ترى اشياء لم تعهدها..)، ان منصور يريد الغاء لحظته الحاضرة بنسيانها واللجوء الى القات المخدر لينتصر لمستقبله والذي تؤكد تصرفاته وسلوكياته ويحقق عقله اللاواعي، وبناء عليه وبطريقة لا شعورية يتوقع توقعا جازما في عقله الباطن عدم امكانية هذا الحلم/المستقبل، ذلك ان الحاضر لحظة آنية ماثلة تتحرك في الزمن، وتقودها حركتها باتجاهين حيث تتراكم على الماضي وتستشرف المستقبل الذي لا حدود له، والحاضر يمتد ليتجه عبر المستقبل الذي يفلسفه عماد في قوله (اليوم وغدا وكل الأيام خمر..) عله ينسى أو يتناسى الماضي وذكرياته والحاضر وواقعه المرفوض في قرارة نفسه، اما علي فيقرر الاستقالة فالزمن لم يكن كفيلا بتحقيق حلمه المستقبلي.
والموت الذي كان نهاية حتمية لشخوص الرواية موت البطل وحلمه وانشطاره مع الأنا والآخر، موت طفل علي -فجر- واحلامه في شراء الارض، وفي نهاية المطاف موت منصور ذلك الشاب صاحب النكتة الطريفة والروح المليئة بالحب والحنان.
والوجود كما يرى هيدجر فرار من المواجهة، من الموت، (لحظات الموت ليست اكثر من حالة تتأرجح بين القبول والرفض، بين الحلم والحقيقة..) كما يصفها عماد وهو يرى جسد منصور مسجى على السرير.في حين ان قلق الموت الذي انتاب منصور واحسه كان نتيجة لاستجابة انفعالية تضمنت مشاعر ذاتية من عدم السرور والانشغال المعتمد على تأمل او توقع اي مظهر من المظاهر العديدة المرتبطة بالموت :(لست خائفا يا عماد من لقاء ظفرة، لكنني اليوم اتطير، انا اعرف اليوم من أوله كالرسالة من عنوانها).
ان استقالة علي هي رغبته في الحياة ذلك ان اكثر الرغبات التي تحرك الانسان نحو الاشياء والافعال هي رغبة من الموت: لانه حقيقة، ونقيضه الحياة تلك التي يرى انها :(كذبة تستهوي الانسان فيصغي لها جيدا، يعيشها حتى اذا ما نظر الى ساعته اكتشف ان اثمن اوقات النهار قد ضاعت..) ويصارع عماد ثنائية البقاء والفناء محاولا تفنيد اقوال علي (فأحس باتساع الهوة بين النقيضين في داخلي).
منصور يؤمن بالقضاء والقدر ويرى ان الموت بيد الله، رادا على تساؤل علي :(هل تنكر فعل القضاء؟ هنا أنكر كل شيء الا الموت، لانه الشيء الوحيد الذي ألمسه).
والزمن -المائي- واضح في هذه الرواية فالأمنيات قد تحولت الى منيات (درجة الصفر للحياة انما هي الموت). ان الموت هو النهاية الحتمية فـ (كل الأشياء تشير الى النهاية).
ان الوجود في الموجود/المكان أثار هذيان عماد :(انني مجرد كتلة لحمية تترامى على ظهر الدراجة، في الواقع لم اكن ادري اي خلاص هو الذي اردته)، وكان لهذا الهذيان القفزة الاولى لاتخاذ القرار خاصة بعد ان وجد ان حلمه بدأ يرتطم، وان بقاءه لن يخلف له سوى ذكريات قد تطوى بفعل الزمن او تظل عالقة في ذاكرة اللاشعور، ثم كان موت منصور الذي كسر حالة الانشطار والتردد التي تميزت بها هذه الشخصية المستلبة في ظل الواقع الذي وقفت منه موقفا مترددا برغم تصويرها لكل وقائعه واحداثه من مكان وزمان ولهجة وشخوص.
? ناقدة سعودية
وهذا الحلم ليس هدفا حضاريا او وسيلة تعليمية كما يحاول الراوي/البطل ان يرسمها على شخصية بطله وانما كان هدفها اختصار الزمن (انني أثمن يا حبيبي رسالتك الحضارية التي تؤديها في مجاهل الصحراء، لكنني لست على ثقة من انها كانت الهدف من وراء سفرك..)، وفي سياق هذا الوضع فان الشخصيات التي مثلت منصور وعلي لا مستقبل لهما، لانهما في حقيقة الأمر لم يكن هدفهما الرسالة الحضارية التي يدعيها عماد، فالبحث عن المال وجمعه يتناقض مع الرسالة الحقيقية (لانني اريد ان اجمع اكبر قدر من المال)، لكن العيش بسلام هدف آخر او حلم يسعى على لتأكيده (باختصار نريد ان نعيش) ففجر الغائب الماثل كان حلما فارق الحياة بمجرد ولادته وهو نهاية صغرى ايذانا للنهاية الكبرى، وقد ولد هذا لدى والده علي انه لا طائل من وراء هذا الحلم (ووجدت انني اخيرا اركض وراء سراب لن أمسك به)، لقد توصل علي الى الحل باستقالته فالحلم بعيد المنال قد يولد كفجر ويموت (الهدف.. ما الهدف؟ اعيش هنا كالكلب، منسي، وفي غمرة الفضول والذكريات، يسأل عني صديق في الوطن، او امرأة ابيض شعرها، ونحل جسدها، او ربما فتاة، بيضاء وردية، لم يعد لي في ذاكرتها سوى لحظة وداع، ما الهدف؟ ما الهدف؟)، ويدرك عماد هذه الحقيقة التي يصر علي عليها (كأنه يكتشف نقطة ضعف رهيبة في كيان خصمه)، والتي تثير التساؤلات في نفس هذا الخصم: ماذا فعل من اجل الوطن هذا ما كان ينتابه ويجعله يرتطم بالواقع، وفي المقابل منصور الشخصية العبثية الذي حاول التأقلم مع اهل القرية وخصوصا مع شخصية بوعايظ فراش المدرسة من اجل حلم يراوده «ظفرة» المرأة تلك المرأة التي حلم بها لقد مات وهو يهذي باسمها.
جميعهم ساروا نحو اتجاه واحد الا وهو الحلم الذي مات وليدا في نفس كل واحد منهم، وعادوا الى اوطانهم بعد ان تركوا كل شيء وخلفوا وراءهم ذاكرة مهترئة تبحث عن اسئلة لتبرر لها سر هذا الحلم الحاضر الغائب.
ان هذا الطريق المحفوف بالصعاب هو صورة حية لحلم جسده هذا الواقع الماثل، لحلم غائب كان الوصول اليه اصعب من الوصول الى بلحارث تلك القرية البسيطة التي تفتقد لكل تقنيات وسائل الحلم الحقيقي.
ويتراءى لنا بداية حضور ذات الراوي، وهو البطل هنا، من حيث كونها ذاتاً غير حاضرة حضورا فعليا مع الأحداث، ولا يعني عدم حضورها وتفاعلها مع الاحداث تفاعلا سلبيا، بل هي ذات واقعية متأملة متفكرة تنظر للامور بواقعية عميقة تصور وترصد الواقع بكل آلياته تصف المكان المتمثل في مدينة جدة (يلتهمني زحام جدة، سياراتها الملونة الجميلة، عماراتها الرمادية المطفأة غبارها والشاطئ الزنكي عند واجهتها البحرية..)، تصف القنفذة :(بيوت طينية، سوق صغير، شوارع ترابية دكاكين..) وواقع الطريق الرملي الممتد المظلم السراب، والقرية بلحارث :(تقع اسفل جبال عسير التي قرأنا عنها في تضاريس الجزيرة العربية حينما كنا صغارا..) ويركز على ما يعانيه شخوصها من بؤس وهو بالتالي لا يعني انفصامه عن الآخر وقطع تجربته عنه.
ان هم الراوي البطل كان في المقام الأول منصبا في ابراز معاناة الغير من الوافدين، ومعاناة تلك الشرائح التي تمثل شريحة من المجتمع المحلي السعودي من اهل القرى في فترة زمنية كانت فيها تلك القرى تعيش حالات الجهل والتخلف والمرض.
والبطل امام هذا الوضع يعيش بين وجودين وجود داخلي/ذاتي، ووجود خارجي/غيري، يرغمه الوجود الداخلي على الانزلاق نحو لحظة القلق المسيطرة على تصرفاته وسلوكه فهو مرة يقرر الهرب والهرب هو الوسيلة الوحيدة التي يتقنها البطل (الهرب؟ انها حقيقة مذهلة، ان يهرب الانسان، لو هرب والدي من الحرب لبقي حيا الى الآن، لو هرب..) في حين يرى ان الحياة في الصحراء كفاح لا ينبغي الهرب منه (كل الذين يعملون في هذه الصحراء، صامدون، الاستقالة تعني الانثناء، التراجع، الحياة هنا كفاح، من نوع ما، يجب أن لا نهرب من هذا الكفاح).
وكلما ازداد علو المرء في درجة التطور الحضاري كلما كان ذلك كفيلا بزيادة حدة الألم والقلق الوجودي، ومن الواضح ان البطل كان يمر بهذه الحالة نتيجة للوضع الذي يرفضه منذ البداية، في حين ان منصور تأقلم مع تلك الحياة البسيطة فهو هادئ في مواقفه مع اهل القرية ومع وجوده فيها (قال لي ذات مرة محاولا فلسفة وجوده هنا بأن الحياة بسيطة انه لا وجود لتلك التعقيدات التي يفاجأ بها المرء في المدن..) وهذه الحياة البسيطة تعني راحة البال فلا أحداث جسيمة تهدده، ولا مدنية قد تطغى على ذاته، انما يبلغ الشعور بالوجود اعلى درجة في حالة الفعل الباطن الذي أنشب اظفاره في الحياة المضطربة.
ومع هذا فان حضور الذات هنا كان حضورا دراميا فهي تدرك انها لا تقف وحدها في هذه الحياة بل يشاركها اخرون فيها بمعنى ان ذاتها لا تقف بعيدا عن بقية الذوات، فهي ذات تتفاعل مع العالم الموضوعة فيه، وفي ذات الوقت تنفصل عنه متجاوزة الوجود الزائف الى الوجود الأصيل، ما يعني غيابها بشكل فعلي عن الواقع والحياة المعيشية، فتجربة السفر الى المملكة في حد ذاتها معركة خاضها البطل منذ بداية حياته، ثم اصطدامه بالواقع الذي لم يتوقعه ومع هذا ظل يتابع الحياة مصورا أبرز وقائعها ودورتها وسعيه الدؤوب لفهمها وتوسيع مداركه مع التناقض الذي يسهم في التفاعل مع كل هذه الأحداث، ومع لهجتهم المحلية التي استطاع ان يرسمها مع الواقع المعاش، وهذا يعني ان شخصية عماد ليست شخصية عاجزة عن التواصل بل هي من أكثر الشخصيات تواصلا مع ذاته، والآخرين في اقامة حوار بينه وبين من حوله، وقد خلف هذا صراعا داخليا مستميتا ومقلقا.
ان الذات الوجودية تقدس الحب لكنها في المقابل ترى ان الحب -الايروس- لا يمكن ان تتحقق لذاته واثرائه الا عن طريق الاحساس بالبعد (احب نادية، واعلن الآن رحيلي) فكلما كان الحب صعب المنال كلما كانت حركته مستمرة متوثبة (هي لم تغب عني كانت لكنها تتسرب الآن ككل تلك الاشياء التي خرجت من داخلي واهابي الى حيث لا رجعة ..) حتى عندما اعلم اخاه منصور بخبر حبه لنادية خفت بريق الحب في نفسه ولم يعد ذلك العاشق الذي يتحدث عن محبوبته كما كان.
اما منصور فهو رجل محروق بالشهوة يعترف بالحب لكن حبه لـ «ظفرة» حب من نوع اخر حب تتجسد فيه حضور اللذة بالدرجة الاولى (لكن حبي من نوع اخر) والرغبة في الحصول عليها ان الحياة في نظر منصور مجازفة لكن المرأة الانثى وهو هنا لا ينكر هذا القلق الجسدي الذي يعتريه هو ومنصور نتيجة لتلك الرغبة العارمة، في حين يحتل مجرد التفكير لدى اهالي القرية البسطاء جل تفكيرهم، فبوعايظ (يبدو للوهلة بريئا، يتحدث كطفل، يسأل عن بديهيات، حتى اذا انتقل الحديث الى موضوع النساء تغيرت طريقته في الحديث، وارتفع حاجباه بين الحين والآخر)، ومعيظ مدير المدرسة الذي لم يكتف بما لديه من نساء بل طمع في زوجة بوعايظ وطلقها منه ليحصل هو عليها.
وهذه الذات حينما ترفض الآخر لا ترفضه رغبة منها في التعالي عليه، وانما لأن ادانتها للآخر ليست نابعة من كونه القروي المتخلف والبدائي بقدر ما هي ادانة للأسباب التي كانت وراء هذا السلوك البدائي غير المتحضر، ونتيجة اخرى لشعور هذه الذات بالغربة التي جعلتها تنفي الآخر وتستقصيه:(هي الغربة يا نادية، وانت غريبة ايضا مسافرة حيث انت)، فهو يعيش بين غربتين غربته عن وطنه الحقيقي فلسطين وناديه تشاركه هذا الهم، وغربته عن وطنه عمان الذي عاش فيه، اضافة للحيرة والتردد الواضح على معالم شخصيته، والبطل كان منفصلا عن ذاته مع المكان وقد خول هذا تكريسه للملاحظة الموضوعية التي أتاحت له التأمل واحتواء المكان بتصويره بحرفة واقعية متأملة.
ان حالة الوعي والاستلاب «الذهول» هذه كفيلة بالتأمل وابراز الحقائق بصورة واضحة للعيان وبدقة متناهية.
ولا يمثل المكان اي مقوم من مقومات البقاء، وقد احدث هذا صراعا بينه وبين ذاته ذات تلفظ المكان وتستقصيه فهي غائبة عن المكان حاضرة باتصالها بذاتها، واخرى تحاسب ذاتها الموجودة والمتفاعلة مع المكان، فهي حاضرة في المكان غائبة عن الذات، وكلاهما يحاول الالتحام للخلاص من هذا الشقاء النفسي الذي ولدته غربته عن المكان، انه يقف عاجزا امام ذاته التي تصر على ترك المكان لكن ذاته الحاضرة الذات المادية تتشبث به وفي النهاية تنتصر الذات المنشطرة على المكان ويعود عماد خالي الوفاض دون ان يختصر الزمن.
ويرتبط المكان ارتباطا وثيقا بالحرية فالحرية هي مجموعة الافعال التي يستطيع فعلها الانسان دون ان يصطدم بعقبات او حواجز فحرية البطل مقيدة في هذا المكان القرية، وقد ولد هذا الاقصاء المكاني في تلك القرية البعيدة حتى عن السعوديين انفسهم، شعورا بالزمان واحساسا عميقا به، فعدم الاندماج مع الاخر هو نتيجة لوقع الزمن المتباطئ الذي يشعر به البطل وهو الذي جعله يعيش صراعا داخليا وحوارا مستمرا مع ذاته.
لكن الزمن في الرواية يعد فاعلا رئيسا في شخصية البطل المنشطرة التي ارادت ان تختصر الزمن الذي ابى الا ان يظل جامدا ثابتا فامتنعت عنه الحركة والتطور خمس سنوات لم يتمكن عليّ خلالها من ان يشتري الارض التي لطالما حلم بها، ويوم السبت مرتبط بالمكان منذ ان بدأ عماد عمله الرسمي في الصحراء (ذات مرة حاولت مهادنة هذا اليوم -السبت- احضرت قلما ودفترا ووضعت كافة الاحتمالات التي أدت الى هذه العداوة التقليدية بيننا -انا والسبت- فعثرت على سبب واحد هو ان السبت اول ايام الاسبوع وان كلمة السبت تحمل في طياتها عملا متواصلا لمدة ستة ايام).
مما يعني ان العدائية وعدم المصالحة كانت بارزة في شخصية البطل حيث كان يشعر في قرارة ذاته انه مستلب مقصي منشطر بينه وبين ذاته والمكان والزمان.
ويبدو ان البطل يرغب بتسارع الزمن والوقوف في وجهه وسحقه لكن هيهات:(تقول في رسالتك بأنك ستختصر الزمن وتختصر الشقاء لتعود قادرا على عمل المستحيل ايمكن ذلك ياعماد ومنصور مازال يختصر الزمن مثلك حينما عاد في العام الماضي، كان محملا بالريالات والهدايا فهل اختصر الزمن) ان هذا الاحساس العميق بتوقف الزمن وتباطئه لدى ناديه مرتبط باحساس يتخلله الخوف والضجر والملل لبعدها عن حبيبها (كم هي قاسية حياتي بدونك يا عماد وكم هي ثقيلة مدحلة الساعات وهي تمشي ببطء) فهذه الجدلية بين اللحظة الحاضرة وبين مستقبل عماد الذيي يكتنفه الكثير من الغموض لم تجبره على اتخاذ موقف او قرار الرحيل لاجل ناديه.
وذاكرة الراوي عماد ذاكرة مبعثرة بين ماض موجع مليء بذكريات الوطن والأهل والحبيبة وحاضر مؤلم تكتنفه غربة موجعة وواقع بائس، يطمح من خلاله لحلم يستشرف مستقبلا مشرقا له ولأهله ومحبوبته (اخطط لمستقبل مشرق مع ناية احلم ببيت كنت.. ).
وقد خلق هذا الحاضر في ذاته اضطرابا نفسيا افقده توازنه (ماذا افعل؟ سأشرب يا منصور) نعم شربه بالرغم من رفضه له ومحاولته غير المجدية مع منصور للتخلص منه (ورغم انني كنت اشاركه شرب الخمر الا انني كنت مستعدا للاقلاع عن هذه العادة المستجدة علي لا ادري ان كانت طريقتي في الاقناع غير موفقة).
ولكي يتسنى لمنصور استلاب الزمن/وسرقة لحظاته، لجأ للخمر والمخدر/القات:(انه مركب الى عالم آخر ينقلك الى دهاليز غيبية وذكريات لم تحصل بعد ابدأ، انه صانع الذكريات لمن لا ذكريات له، تأكله كالأرنب، تقرضه وتمتص عصارته، وتستمر في امتصاص العصارة حيث تبدأ بالنسيان، تنتقل الى عالم آخر يا عماد، ترى اشياء لم تعهدها..)، ان منصور يريد الغاء لحظته الحاضرة بنسيانها واللجوء الى القات المخدر لينتصر لمستقبله والذي تؤكد تصرفاته وسلوكياته ويحقق عقله اللاواعي، وبناء عليه وبطريقة لا شعورية يتوقع توقعا جازما في عقله الباطن عدم امكانية هذا الحلم/المستقبل، ذلك ان الحاضر لحظة آنية ماثلة تتحرك في الزمن، وتقودها حركتها باتجاهين حيث تتراكم على الماضي وتستشرف المستقبل الذي لا حدود له، والحاضر يمتد ليتجه عبر المستقبل الذي يفلسفه عماد في قوله (اليوم وغدا وكل الأيام خمر..) عله ينسى أو يتناسى الماضي وذكرياته والحاضر وواقعه المرفوض في قرارة نفسه، اما علي فيقرر الاستقالة فالزمن لم يكن كفيلا بتحقيق حلمه المستقبلي.
والموت الذي كان نهاية حتمية لشخوص الرواية موت البطل وحلمه وانشطاره مع الأنا والآخر، موت طفل علي -فجر- واحلامه في شراء الارض، وفي نهاية المطاف موت منصور ذلك الشاب صاحب النكتة الطريفة والروح المليئة بالحب والحنان.
والوجود كما يرى هيدجر فرار من المواجهة، من الموت، (لحظات الموت ليست اكثر من حالة تتأرجح بين القبول والرفض، بين الحلم والحقيقة..) كما يصفها عماد وهو يرى جسد منصور مسجى على السرير.في حين ان قلق الموت الذي انتاب منصور واحسه كان نتيجة لاستجابة انفعالية تضمنت مشاعر ذاتية من عدم السرور والانشغال المعتمد على تأمل او توقع اي مظهر من المظاهر العديدة المرتبطة بالموت :(لست خائفا يا عماد من لقاء ظفرة، لكنني اليوم اتطير، انا اعرف اليوم من أوله كالرسالة من عنوانها).
ان استقالة علي هي رغبته في الحياة ذلك ان اكثر الرغبات التي تحرك الانسان نحو الاشياء والافعال هي رغبة من الموت: لانه حقيقة، ونقيضه الحياة تلك التي يرى انها :(كذبة تستهوي الانسان فيصغي لها جيدا، يعيشها حتى اذا ما نظر الى ساعته اكتشف ان اثمن اوقات النهار قد ضاعت..) ويصارع عماد ثنائية البقاء والفناء محاولا تفنيد اقوال علي (فأحس باتساع الهوة بين النقيضين في داخلي).
منصور يؤمن بالقضاء والقدر ويرى ان الموت بيد الله، رادا على تساؤل علي :(هل تنكر فعل القضاء؟ هنا أنكر كل شيء الا الموت، لانه الشيء الوحيد الذي ألمسه).
والزمن -المائي- واضح في هذه الرواية فالأمنيات قد تحولت الى منيات (درجة الصفر للحياة انما هي الموت). ان الموت هو النهاية الحتمية فـ (كل الأشياء تشير الى النهاية).
ان الوجود في الموجود/المكان أثار هذيان عماد :(انني مجرد كتلة لحمية تترامى على ظهر الدراجة، في الواقع لم اكن ادري اي خلاص هو الذي اردته)، وكان لهذا الهذيان القفزة الاولى لاتخاذ القرار خاصة بعد ان وجد ان حلمه بدأ يرتطم، وان بقاءه لن يخلف له سوى ذكريات قد تطوى بفعل الزمن او تظل عالقة في ذاكرة اللاشعور، ثم كان موت منصور الذي كسر حالة الانشطار والتردد التي تميزت بها هذه الشخصية المستلبة في ظل الواقع الذي وقفت منه موقفا مترددا برغم تصويرها لكل وقائعه واحداثه من مكان وزمان ولهجة وشخوص.
? ناقدة سعودية