-A +A
عاصم الحضيف (الرياض) ماجد عقيلي - أحمد الجبيلي - افتخار باحفين (جازان) خالد الشلاحي (المدينة المنورة) حسن القربي (مكة المكرمة)

لم تكن نية الزواج السياحي تداعب مخيلة الشاب خالد 35 سنة حينما حط رحاله في دولة شرق آسيوية في المطار التقى مواطنا من تلك الدولة وتوثقت علاقته به فعرض عليه ذلك الشخص ان يزوجه بفتاة يقضي معها فترة اجازته وبالفعل اقيمت مراسم الزواج وكانت مبسطة للغاية وامضى خالد مع عروسه السياحية اكثر من شهر. عاد بعدها الى المملكة وزاول حياته بصورة طبيعية، بعد تلك الواقعة بعدة سنوات بدأ خالد يشعر بتوعك في صحته وحينما راجع الطبيب اصيب بالصدمة عندما تم ابلاغه انه مصاب بالتهاب الكبد الوبائي في تلك اللحظة الفاجعة استعاد خالد شريط زواجه السياحي السريع بتلك المرأة وندم على ذلك الزواج الذي خرج منه بمرض لايمكن الشفاء منه قصص كثيرة وحالات اصيبت بالمرض نتيجة لنزوة زواج لم تستمر طويلا وخلفت لاصحابها الاوجاع.

كان سامر وهو مدرس متقاعد سمع كثيرا عن حكايات الزواج السياحي ورغم تحذير اصدقائه له الا انه وقع في المحظور حيث ارتبط بزوجة خلال فترة اجازته وطلقها عقب عودته الى المملكة واثمر هذا الزواج السريع طفلة وبعدها عاش في سلسلة من المشاكل مع زوجته وأم «عياله» حينما علمت بقصة تلك الطفلة.

الشاب حسين 27 سنة يروي تفاصيل قصته مع الزواج السياحي ويقول انه ارتبط بزوجة من دولة عربية وطلقها قبيل عودته الى المملكة وحينما عاد الى المملكة بدأت الوساوس والشكوك تساوره على صحته وحينما راجع احد المستشفيات كشفت التحاليل عن اصابته بمرض نقص المناعة المكتسبة الايدز.

ولان فصل الصيف في اوج عنفوانه هذه الايام حيث تنشط فيه عقود الزواج السياحي فان رئيس مجلس ادارة الجمعية الخيرية لرعاية الأسر السعودية في الخارج عبدالله الحمود سبق ان صرح بأن اجمالي ما انفقه المواطنون على الزواج السياحي في سبع دول عربية وشرق آسيوية خلال 36 شهرا بلغ 100 مليون ريال لعشرة آلاف زيجة شاملة المهر والهدايا والسكن والتموين الغذائي ومضت الجمعية مجددة تحذيرها للمسافرين الى الخارج من الوقوع في مثل هذا النوع من الزواج.. مشددة الى ان الغالبية من السماسرة الذين يتربصون للمواطنين في المطارات والفنادق والشقق المفروشة ومراكز الترفية يعتبرون وسطاء منظمين للدعارة والفساد.

ومضت الجمعية مؤكدة ان على المواطنين المقدمين على الزواج من غير السعوديات ضرورة مراجعة السفارة السعودية في البلد الذي هم فيه بهدف الاستئناس برأي مسؤوليها ومعرفة شروط وضوابط الزواج من هذا البلد لتفادي السلبيات والوقوع في المحظور وفيما يتعلق بالرأي الشرعي في هذا النوع من الزواج اكد المستشار بوزارة العدل وعضو مجلس الشورى الشيخ عبدالمحسن العبيكان ان هذا النوع من الزواج حرام ولايجوز لانه يتنافى تماما مع مقاصد النكاح والارتباط الدائم، والاستقرار، وانجاب الاولاد وتربية النشء، والالفة، والمحبة، وليس مجرد الاستمتاع، وكأن المرأة سلعة.

واوضح ان اضرار هذا الزواج كثيرة منها انجاب الاولاد دون وجه حق أو الاستطاعة على التحفظ من وجود حمل، وضياع الاولاد، وكذلك مخالفة الانظمة، وانتشار الفساد منها الزواج مع وجود الازواج، وانتشار الامراض.

وطالب العبيكان بإيجاد حملات توعوية، وعدم صدور فتاوى تبيح مثل هذا الزواج فيما يرى فضيلة الشيخ علي بن شيبان العامري رئيس المحكمة الجزئية بجازان بأن ما يسمى بالزواج السياحي أو بنية الطلاق محرم شرعا ولايجوز اطلاقا ويتحتم على مثل هذه الزواجات توفر شروط بإيجاب وقبول الطرفين وبحضور ولي أمر الزوجة.

ومن جانبه أكد الدكتور محمد النجيمي عضو المجمع الفقهي وعضو لجنة المناصحة على حرمة مثل هذا النوع من الزواج، واضاف ان الزواج أمر عظيم يقصد منه الديمومة ولايمكن الزواج الا بتوفر كافة الشروط ولكن مثل هذا الزواج باطل شرعا.

ومن جانبه قال الشيخ احمد المورعي استاذ كلية الشريعة بجامعة ام القرى ان على الشباب والمسافرين الحذر من الوقوع في شراك مثل هذا النوع من الزواج لما فيه خطر على تكوين الأسر والمجتمع.

ومن الجانب القانوني أكد المحامي خالد البابطين ان الزواج بشكل عام هو موضوع شرعي مبينا ان مصطلح «الزواج السياحي» يعني ان هذا النوع من الزواج مؤقت ينقضي بانتهاء فترة السياحة لافتا الى انه غير شرعي باعتباره زواج ينقضي بأجل معين وفسخ العقد سابق لعقد الزواج.

واشار الى ان هذا النوع من الزواج ينقسم الى قسمين الأول: ينقضي بأجل معين مع علم الزوجين فهو يعد سفاحا والثاني ان يخفي الزوج نية الطلاق بعد انقضاء فترة السياحة وهذا يعتبر زواجا بنية الطلاق وهو زواج مشروع حيث يحرم منه اخفاء النية لان اخفاءها يعد خيانة.

واضاف: الزواج الأول له آثار قانونية هو ان نظام المملكة يبسط سلطته خارج الاقليم باعتبار انه نظام شرعي يمتد الى خارج اقليمه فلو ثبت ان هذا الزواج وقع لمواطن في الخارج فيقام عليه الحد، اذا أقر بذلك وهذه هي الحالة الأولى او ان يدفعون عنه الحد بالشبهة كأن يكون جاهلا بحكم الزواج وهنا يحكم عليه بالتعزير.. اما النوع الثاني فهو يعتبر زواجا لا يمكن اقامة عقوبة عليه ولم ترد فيه عقوبة، واضاف ففي الحالة الأولى بالنسبة للاطفال والمرأة فالشرع تكفل بمعالجة هذا الجانب وبين ان الولد للفراش اي انه لوالده وينسب اليه، اما اذا حدث تنازع في مسألة الابن وفي نسبه فيكون هذا بـ«الملاعنة» والجوانب القانونية تكفل حل هذه المسألة.

واذا كان الشرع والقانون قال كلمته في مثل هذا النوع من الزواج فما يقول الباحثون في علم الاجتماع.

الباحث الاجتماعي علي زكري يرى بأن المشاكل الزوجية التي تقع داخل نطاق الأسر اضافة الى غلاء المهور وعزوف الشباب عن الزواج والرفقة السيئة والفضائيات وبائعي الهوى في الخارج من سماسرة الحرام ساهموا بحد كبير في تفشي الظاهرة وانتشارها بشكل مخيف فأروقة المحاكم لا تكاد تخلو من قضية نسب وادعاء ابوة لبعض الحالات لمن سافروا للخارج وتزوجوا بالمتعة المحرمة مشيرا الى ان الدولة تتكبد خسائر فادحة في مثل هذا المجال ان لم تضع قيودا صارمة لانهاء هذا المسلسل الفاسد.

وترى الباحثة الاجتماعية فاطمة الصاعدي ان مثل هذا النوع من الزواج يعد مصيدة وفخا للحالمين بتوفير وسائل الترفيه المختلفة وتابعت ان هذا النوع من الزواج الذي يتفاوت عمره الزمني بدءا من اسبوعين الى الشهر او الشهرين ويعتبر غير واضح المعالم ولا يكون موثقا رسميا ويقع افراده تحت طائلة المساءلة القانونية.

واقترحت ان تكون هناك جمعيات نسائية تتبنى محاربة هذا النوع من الزواج ويرى الاخصائي الاجتماعي عارف الحربي ان الزواج السياحي يمكن ان يطلق عليه زواج المصلحة حيث ان الرجل يبحث عن المتعة بينما تبحث العروسة او أهلها عن المال او تحسين الظروف المعيشية والانتقال للسكن مع الزوج في المملكة.

واضاف ان هناك العديد من المظاهر السلبية التي يحملها هذا النوع من الزواج المغلف بالشرعية من جانب والكتمان من جانب آخر مشيرا الى ان غالبية مثل هذا النوع من الزواج لا يكتب لها النجاح وتكون آثارها واضحة على الابناء حيث يعانون من ضعف الانتماء للوطن وتتوزع مشاعرهم بين موطن الاب وموطن الام اضافة الى الشعور بنوع من الدونية.. مضيفا بان هذا التوجه خلق مشاكل عديدة لمئات الأسر السعودية وهناك العديد من القضايا في المحاكم السعودية والاجنبية التي تتعلق بابناء وقعوا ضحية زواج سياحي ونزوة عابرة بين زوج خائن وفتاة تبحث عن المال.

ولان بعض الذين ارتبطوا بزيجات سريعة اصيبوا بمرض الايدز والتهاب الكبد الوبائي فما يقول الاطباء عنه.

مدير عام الشؤون الصحية بمنطقة جازان الدكتور محسن طبيقي اوضح بان الزواج السياحي له مضار عدة منها الصحية والنفسية والاجتماعية فقد يتم عن طريق الاتصال الجنسي نقل الامراض المعدية فليس له اي مردود ايجابي فله الكثير من المضار الاجتماعية والنفسية والصحية فهو يكون بهدف المتعة فمن الناحية الطبية اشار الى انه يتم دون توافر الشروط المتعارف عليها هنا بالمملكة فالزواج بالمملكة يتم بعد اخذ الفحوصات الطبية للجنسين ويتم الكشف عليهم وفحص الجوانب الوراثية لديهم للتأكد من خلو الزوجين من أي أمراض وراثية وبالنسبة للزواج السياحي فهو بعيد عن هذه الاجراءات ويتم بطريقة سريعة ليس فيها أي فحص او اجراء طبي وبالتالي فقد تكون الحالة مصابة بأي مرض معدٍ لا يتم اكتشافه حينها وبالتالي يصاب الزوج بالعدوى التي تؤثر على حياته وهناك العديد من الأمراض المعروفة التي تنتشر وبشكل سريع عن طريق الزواج السياحي.

من جهته علق الدكتور علي الحازمي استشاري طب جراحة العيون بمستشفى الملك فهد المركزي بجازان على ذلك بالقول: ان الزواج يتم بطريقة سريعة لا يتم خلالها التأكد واجراء الفحص الطبي بالطرق الصحيحة وقد تكون الحالة التي تم الزواج منها مصابة بمرض معد يطال الزوج ويصاب بالعدوى او وراثي مضيفا ان الزواج قد يحصل في مدة قصيرة قد تحمل فيها الزوجة وبالتالي ينعكس ذلك على حالة الابناء حيث قد تكون المولود مصابا بمرض وراثي ويكون الزوج مصاب بنفس الحالة ولا يعلم الحالة التي حصل بها اتصال جنسي مصابة أم لا وحملت وانجبت مولودا مصابا بمرض وراثي او معدٍ في فترة المتعة التي قضاها وانتهت دون ان يعلم بالحالة الصحية لمولوده.