-A +A
يرصدها : فهيم الحامد
محمد أكرم درانيّ هو رئيس وزراء أحد أهم وأخطر الأقاليم ليس فقط في الباكستان بل في منطقة جنوب آسيا وهو إقليم الحدود الشمالية الغربية المتوتر والمتاخم لمنطقة القبائل الحدودية الباكستانية الأفغانية الملتهبة حاليا. ويقع على عاتقه وهو الذي ينتمي إلى طائفة البشتون وهي الأغلبية في هذه المنطقة ويتولى مسؤولية إدارة الإقليم الذي يشهد حالة غليان. في هذه الحلقة نتحدث مع درانيّ عن تطورات الأوضاع في منطقة القبائل ودور حكومته في اعادة الأمن والسلام. اعترف دراني في حوار أجرته معه “عكاظ” في مقر إقامته في بيشاور بأن الوضع الأمني في منطقة القبائل ليس جيدا مؤكدا حدوث عمليات عسكرية بين الجيش والمتعاطفين مع حركة طالبان.

وأوضح أن حكومته حريصة كل الحرص على حل الأزمة عبر المشاورات والحوار من خلال عقد سلسلة من الاجتماعات للويا جيركا (الاجتماع القبائلي الموسع) مع زعماء القبائل. معتبرا أن استخدام القوة ستكون له تأثيرات كبيرة وسيؤدي الى سقوط الضحايا من الجانبين كاشفا عن الاتفاق على تشكيل مجموعات متعددة تسمى بمجموعات الأمن والسلام للحوار مع زعماء القبائل بهدف إعادة الأمن والهدوء في المنطقة. وفيما يلي وقائع الحوار:

الحل عبر «اللويا جيركا»

كيف تتعاملون مع الوضع الأمني المتدهور في منطقة القبائل؟

- نعم الوضع غير جيد, ولكن ليس كما يتم تصويره في الصحف. هناك عمليات عسكرية تتم في منطقة القبائل لكن في المقابل هناك رغبة شديدة لحل الأزمة عبر المشاورات والحوار. وقد عقد عدد من اجتماعات اللويا جيركا في المنطقة. وأبلغت الرئيس برويز مشرف خلال لقائي معه مؤخرا أن حل الأزمة يكمن عبر الحلول السياسية وليس القوة, ولقد تم الاتفاق خلال اللقاء على تشكيل مجموعات متعددة تسمى بمجموعات الأمن والسلام، ومن مهام هذه الفرق مناقشة زعماء القبائل والعلماء في المنطقة حول كيفية إعادة الأمن والهدوء وحل القضايا الجدلية مع المتعاطفين مع طالبان وهناك تقدم في المفاوضات وكما تعلمون أن اجتماعات اللويا جيركا تعتبر الوسيلة الوحيدة التي يمكن من خلالها حل الأزمات في هذه المنطقة المعقدة. ولا يمكن لأي جهة التحرك بدون عقد اللويا جيركا باعتبارها مركزا لصناعة القرار في منطقة القبائل وبالتالي نحن نتعامل سياسيا عبرها وامنيا عبر الحرص على إيجاد حالة الاستقرار وتعزيز القوات في تلك المناطق.

مجموعات للحوار

هل إنشاء مجموعات الأمن والسلام جاء تحت تأثير الضغط أم هناك رغبة حقيقية لإنهاء الأزمة في منطقة القبائل؟

- من المؤكد أن هناك رغبة لحل الأزمة سلميا ولا احد يرغب في ان تكون هناك حرب وكما تعلمون فإن الجيش الباكستاني قوي جدا والقيادة العسكرية لا ترى انه من الحكمة استخدام القوة ضد الشعب .

وإذا كانت هناك تحفظات أو قضايا يريد زعماء القبائل مناقشتها, فإن لدينا ثقافة اللويا جيركا حيث يجتمع زعماء القبائل وكبار السن والعلماء في اجتماع موسع لمناقشة هذه القضايا وحلها عبر القرار الجماعي.

المتعاطفون مع طالبان

هل يمكن معرفة المناطق المضطربة في منطقة القبائل ؟

- في الواقع أنا كرئيس للوزراء ومقاطعة الحدود الشمالية الغربية تقع تحت إدارتي 24 منطقة وهي خارجة عن منطقة القبائل, والقضية من وجهة نظري في منطقة القبائل تكمن في الصراع بين المتعاطفين مع طالبان, ولا أعتقد أن هذه المشاكل ستنتهي ما دام هناك قوات للناتو في أفغانستان.

وهناك امتداد لهذه القبائل بين الحدود الباكستانية, وهذه القبائل لن ترضى بوجود أي جندي أجنبي على أراضيها وبالتالي فان الحل يأتي أولا باستقرار الأوضاع في أفغانستان فإذا استقر الوضع في أفغانستان فان الوضع سيستقر في منطقة القبائل الباكستانية.

صعوبة وقف التسلل

إذن كيف يمكن وقف التسلل عبر الحدود الباكستانية الأفغانية؟

- من الصعب تحقيق ذلك رغم محاولاتنا المستميتة لوقف التسلل إلى داخل حدودنا. في الواقع هناك ثمانون ألف جندي باكستاني منتشرون على الحدود الأفغانية الباكستانية كما أن طول هذه الحدود يبلغ 24 ألف كيلو متر مربع, فبالتالي من الصعوبة بمكان السيطرة على هذه الحدود المترامية الأطراف. ولكن هذا لا يعني ترك الحدود هكذا هناك نقاط مراقبة ودوريات منتشرة ولكن التسلل من الحدود الأفغانية مازال مستمرا.

التأثر بطالبان

كيف يمكن إبعاد منطقة القبائل عن تأثير الفكر الطالباني؟

- ليس هناك فكر طالباني متكامل ومنظم في منطقة القبائل, وجميع الناس والأشخاص الموجودين في المنطقة من سكانها الأصليين, ولهم أفكارهم وايدولوجيتهم وأغلبيتهم من البشتون, وهؤلاء جميعا يحاربون القوات الاجنيبة وهناك مناطق محددة تقع تحت تأثير هذا الفكر وهي خطرة جدا وهناك مواجهات عسكرية تدور رحاها بين الجيش الباكستاني والمتعاطفين مع حركة طالبان .وإبعاد الفكر الطالباني من هذه المناطق يكمن بإنهاء وجود هؤلاء المتعاطفين والحكومة تتعامل بحذر مع الوضع لأنها لا تريد أن يكون هناك ضحايا من جانب المدنيين وفي نفس الوقت لن تسمح لهؤلاء بالسيطرة على تلك المناطق.

وأعتقد أن هناك خطة لقوات الناتو لضرب حركة طالبان في المناطق الأفغانية الحدودية وبالتالي هم يلجأون إلى الحدود الباكستانية كما أن هناك معارضة من زعماء القبائل والعلماء في أفغانستان وتحديدا في المناطق الأفغانية الحدودية المتاخمة لحدودنا. وهؤلاء العلماء لهم تأثير كبير وهم القوة الحقيقية في هذه المناطق ولهذا نحن نفتح الحوار معهم لأن الحوار سيؤدي إلى مزيد من الفهم للمشاكل.

ما هي حقيقة المشكلة في المنطقة؟

- المشكلة معقدة وصعبة ولها خلفيات حيث ان القبائل أصبحوا مقتنعين ان القوات الأجنبية في أفغانستان لها أهداف خفية وتريد السيطرة على منطقة القبائل حتى ان غير المتعاطفين مع طالبان أصبحوا يدعمونها لأنه عندما تتم عملية عسكرية لقوات الناتو في منطقة القبائل يصبح هناك شعور بالثأر وفي الثقافة البشتونية التقليدية ,في حالة قتل أي شخص من أي قبيلة هذه القبيلة تنتظر إلى حد 300 سنة للأخذ بالثأر, ولا أعتقد أنه يمكن حل القضية ما دام هناك تواجد أجنبي في أفغانستان, وبالتالي فإن الوضع لن يستقر في هذه المنطقة.

معالجة الخلل

إذ أين تكمن المشكلة؟

- المشكلة كما قلت هي في أفغانستان حيث الامتداد القبائلي اضافة الى ان هناك شريحة ترى ان التدخلات الخارجية في الشأن الأفغاني والباكستاني غير مقبول, ولهذا اعتقد ان الحكومة والمؤسسات الرسمية حريصة على معالجة هذا الخلل بهدف عدم تصعيد المواجهة وتوتير الأجواء أكثر.

هل تتوقعون ضربة أمريكية عسكرية في منطقة القبائل؟

- اعتقد أن الأمريكيين سيرتكبون خطأ استراتيجيا لو قاموا بعملية عسكرية منفردة أو مشتركة مع قوات الناتو في منطقة القبائل. لأن هذا سيقلب الطاولة وسيحدث اضطرابات واحتجاجات عارمة وسيفجر برميل البارود ولن نسمح بحدوث هذه الضربة لأننا دولة ذات سيادة والقرار هو قرارنا في النهاية.

من هم المتورطون في حالة عدم الاستقرار في باكستان؟

- أعتقد أن المتورطين هم من الدول المجاورة, وأعتقد أن هناك من يسعى إلى إحداث خلافات بيننا وبين الصين لهذا فإننا نرى أن هناك استهدافا للصينيين ولا اعتقد أن الذين يفجرون أنفسهم داخل المساجد هم غير مسلمين وأتساءل كيف يمكن لمسلم ان يفجر نفسه داخل مسجد ويقتل العشرات من المسلمين؟؟.

هل لديكم معلومات حول دخول انتحاريين إلى المدن من داخل المنطقة؟

- لا توجد لدينا معلومات, ولكن هذا ما نسمعه عن طريق التقارير الصحفية.

هل تعتقدون أن الأزمة الأخيرة أدت إلى اشتعال الوضع؟

- قد يكون هذا احد الأسباب لكن الوضع في منطقة القبائل متوتر أصلا بسبب الوضع في أفغانستان وما نأمله ان تهدأ عاصفة المسجد الأحمر وننجح في الحوار مع زعماء القبائل للوصول إلى تسوية وإعادة العمل باتفاقية السلام التي تم إنهاؤها مؤخرا.

ماذا عن العرب الذين يعيشون في بيشاور؟

- جميع إفراد الجالية العربية الذين يعيشون في بيشاور يعيشون بصفة قانونية, ولا يوجد أي مقاتلين عرب في بيشاور, واعتقد ان العرب أيضا تركوا منطقة القبائل. ولا وجود لقيادات طالبان والقاعدة في منطقة وزيرستان, واعتقد ان قوات الناتو تعطي مبررات لوجودهم هناك لشن حملة عليهم.

ماذا عن مشكلة المخدرات والأسلحة في منطقة القبائل؟

- بالنسبة للإقليم الشمالي الغربي لا توجد أي مزارع لزراعة الأفيون ولا مصانع لتصنيع الأسلحة, وفي الواقع السلاح الموجود في منطقة القبائل وأفغانستان منذ الحرب ضد الاتحاد السوفييتي, يمكن للأفغان والمقاتلين أن يستخدموها لمئة سنة قادمة.