-A +A
خالد الشلاحي (المدينة المنورة)تصوير: فهد المنصور
وأنت في مدينة خيبر حيث القلاع وسمفونية الريح تعبر فوق هامات البيوت القديمة تشعر انك في امكنة خارجة من رحم الحاضر. احسست وانا اتجول بين القلاع ان عقارب الزمن توقفت ساعة من نهار. تاريخ هذه المدينة القديمة يأسر كل من يعشق التاريخ فمعالمها تتكون من الحصون والقلاع الحصينة حصون معطرة بسيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم وامتزجت تربتها بدماء الشهداء من صحابته الكرام رضوان الله عليهم في غزوة خيبر في السنة السابعة من الهجرة. في هذه المدينة العابقة بتفاصيل التاريخ تلتقي عددا من ساكنيها ومعهم نستلهم "حوار الاماكن" حيث قال صيفي الشلالي احد سكان محافظة خيبر ان الآثار التاريخية في حاجة لعناية والاهتمام من الجهات المعنية وفي مقدمتها الهيئة العليا للسياحة.

وفي نفس السياق قال عويد العنزي ان خيبر تضم بين جنباتها معالم تاريخية تحكي نتفاً من تاريخ الاسلام ومن المفترض ان يتم الاهتمام بهذه الآثار وتعريف الاجيال بها.

شائعات وخزعبلات

فيما اوضح سليمان الرشيدي ان هناك الكثير من الشائعات والخزعبلات المرتبطة بالبلدة القديمة وبآثار خيبر حيث يروج البعض ان الحصون تعد مساكن للجن وان الاهالي في بعض الاحيان يسمعون اصواتا تصدر من طرقات البلدة القديمة مع حلول الليل ومغيب شمس كل يوم.

واضاف ان هذه الشائعات تضفي السكون والعزلة للموقع المهجور ومايضمه من حصون وقلاع ومنازل لازالت تقف صامدة منذ مئات السنين وقال ان هناك شائعات اخرى تنسب الحرائق التي تشهدها مزارع خيبر باستمرار وخلال هذا الوقت منذ كل عام بأنها من افعال سكان البلدة القديمة ويقصدون بهم "الجن".

وقال علي بن حامد رحيم وحمزة الخيبري ان الطريق المؤدي الى خيبر والذي يربطها بالمدينة المنورة موحش ويفتقد لادنى مقومات الحياة وهو في حاجة لاعادة تاهيله حتى يكون شريانا يتم الوصول عبره الى المواقع التاريخية.

واحة خصبة

وبالعودة الى تفاصيل هذا الزخم التاريخي نجد ان خيبر تقع على مسافة 170 كلم شمال المدينة المنورة وتعتبر منذ اقدم العصور ولا تزال واحة واسعة خصبة وذات عيون مياه غزيرة وتصلح تربتها لزراعة الحبوب والفواكه بانواعها وهي من اكبر واحات النخيل والاراضي والمزارع الخصبة وخيبر تعني الحصون فهي منطقة واسعة غنية بكنوزها الاثرية ذات حصون وقلاع قوية، ولازالت هذه الآثار تقف شامخة في المنطقة القديمة التي تحتضن آثار خيبر ومعالمها التاريخية، وكذلك فيها عدد من عيون المياه الجارية وتبلغ اكثر من ثلاثمائة عين لعل اهمها عين البركة والهامة والبحير واللجيجة وعين علي والصفصافة والجمة وفيها السدود التاريخية مثل سد البنت وسد الحصيد وسد الزايدية، وحصون منيعة لاتزال صامدة منها حصن ناعم وحصن النزار وحصن الوطيح وحصن الصعب بن معاذ وحصن السلالم وحصن النطاة فيما يظل حصن مرحب الاثر الرئيسي البارز بين حصون خيبر القديمة ويسمى ايضا حصن القموص.

وتحكي كتب التاريخ الموثوقة العديد من المعلومات عن هذه المعالم التاريخية التي تحتضنها خيبر وتصف الحصون في المنطقة القديمة.

حصن ناعم: وهو من حصون النطاة ويعرف حاليا بالعاصمية وهي قرية مهجورة بنيت على انقاض هذا الحصن المعروف.و حاليا يعتبر مجموعة من الصخور المتناثرة.

وحصن الصعب بن معاذ: وهو احد حصون النطاة والشق وعنده نُهي المسلمون عن أكل لحوم الحمر الاهلية وعن متعة النساء وعن كل ذي ناب ومخلب والآن عبارة عن ركامات حيث انه لم يتم ترميمه واستخدامه.

اما قلعة ابي: فهي قلعة تقع بالقرب من حصن الصعب بن معاذ الى الغرب منه وتطل على الوادي من جهتيه الشمالية والغربية.

وحصن السلالم: وهو عبارة عن قلعة لا يبقى منها الا بعض الأساسات ويشرف على ركامات يظهر انها بقايا قرية قديمة وبالقرب منها بعض المنازل التي كانت مسكونة مؤخرا وتعرف اليوم بـ"سلالين"

وحصن الوطيح: يقع على مساحة واسعة من الحرة وهو عبارة عن قرية متكاملة على آثار الحصن المعروف بالوطيح وتسمى حاليا بقرية مكيدة.

حصن النزار: من أكبر القلاع مساحة وامنعها ويقع في أدنى المنطقة المعروفة بالشق والتي تسمى حاليا (الروان) وهو حاليا عبارة عن قرية متكاملة مهجورة.

اما فيما يتعلق بحصن القموص فهو اشهر الحصون في خيبر ويعرف بـ(الحصن) وبحصن خيبر أو حصن مرحب وذلك لشهرته واسمه الفعلي حصن القموص ويشرف مباشرة على خيبر القديمة ويوفر الحماية لها.

وجميع الحصون في حاجة الى اعادة ترميم وحماية لانها كنوز لا تقدر بثمن. كما أن من آثار خيبر السدود ومنها (سد البنت) الاثري يقع جنوب شرق الثمد وهو اكبر من سد الحصيد حيث يبلغ طوله 250 مترا وارتفاعه يصل الى 30 مترا. وقد تهدم جزء منه ويحتاج الى إصلاح وبوابات.

سد الحصيد الاثري: يقع شرق الثمد على احد روافد وادي الغرس ويبلغ طوله 6م وارتفاعه 60م ويحجز خلفه الماء في شعب الحصيد وقد يبلغ طوله عدة كيلو مترات، وهناك سدود أصغر مثل سد المشقوق، وسد الزايدية.

كما تزخر خيبر بالنقوش والكتابات القديمة سواء في الحصون او المواقع المندثرة ولاسيما في القرى مثل قرية العين، وقرية مكيدة وقرية النطاة كما ان تنوع جبال خيبر امر يثير الدهشة فهناك جبل يسمى (ذو الرقيبة) لكونه يشبه الرقبة، كما يوجد في شرق خيبر جبل القدير وقد سميا بذلك لان قمة كل منهما تشبه القدر وقد كانا نتيجة ثوران احد البراكين في منطقة خيبر حيث سالت الحمم البركانية في كل الاتجاهات وذلك عام 1800م حيث يعتبر ذلك احدث بركان في الجزيرة العربية، والسائح في محافظة خيبر سيجد تنوعا ثقافيا وعلميا مع ذكريات لا تنسى عن هذه المحافظة.

عهد زاهر

اما اليوم فتعيش خيبر عهدا زاهرا وحياة اجتماعية واقتصادية جيدة وتتبع لها قرى عديدة تربطها شبكة من الطرق المعبدة، كما حققت محافظة خيبر تطورا في كافة مجالات التنمية في التعليم والصحة كما ان هناك نموا عمرانيا مع وجود نمو في الرصيد البشري.

وتشمل محافظة خيبر اضافة الى مدينة خيبر مدنا صغيرة تابعة لها منها الثمد، العشاش ، والصلصلة اضافة الى مجموعة من القرى مابين كبيرة وصغيرة منها : اللحن، ام هشيم، العرايد، بدائع عشراء، سمحة، العيينة، الخيال، العقيلة، الجرف، رحبة الحسيني، المضاويح، جدعاء، غمرة، العين، الزبران، والسرير (الديسة).