-A +A
جبير بن محمد بن جبير
من بين الأخبار التي سمعتها عن العراق.. الخبر التالي: (مصرع 11 وجرح 31 آخرين في هجوم انتحاري بمدينة بغداد). أوردت هذا الخبر قناة إخبارية «عربية» كبرى، ومن المؤكد أن الخبر تردد في بقية القنوات الأخرى بنفس الأسلوب المقتضب، فلم يعد خبر كهذا بالغ الأهمية لدى وسائل الإعلام، ويكتفى بإيراده في نشراتها الإخبارية، ووضعه في الشريط الإخباري أسفل الشاشة ليتردد طوال ذلك اليوم، في انتظار خبر مماثل في اليوم التالي، فلم تعد القنوات الفضائية قادرة على متابعة وتحليل مثل هذا النوع من الأخبار أو إرسال موفديها إلى مكان الحدث..! فما يجري في العراق من أحداث متوالية أسرع من متابعتها.
لكن تخيلوا لو جرى مثل هذا الحدث في إحدى الدول الأوروبية أو أمريكا فإن الدنيا تقوم ولا تقعد على كافة الصُعد الشعبية والإعلامية والدبلوماسية، وقد تتجه الأساطيل البحرية وناقلات الطائرات وتوجه الصواريخ العابرة للقارات صوب بعض الدول المشكوك في أمرها.

المتلقي العادي لما يجري في العراق أيضاً لم يعد يثيره خبر كهذا! ولا يحرص على متابعته، ولا يتألم له كما في السابق، وكأني به يريد خبرا أكثر إثارة من هذا الخبر المثير.. كتحطيم الرقم القياسي لعدد القتلى في التفجير الواحد أو أسلوب مبتكر في تنفيذ الهجوم كما يحدث في استوديوهات هوليوود!
الأخبار الواردة من العراق تقول (إن صدقت) إن هناك أكثر من عشرين ألف انتحاري من مختلف الجنسيات (يذكر أن العراقيين يأتون في المرتبة الثانية) على أهبة الاستعداد لتنفيذ عمليات انتحارية داخل العراق! وكل طائفة لديها ترسانتها الخاصة! هذا السلاح البشري «الفتاك» يمثل خطرا كبيرا على دول الجوار ودول جوار الجوار، والمفترض بتلك الدول والدول الفاعلة الحرص على نزع هذا السلاح «الفلتان». فهذه الأجساد البشرية الملغمة قادرة على حمل كافة الأسلحة بما فيها الرؤوس النووية بدلا من أصابع الديناميت، ولا يمكن نزعه والحد من تناميه إلا بسرعة استقرار الوضع الأمني في العراق.
يجب أن نستشعر أن هذا الخطر قادم إلى الجميع لا محالة ويتهدد شعوب المنطقة والعالم أجمع، ومن يظن أن هؤلاء الانتحاريين يحققون أيا من أهداف الأنظمة الحاكمة أو المعارضة لها فهو مخطئ لأنهم سرعان ما ينقلبون على أعقابهم على تلك الأنظمة ومعارضيها بل وعلى بعضهم البعض. ويكفي بالنموذج الأفغاني عظة ودرسا.
Dr.jobair@gmail.com